مستعدة لعمل أي شيء للحفاظ على نفوذها

تدخّل إيران في الشرق الأوسط سيؤدي إلى مزيد من العنف

الميليشيات المتحالفة مع إيران تستهدف المحتجين في العراق. أرشيفية

الانتفاضة التي تجتاح لبنان والعراق، لها شكل ومظهر المهرجان، يمكن رؤية الشباب وهم يرقصون ويحتفلون طوال الليل، ولا توجد قيادة مركزية للمحتجين، لا توجد قيادة معترف بها، ولا توجد أعلام أو علامات سياسية، ينظم المتظاهرون أنفسهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ومع ذلك، فإن مطالبهم ليست أقل من أن تكون ثورية. إنهم يدعون إلى استقالة النخبة السياسية في بلادهم بأكملها. تذكرنا صور الاحتجاجات بما يعرف بسلسلة المظاهرات المؤيدة للديمقراطية والانتفاضات، وفي بعض الحالات التمردات المسلحة التي هزت الشرق الأوسط قبل ثماني سنوات. هذه الحركة، رغم ذلك، تجاوزت لبنان والعراق.

تجد العديد من الدول في شمال إفريقيا، والشرق الأوسط الأوسع، نفسها في فترة من الاضطرابات تذكرنا بالثورات التي انتشرت في جميع أنحاء أوروبا عام 1848. يطالب الجيل الجديد بمزيد من المشاركة، خصوصاً في المجالات الاقتصادية، مع دخوله سوق العمل، إنه أفضل تعليماً من أسلافه، ومتصل بشكل أفضل، لكنّ لديه فرصاً أقل من آبائه وأجداده. تعتمد اقتصادات هذه البلدان اعتماداً كبيراً على الدولة، ولا توجد ببساطة فرص عمل كافية تلبي حاجات الجميع. وفي الوقت نفسه ترى القوى الإقليمية المتنافسة أن الانتفاضات تشكل تهديداً للنظام الحالي.

في العراق ولبنان القوة المهيمنة هي إيران، التي ترى أن مصالحها تتعرض للخطر بشكل مباشر بسبب الانتفاضات هناك، كما كانت في سورية عام 2011.

آية الله خامنئي، وهو أقوى رجل في إيران، توجه إلى «تويتر» في 30 أكتوبر، ليعبر عن موقفه من الاحتجاجات الأخيرة، قائلاً: «مطالب الناس لها ما يبررها، لكن عليهم أن يعرفوا أن مطالبهم لا يمكن الوفاء بها إلا ضمن الهيكل والإطار القانوني لبلدهم»، متابعاً: «عندما يتم تعطيل الهيكل القانوني في بلد ما، لا يمكن القيام بأي إجراء»، لقد جلب هذا البيان السخرية لأن النظام الذي يقوده خامنئي وصل إلى السلطة قبل 40 عاماً بفضل ثورة على الحكم القائم آنذاك. ومع ذلك فهو يسعى لتشويه سمعة الانتفاضات الأخيرة.

للمرة الأولى، تحدث اضطرابات في بلدين من الشرق الأوسط ليس بهما حاكم دائم وقوي، على العكس من ذلك، يعتبر رئيس وزراء لبنان، سعد الحريري، المستقيل أخيراً، ضعيفاً على نطاق واسع. وينطبق الشيء نفسه على رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، الذي تقترب فترة ولايته من نهايتها، ومع ذلك فإن الاحتجاجات ليست موجهة ضد أي شخص بعينه، لكن ضد النظام بأكمله.

العراق ولبنان بَلدان يتم انتخاب البرلمانات فيهما على أساس المحاصصة الطائفية. أقوى اللاعبين في العراق ولبنان هم قادة الأحزاب والميليشيات في آن واحد؛ وغالباً ما تكون ميليشياتهم أقوى من الجيوش الوطنية لبلادهم، هذا أيضاً بفضل دعم إيران السخي.

يدعم النظام الإيراني أقوى الفصائل في العراق ولبنان. استخدمت طهران بذكاء وصبر المصالح المعقدة في كلا البلدين لمصلحتها من أجل تعزيز النفوذ الكبير. رغم أن الاحتجاجات في لبنان موجهة ضد النخبة السياسية برمتها، فإن «حزب الله»، شريك إيران، قد يخسر الكثير. ربما يكون «حزب الله» نفسه قد بدأ حركة ثورية، قبل عقود، لكن قيادته اندمجت الآن في النسيج السياسي اللبناني. ويحاول زعيم الميليشيا، حسن نصرالله، المراوغة لبعض الوقت، لكن المواجهة بين «حزب الله» والمتظاهرين تبدو غير مرجحة.

لبنان بلد صغير تركت فيه سنوات الحرب الأهلية ندوباً عميقة. علاوة على ذلك فإن العديد من المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشارع ينتمون إلى الحزب ذاته.

في العراق، من ناحية أخرى، تم بالفعل إطلاق النار على أكثر من 250 متظاهراً وقتلهم، وغالباً ما يستهدف القناصة منطقة الصدر والرأس. وقد تم اعتقال المئات. تُذكرنا هذه التطورات بالقمع الدموي للاحتجاجات الجماهيرية التي وقعت في إيران عام 2009، ومن المحتمل ألا يكون التشابه من قبيل المصادفة. من المفترض أن قائد «قوة القدس» في إيران، قاسم سليماني، قدم دعمه لحلفائه في بغداد. ويقال إن وحدات من «الجيش الشعبي»، وهي منظمة تشمل ميليشيات عدة، بعضها متحالف مع طهران، مسؤولة عن عمليات القتل.

العراق له أهمية كبيرة بالنسبة لإيران. يشترك البلدان في حدود تمتد لمسافة 1500 كيلومتر تقريباً. لن يدخر النظام الإيراني جهداً لحماية أو توسيع نفوذه الذي حصل عليه بشق الأنفس؛ حتى لو تكلف ذلك حرباً أهلية جديدة.


مشكلات ملهمة

المشكلات التي ألهمت الكثير من الشباب اللبناني والعراقي للنزول إلى الشوارع، مماثلة لتلك التي واجهتها بلدان عربية في أواخر عام 2010. يرفض المتظاهرون الآفاق الاقتصادية المظلمة، ويشيرون إلى الفساد المتفشي. لكن الوضع في كل بلد مختلف، تبعاً لذلك، وكذلك وتيرة ومسار التطورات هناك. بالنسبة للعراق على وجه الخصوص، الأمور لا تبدو جيدة.

1500

كيلومتر، الحدود المشتركة بين العراق وإيران.

250

متظاهراً قُتلوا على يد قناصة في العراق.

تويتر