القتلى تسيل دماؤهم هباء ولن يكونوا خبراً بمحطات التلفزة الأميركية

الإبادة الجماعية في أفغانستان ناجمة عن التعصب القومي للبيض

جنود أميركيون في إقليم لوغار بأفغانستان. أرشيفية

قام جندي من الأميركيين البيض المتعصبين يتحكم بطائرة بلاطيار بقتل نحو 30 شخصاً من الأفغان، أخيراً. وكان جميع القتلى من غير البيض، ومنهم الأطفال واليافعون، والذين يضجون حيوية وأمامهم مستقبل كبير. ولكن تم حرقهم. والأسوأ من كل ذلك، أنهم قتلوا لأنهم أفغان. وتحدثت الصحافة عن أعمال القتل هذه، واعترف أحد المرشحين للرئاسة من الحزب الديمقراطي بهذه الوفيات. ولكن هؤلاء كانوا من الأغراب الذي سال دمهم هباء، وبالطبع لن يكونوا خبراً في محطات التلفزة الأميركية، على الأقل ليس في هذا الوقت الذي تكشف فيه وسائل الإعلام عن مسؤولية الرئيس الأميركي، في نهاية المطاف، عن أعمال القتل هذه.

وعادة ما تكون قدرة الإنسان على التعاطف محدودة، إضافة إلى أن المكان الذي وقع فيه القتل يبعد عنا آلاف الأميال، في سياق احتلال تقوم به الولايات المتحدة لأفغانستان منذ 20 عاماً، ونادراً ما نسمع خبراً إيجابياً من هناك، كما أن الأمور السيئة التي تقع للأجانب نادراً ما يتم ذكرها على وسائل الإعلام.

وفي الحقيقة، ثمّة خلاف بين القتل الجماعي بإطلاق النار في إيل باسو، ولاية شيكاغو، حيث قتل كثيرون بدافع عنصري، ومن قتل عن طريق الخطأ عندما أطلق طائرة بلا طيار. ولكن هذا الاختلاف لا يمكن أن تفهمه الضحايا التي قضت نحبها. ولكن التطرف الأبيض لا يمكن أن يكون بعيداً عن أعمال القتل التي تزايدت في أفغانستان خلال العام الماضي، والتي يعانيها أولئك الأشخاص الذين يعيشون تحت رقابة القوات الجوية الأميركية.

وتوضح الإحصاءات ذلك جيداً، فقد قامت الأمم المتحدة بإحصاء مقتل 363 شخصاً في النصف الأول من هذا العام، نتيجة غارات الطيران الأميركي. ومعظم المدنيين الذين قتلوا في أفغانستان كانوا ضحايا الولايات المتحدة وحلفائها.

يحدث هذا غالباً، لأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو رجل متعصب جداً للبيض، ولا يهتم لموت الأفغان، ورفع القيود التي لم تكن كافية في عصر الرئيس باراك أوباما، التي يقصد بها حماية المدنيين من الجحيم الأميركي. ويؤكد ترامب أنه لا يرغب في قتل الملايين من الأفغان، ولكنه كرر أكثر من مرة أنه يستطيع «مسح البلد عن وجه الأرض خلال 10 أيام فقط».

وفي الواقع، فإن فكرة الإبادة الجماعية ليست شيئاً يخطر على بال المرء بصورة عادية، إذا كان المهددون بالإبادة من البشر، ولكنها ممارسة يقوم بها رئيس اختلطت أمامه المفاهيم في ذهنه، فهو يرى النازيين الذين قاموا بأعمال قتل جماعي في مدينة تشارلتوسفيل الأميركية بأنهم أناس طيبون، في حين أنه لا يرى الإنسانية في ملايين الأجانب الذين يمكن أن يقعوا ضحية له.

ولكن بالمقارنة، فإن المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز، اعترف بأن القتلى الذين وقعوا في أفغانستان هم تماماً مثل القتلى الذين يقعون في الولايات المتحدة، نتيجة القتل الجماعي بالرصاص. وقال ساندرز عن مقتل الأفغان الـ30: «ثمة غارة جوية كانت متوجهة لضرب تنظيم داعش، ولكنها قتلت 30 مدنياً أفغانياً، وفي الحقيقة فإن (داعش) لم يكن موجوداً عندما دخلت الولايات المتحدة إلى أفغانستان قبل 18 عاماً»، وأضاف: «علينا أن نوقف أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة، ونعيد جنودنا إلى الوطن».

ولم يتحدث أي شخص آخر من المرشحين للرئاسة الأميركية عن الموضوع. فهم جميعاً يتحدثون بلسان واحد عندما يتعلق الأمر بأفغانستان، ولكن وعلى الرغم من أن العديد من الأصوات التي نسمعها، وخاصة من اليسار والحزب الديمقراطي تنادي بسحب الجيش الأميركي من أفغانستان، إلا أنه ليس هناك أي سبب مقنع يجعلنا نصدق أنه يمكن لأي رئيس ديمقراطي أن يوقف الحرب الدائرة في أفغانستان، ويعيد الجيش الأميركي إلى الوطن.

وكان المرشح الديمقراطي جون بايدن، نائب الرئيس الأسبق باراك أوباما، قد وعد بالخروج من أفغانستان عندما ترشح مع أوباما للمرة الأولى. وعلى الرغم من أن الديمقراطيين غير متعصبين للبيض بالطريقة التي يسلكها ترامب، إلا أنهم جميعهم يعتقدون بشكل ما من التعصب يطلقون عليه «أمن أميركا أولاً»، ولهذا فإنهم يتساهلون مع مقتل أعداد من المدنيين عند أي عمل عسكري غير تقليدي ضد مسلحين غير نظاميين.

أصبح شعار «أعيدو الجنود إلى الوطن»، موجوداً الآن، وفي القرن الـ21 يجب علينا ألا ننسى طائرات الولايات المتحدة بلا طيار التي تقوم بمهمة القتل حالياً، إذ إن الجنود الموجودين على الأرض ليسوا هم فقط من يقومون بالقتل في الصراعات الأميركية الحالية، وإن عودتهم لن تكفي لوقف أعمال القتل التي تحدث في أماكن عدة من العالم، وإما يجب وقف القوة الجوية التي قلة من السياسيين يعترفون بما تقوم به، وقلة أقل أيضاً منهم لاتزال تريد إنهاء الحروب والعودة إلى الوطن.

تشارلز ديفيس صحفي أميركي


ترامب يؤكد أنه لا يرغب في قتل الملايين من الأفغان، ولكنه كرر أكثر من مرة أنه يستطيع «مسح البلد عن وجه الأرض خلال 10 أيام فقط».

تويتر