لم يتطرّق مطلقاً إلى موضوع محاكمته

ترامب استغل خطاب حالة الاتحاد ليعــلن عن أهميـــة إنجازاته

صورة

 كان خطاباً يتسم بروح المنتصر، ألقاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مشهد من المفروض أن يتسم بالتواضع والاحترام. لقد كان خطاب «حالة الاتحاد» الذي ألقاه الرئيس بدعوة من رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، يقصد به الاعتراف بأهمية مكانة الكونغرس، ولكن الرئيس ترامب استغله للترويج لأهمية مكانته.

ولم نسمع أي شيء عشية إلقاء الخطاب عن «المذبحة الأميركية» التي وصفها ترامب في خطاب دخوله البيت الأبيض. وحسب توصيفه فقد عمل على إصلاح كل الأشياء السلبية في الولايات المتحدة. وقال في خطابه: «خلال ثلاث سنوات قصيرة، حطمنا ذهنية أميركا المتجهة نحو الأسوأ، ورفضنا دفع الأميركيين نحو مستقبل معتم»، وأضاف ترامب «نحن نتقدم نحو الأمام بوتيرة لم يكن بالإمكان تخيلها قبل فترة قصيرة، ولن نرجع إلى الخلف»، ولكن نصف الشعب الأميركي لا يحبون شيئاً أكثر من العودة إلى فترة ما قبل ترامب، بيد أننا نعيش في هذه المرحلة التي وصلنا اليها.

ولم نسمع في الخطاب أي شيء عن محاكمة الرئيس في الكونغرس. وتظاهر ترامب بأنه لم يلحظ مشاعر البغض السيئة التي طغت على عناوين الصحف، والتي أثارت غضب الكونغرس لأشهر عدة، تماماً كما فعل الرئيس السابق بيل كلينتون خلال خطاب حالة الاتحاد عام 1999.

ونسب ترامب الفضل لنفسه عن كل الإيجابيات التي تمت خلال وجوده في البيت الأبيض، في حين نسب كل السلبيات للإدارة السابقة. وأثنى على نفسه لأنه خفض معدل البطالة، وهو الأمر الذي حدث بالمعظم في ظل إدارة سلفه باراك أوباما. ونسب لنفسه الفضل بجعل الولايات المتحدة في طليعة دول العالم المنتجة للنفط والغاز، وهو الأمر الذي تم في ظل إدارة أوباما أيضاً. وتعهد أن إدارته ستضمن دائماً الضمان الصحي لأولئك الذين يعانون ظروفاً سابقة، على الرغم من أن إدارته كانت تحاول إلغاء القانون الذي يقدم الضمان الذي تحدث عنه.

وادّعى ترامب أن الدولة تشهد ازدهاراً في عمال المصانع، وهو عبارة أعتقد أننا سنسمعها لمرات عدة خلال الحملة المقبلة.

وقال ترامب: «يجب إنشاء جدار مرتفع جداً وطويل» على طول الحدود مع المكسيك، وربما أنه لم يسمع بأن جزءاً من الجدار الموجود حالياً انهار نتيجة الرياح العاتية. وعمد إلى شيطنة المهاجرين غير الشرعيين، كما هي العادة. وقطع الخطاب كي يتحدث عن قيام السيدة الأولى ميلانيا ترامب بتقديم وسام الحرية الرئاسي لمقدم البرامج في الراديو، راش ليمبوغ، الذي أعلن أخيراً عن إصابته بحالة متقدمة من سرطان الرئة. ومن المعروف أن خطاب حالة الاتحاد يكون دائماً عن جميع بقاع الدولة، ولكن هذا الخطاب كان أكثر من العادي، اذ إنه بدا وكأنه حلقة من حلقات تلفزيون الواقع.

لقد كان ترامب يتحدث عشية تبرئة محددة في محاكمة لعزله، ولكنه وقف أمام مجلس النواب «الذي صوّت لتوجيه تهمة إساءة استخدام السلطة وإعاقة عمل الكونغرس إليه»، والكونغرس لايزال ضمن عملية اتخاذ قرار لتحديد مصيره، ليكون ثالث رئيس في التاريخ الأميركي الذي تتم محاكمته، وهي نقطة سوداء لا يمكن أن تمحى أبداً من سجله. وقام أعضاء الكونغرس الموالون لترامب بمنع الشهادة التي كان سيقدمها مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون الذي فصله ترامب من منصبه، والتي يمكن أن تكون مدمرة بالنسبة لترامب، ولكن من المؤكد أن بولتون سيقول ما لديه قبل الانتخابات المرتقبة. وكان معدل قبول ترامب الشعبي البالغ 49%، حسب شركة غالوب لاستطلاعات الرأي، هو أعلى معدل يحصل عليه طيلة وجوده في السلطة، لكنه يظل الرئيس الوحيد في التاريخ الأميركي الذي لم تصل نسبة قبوله وهو في السلطة إلى أكثر من 50%، حسب غالوب.

بطالة منخفضة وأسهم مزدهرة

وصحيح أن البطالة منخفضة كما أن سوق الأسهم مزدهرة، ولكن الاقتصاد ينمو بنسبة 2.3% أي بأقل من نصف ما وعد به الرئيس.

وخلال تعهدهم بمنح ترامب التبرئة التي طالب بها، عمد أعضاء الكونغرس من الجمهوريين إلى توسيع سلطاته التنفيذية إلى حد كبير. وهو محاط في البيت الأبيض بمجموعة من المنافقين المطواعين الذين يفعلون كل ما يأمرهم به دون أي جدال. ولكونه تمكن من التهرب من تقديم كل الوثائق المطلوبة والشهادات اللازمة لمحاكمته وعزله، لماذا يتعين على ترامب أن يظهر أي احترام للكونغرس، ولهذا فانه يتعامل معه باعتباره مجرد أضحوكة. وماذا يمكن أن يفعله له الكونغرس حيال ذلك؟ ربما محاكمته.

يوجيني روبنسون كاتب مقال في «واشنطن بوست»


تضخم الأنا

يتميز الرئيس دونالد ترامب بأنه يحمل نقطة سوداء تتمثل في «الأنا» المتضخمة لديه. ولابد من الإشارة إلى أن حقيقة إنه سينضم الى الرئيسين أندرو جونسون وبيل كلينتون في كتب التاريخ باعتبارهم الرؤساء الذين تمت محاكمتهم، تعتبر مزعجة. ونظراً إلى أن كل شيء يعتبره ترامب شخصياً بالنسبة له، يمكننا أن نتخيل كيف شعر وهو واقف في قاعة مجلس النواب مع المرأة التي نسقت عملية محاكمته، وهي رئيسة المجلس نانسي بيلوسي من الحزب الديمقراطي، والتي كانت تنظر أمامها من فوق كتفه الأيسر. وعندما اقترب من المنصة التي جلست فيها بيلوسي رفض مصافحتها بعد أن مدت يدها له. وبعد أن أنهى ترامب خطابه قامت بتمزيق نسختها من الخطاب.

ولو أنه كان رئيساً آخر فربما كان سيستغل هذه المناسبة ليعتذر للأمة عن فعلته السيئة التي دفعت به المحاكمة. ولكن ترامب لن يضع نفسه في موقف المتواضع. ولذلك علينا نحن أفراد الشعب العاديين أن نقوم بهذا العمل.

خلال تعهّدهم بمنح ترامب التبرئة التي طالب بها، عمد أعضاء الكونغرس من الجمهوريين إلى توسيع سلطاته التنفيذية إلى حد كبير.

كان معدل قبول ترامب الشعبي البالغ 49%، حسب شركة غالوب لاستطلاعات الرأي، هو أعلى معدل يحصل عليه طيلة وجوده في السلطة، ولكنه يظل الرئيس الوحيد في التاريخ الأميركي الذي لم تصل نسبة قبوله وهو في السلطة إلى أكثر من 50%، حسب غالوب.

تويتر