شدّد على أن المشكلة الأعقد من «النهضة» تخطيط إثيوبيا لإقامة 27 سداً جديداً

خبير مائي: مصر وإثيوبيا بحاجة إلى اتفاقية مياه شاملة جديدة

صورة

أكد الخبير المائي، أستاذ الجيولوجيا بكلية الدراسات الإفريقية في جامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، أن خارطة طريق مصر في أزمتها مع إثيوبيا في قضية «سد النهضة» شديدة الوضوح، تبدأ بالمفاوضات الثنائية بين البلدين، وتصل في حال إخفاقها الى طلب وساطة طرف ثالث، ثم تنتهي اذا لم يتم التوصل إلى حل عبر مجلس الأمن، حيث تثق مصر بسلامة موقفها القانوني في كل الخطوات. وشدد شراقي على ضرورة تعميق مفاوضات مصرية سودانية، للوصول الى موقف موحد، ليس فقط لان مصلحة القطرين الشقيقين واحدة على المستوى البعيد، بل ايضاً لانهما يملكان وضعاً قانونياً واحداً بحكم اتفاقية 1959، لافتاً الى ضرورة ان تركز مصر على السعي لإبرام اتفاقية مياه شاملة جديدة مع إثيوبيا، لأنه ما ان تنتهي أزمة سد النهضة على أي وجه، ستبرز بعدها سلسلة أزمات لا تنتهي بسبب تخطيط إثيوبيا لإقامة 27 سداً جديداً، أحدها تم الشروع فعلاً في تخطيطه وارساء مقدماته، وهو وضع لن يتم حله بشكل جزئي عبر الدعوة لمفاوضات لكل سد على حدة.

وقال شراقي لـ«الإمارات اليوم»، إن «المفاوضات الجارية في واشنطن بحضور الادارة الأميركية، والبنك الدولي، ستركز على تقريب وجهات النظر في ما يخص البنود الستة الخاصة بـ(سد النهضة) التي تمت بلورتها في الاجتماع الاخير، والتي يمكن اختصارها في تشغيل الملء الأول، وتشغيل الملء المتكرر، وحق مصر والسودان في الوجود أو عدم الوجود فيه، وتحديد آلية حل النزاعات».

وأشار شراقي إلى أن «الوقت ضيق جداً، والمفاوضات صعبة، وبناء السد متواصل، بما يستلزم التركيز على النقاط الجوهرية الثلاث المشار اليها، وقد كان المفاوض المصري مصراً في البداية على نقاش سلامة السد، لكن اثيوبيا قالت إنها متأكدة من دراساتها وتصميماتها، وهدد التمسك بهذا المطلب بانهيار المفاوضات، فتضمن إعلان المبادئ 2015 اشادة بجهودها في تحقيق أمان السد، حرصاً من مصر على النفاذ الى قلب الأزمة».

واعتبر شراقي أن «خارطة طريق مصر في حل الأزمة واضحة، فهي ستواصل المفاوضات الجارية، فاذا لم يتم التوصل الى حل ستتجه الى فكرة الوسيط، والذي من الأرجح ان يكون اما الولايات المتحدة الأميركية أو البنك الدولي، ومن المستبعد ان تكون جنوب إفريقيا، كما نسب الى اثيوبيا، نظراً الى ان جنوب افريقيا لا تملك الخبرة العلمية، ولا أدوات الضغط الكافية، ولا المعرفة المتراكمة لحل الأزمة، على عكس الطرفين المشار اليهما المنخرطين بشكل او بآخر في الملف المائي لحوض النيل منذ الستينات على الأقل، كما يستبعد ان يكون روسيا أو الصين لامساك الولايات المتحدة بالملف». وتابع شراقي أنه «في حال فشل الوساطة، فمصر ستتجه الى مجلس الأمن ومعها كل أوراقها، فهي لديها تقرير الخبراء الدوليين بالأخطار التي يمثلها السد، والذي يشير انه بُني بمواصفات تفوق من حيث حجمه سبعة اضعاف مواصفات دراسات جدواه الأصلية، والذي يؤكد - أي التقرير - ان خطورة السد تهدد السلم والأمن الدوليين، كما ان مصر تملك شهادة مراقبين عن قبولها بالمفاوضات رغم استمرار بناء السد، كما ان لديها أرضية قانونية صلبة تتمثل في إبرامها اتفاقاً مع اثيوبيا عام 1881 يمنع الأخير من بناء سدود على النيل الأزرق دون استشارة مصر، واتفاقات أخرى عام 1891، 1902، تؤكد المعنى ذاته، كما أن (قانون الأنهار العابرة للحدود) لسنة 2014 الصادر عن الأمم المتحدة، والذي وقعت عليه 134 دولة حتى الآن يحظر اقامة دول المنبع لسدود دون استشارة دول المصب، وهو قانون حتى اذا كان لا يملك قوة تنفيذية في قضية سد النهضة، لعدم توقيعه من دول حوض النيل، إلا أنه يملك قوة إشارية أو استدلالية أو عرفية».

أهمية إبرام اتفاقية مائية

وأكد شراقي «أهمية إبرام اتفاقية مصرية اثيوبية مائية شاملة، تنظم العلاقة المائية بين البلدين على المدى الاستراتيجي، بحيث لا تصبح في مهب الرياح لدى كل تطور جديد»، مشدداً على «أن إثيوبيا تخطط لإقامة 27 سداً جديداً، من بينها ثلاثة سدود ستمثل تماساً مع المصالح المائية، كونها مماثلة لسد النهضة، من ضمنها سد تم فعلاً الشروع في تخطيطه، وربما تنفيذه. هذه الاتفاقية يجب أن تراعي كل الاعتبارات، فمن جهة لا ينكر المفاوض المصري حق إثيوبيا في التنمية والحصول على الكهرباء، لكن في المقابل هناك واقع نوعي وفريد لمصر، وهو كونها دولة المصب الوحيدة في حوض النيل التي تعتمد على الماء بشكل أساسي، من خارج حدودها».

الوضع المائي مطمئن

أكد د. عباس شراقي أن «مصر في كل الأحوال ليست في وضع مائي خطر، بفضل السد العالي وما يمتلكه من احتياطات مائية هائلة، وبفضل طبيعة الأراضي الجيولوجية الجبلية التي يمر بها النيل الأزرق في إثيوبيا، والتي لا يجعلها تتشرب المياه، لكن هذه الوضعية وإن كانت تعطي ثقة وطمأنينة لمصر في إدارة ملفها المائي، لكنها لا يمكن ان تتحول الى مبرر للتخلي عن حقوقها المائية وحقوق الأجيال».


- خارطة طريق مصر في حل الأزمة واضحة، فهي ستواصل المفاوضات الجارية، فاذا لم يتم التوصل إلى حل ستتجه إلى فكرة الوسيط، الذي من الأرجح أن يكون إما الولايات المتحدة الأميركية أو البنك الدولي.

تويتر