يشمل التصويت وعملية سن القوانين

الديمقراطية الأميركية متعبة وبحاجة إلى إصلاح آلياتها

صورة

كان توقيع الرئيس الأميركي جو بايدن على مشروع قانون تحفيز، بقيمة 1.9 تريليون دولار، الأسبوع الماضي، بمثابة مقامرة اقتصادية؛ على التضخم والاحتياطي الفيدرالي وأسواق رأس المال. والديمقراطيون، رغم أنهم يسيطرون على الكونغرس والبيت الأبيض، فإنهم لا يمكنهم تمرير سوى مشروعات قوانين قليلة جداً للميزانية، بموجب إجراء يُعرف باسم «التوافق» بين الحزبين. ويمكن حظر أي تشريع آخر من قبل المؤسسة التشريعية، ويمكن استخدام «المماطلة» والمطالبة بأغلبية ساحقة، من 60 صوتاً، في مجلس الشيوخ، لتمرير القوانين. ونظراً لأن تداعيات «كورونا» لا يمكن توقعها، يجب أن يكون التحفيز المالي كبيراً بما يكفي للتعامل مع المتغيرات الجديدة للفيروس التاجي.

أولويات

ولأن الإدارة قد لا تحصل على فرصة أخرى، تم وضع الخطة ضمن الأولويات. وبموجب القواعد، لم تكن الخطة خاضعة للتدقيق في لجان مجلس الشيوخ، ولم يقدم الجمهوريون أي إسهام. لذا يمكن القول بأنها طريقة مروعة لتمرير القوانين في الديمقراطية الرائدة بالعالم.

والكونغرس ليس المؤسسة السياسية الوحيدة التي تتعرض للضغط؛ فنظام الانتخابات، أيضاً، يواجه الضغوط نفسها. وبعد فوز دونالد ترامب، في عام 2016، اعتقد بعض الديمقراطيين أن روسيا تلاعبت بالنتيجة. وبعد هزيمة ترامب عام 2020، قبلت أغلبية كبيرة من الجمهوريين ادعاءه، الذي لا أساس له، بأن التصويت قد سُرق بطريقة ما. وبدافع من هذه القناعة، قدم الجمهوريون في 45 ولاية، منذ ذلك الحين، مشروعات قوانين لتشديد قوانين الانتخابات.

من جانبهم، وافق الديمقراطيون، في مجلس النواب، على مشروع قانون، الذي إذا تم سنه فسيكبح جماح الجمهوريين في الولايات، من خلال فرض معايير التصويت الفيدرالية. لكن مشروع القانون لن يمر عبر الكونغرس، طالما أن مجلس الشيوخ لديه صلاحية «المماطلة».

وهكذا، فإن مهمة إصلاح الديمقراطية في أميركا، تشتبك مع التصويت في مجلس الشيوخ، والتصويت في البلاد ككل. وعندما تصاب السياسة بسوء نية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع. وإذا أصبحت قواعد السياسة هي المجال الرئيس للنزاع، فقد يبدو النظام نفسه غير شرعي للناخبين. ومع ذلك، فقد فات الأوان للقلق بشأن ذلك. كما يوحي الهجوم على الكونغرس، في 6 يناير، فإن الصراع على الإجراءات ونظام التصويت جارٍ بالفعل. ويجب أن تظهر أميركا، وهي قادرة، بشكل أفضل على حكم نفسها دون اللجوء إلى فواتير ضخمة تصدر مرة واحدة في كل جلسة.

تخفيف الحوافز

نتيجة لذلك، يمكن تخفيف الحوافز التي تكافئ التحزب، بما في ذلك من خلال إصلاح عملية التصويت. لكن الديمقراطية الأميركية تبدو متعبة؛ ففي عام 2010، منحت منظمة «فريدوم هاوس»، وهي وكالة تصنيف للديمقراطيات، بإعطاء أميركا 94 من 100؛ وهو أحدث تصنيف لها. وتضع شركة «إيكونوميست إنتليجنس يونيت» أميركا بالمرتبة 25 في تصنيفاتها، خلف الديمقراطيات الأصغر سناً، والتي ساعدت الولايات المتحدة في إنشائها، مثل: ألمانيا، واليابان، وكوريا الجنوبية. بل إن حكم الناخبين الأميركيين، وهو الأمر الأكثر أهمية، أشد قسوة.

ووفقاً لمركز «بيو» للأبحاث، وهو مؤسسة بحثية، فإن نسبة الذين يثقون بالحكومة الفيدرالية، دائماً، أو في معظم الأوقات قد انخفضت إلى 20% فقط، مقارنةً بنتائج من 30 إلى 50%، في عهد الرئيس السابق رونالد ريغان. ومن الأشياء التي زادت الأمر سوءاً «المماطلة» السياسية، وهي ممارسة أصبحت المؤسسة التشريعية تعتمد عليها، بشكل متزايد، منذ القرن الماضي. ويطالب الكثير من البرلمانات، حول العالم، بأغلبية ساحقة لتغيير الدستور، لكن لا توجد مثل هذه المطالب في ما يخص التشريع الروتيني. وعلى الرغم من ذلك، فإن أنصار «المماطلة» في الكونغرس، وكثير منهم من المحافظين، يرون وجود عائق أمام التسرع في سن القوانين. ويقولون إن إلغاء هذه الممارسة سيؤدي إلى تغيير التشريعات بعد كل انتخابات.

المماطلة

ومن خلال جعل عملية سن القوانين صعبة للغاية، غالباً تمنع «المماطلة» التغييرات. والدليل على ذلك هو حقيقة أنه، باستثناء تشريع الطوارئ الخاص بفيروس «كوفيد-19»، تمكنت إدارة ترامب من الحصول على مشروع قانون واحد، فقط، من خلال الكونغرس؛ والمتمثل في تخفيض ضريبي، الذي يخضع، أيضاً، للتسوية.

ومن خلال تفضيل الركود في سن التشريعات، تتحول السلطة من الفرع التشريعي إلى الرئيس والمحكمة العليا، الأمر الذي يثير قلق المحافظين، أيضاً.

والادعاء أن «المماطلة» تشجع على الشراكة بين الحزبين لم يعد صحيحاً. وباستثناء قانون فيروس «كورونا»، لم يتم تمرير أي مشروع قانون بأغلبية من الحزبين، في مجلس الشيوخ، منذ أكثر من عقد. وفي بعض الأحيان يكون عدد قليل من الديمقراطيين أو الجمهوريين منفتحين على التصويت مع الجانب الآخر، لكن ليس بما يكفي للحصول على 60 صوتاً. وبدلاً من تسليم السلطة للمعتدلين، غالباً تأخذها «المماطلة» بعيداً عنهم.

خطر الركود

إن خطر الركود في سن القوانين حقيقي، لكن الديمقراطيات الأخرى تبدو قادرة على تحمله. وفي الواقع، يُعد إصدار التشريعات جزءاً حيوياً من كيفية مساءلة الناخبين للحكومات. ويجادل الجمهوريون بأن تغييراتهم ستحمي الانتخابات، لكن يبدو أن العديد منهم يحاولون تغيير القواعد لمصلحتهم. وفي جورجيا، على سبيل المثال، أقر الجمهوريون مشروع قانون يقيد التصويت، يوم الأحد، والتي كانت صدفة مذهلة لأن العديد من الأميركيين الأفارقة يذهبون إلى الكنيسة.


- باستثناء قانون فيروس «كورونا»، لم يتم تمرير أي مشروع قانون بأغلبية من الحزبين، في مجلس الشيوخ، منذ أكثر من عقد.

- مهمة إصلاح الديمقراطية في أميركا تشتبك مع التصويت في مجلس الشيوخ، والتصويت في البلاد ككل. وعندما تصاب السياسة بسوء نية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع. وإذا أصبحت قواعد السياسة هي المجال الرئيس للنزاع، فقد يبدو النظام نفسه غير شرعي للناخبين.

تويتر