يوم الذكرى لتكريم الضحايا.. وليس لإقامة حفلات الشواء

أميركا يجب أن تتذكر كلفة الصراع قـبل أن تخــوض حـــرباً جديـــدة

عائلات الضحايا وأحباؤهم يدفعون ثمن قرارات السياسيين. أرشيفية

يوم الذكرى هو بداية الصيف غير الرسمية. وهو الوقت المناسب للنزول إلى الشواطئ، وتنظيم حفلات الشواء، وقضاء عطلة نهاية أسبوع طويلة في مكان هادئ. ومع ذلك، فإن الهدف الفعلي لهذه العطلة في أميركا هو تذكر وتكريم عناصر الخدمة العسكرية والمدنية، الذين لقوا حتفهم في عمليات قتالية عبر تاريخ أمتنا. ربما أصبحت الحاجة إلى التفكير في الكلفة الإنسانية لحروبنا الأخيرة أكثر إلحاحاً الآن من ما كانت عليه الحال قبل عقود.

من المقلق والمثبط أن ينظر معظم الأميركيين، اليوم، إلى عناصر الخدمة على أنهم شخصيات كاريكاتيرية أكثر من كونهم أشخاصاً حقيقيين. عندما يأتي الحديث عن جندي في الخدمة أو جندي متقاعد، فإن رد الفعل العفوي دائماً يكون ابتسامة عريضة، وتحية خاصة، و«شكراً لك على خدمتك!».

الكلفة الحقيقية

مثل هذه المشاعر، رغم كونها حقيقية وصادقة، فإنها تخفي الكلفة الحقيقية للتضحية التي يدفعها الرجال والنساء، وأسرهم وأصدقاؤهم المقربون، ولايزالون يدفعون الثمن نتيجة هذه الحروب التي أعقبت 11 سبتمبر. سمعت المديح مرات عدة من أشخاص ذوي نيات حسنة بعبارات، مثل: «إنني أقدر حقاً ما فعلته أنت والآخرون، خصوصاً أولئك الذين ماتوا للدفاع عن حرياتنا!».

ومع ذلك، فإن الغالبية العظمى من الأميركيين والأميركيات الذين ضحوا بكل ما لديهم، منذ عام 2001، قاموا بذلك في مهمات لم يكن لها سوى القليل جداً، وغالباً لا علاقة لها، بالدفاع عن أميركا. بينما يبدو على السطح أنه من النبل والوطنية أن يُهدئ الجميع بكلمات مطمئنة أشخاصاً فقدوا أحبابهم في القتال، لكننا نُسهل، من غير قصد، عملية إرسال أبنائنا وبناتنا إلى حروب اختيارية غير ضرورية، في المستقبل.

هجوم مفاجئ

في أواخر عام 1941، تم نشر آلاف الجنود ومشاة البحرية الأميركيين في المحيط الهادئ للدفاع عن بلادنا ضد أي عدوان. عندما شن اليابانيون الهجوم المفاجئ على «بيرل هاربور»، قُتل 2300 من موظفي الخدمة الأميركية. يمكن القول بحق أنهم ضحوا بأرواحهم في الدفاع النشط عن أميركا. سيكون هذا صعباً بالنسبة لمعظمنا للتشكيك فيه؛ لكن هل يمكن قول الشيء نفسه عن نحو 4500 شخص، قتلوا نتيجة حرب 2003 الاختيارية في العراق؟

قيل للأميركيين إن الحرب كانت ضرورية لأن صدام حسين كان يمتلك أسلحة دمار شامل، وقد يستخدمها ضدنا في يوم من الأيام. قبل نهاية عام 2003، اكتشفت السلطات الأميركية بشكل قاطع أنه في الواقع لم تكن هناك أسلحة دمار شامل. لقد ثبت أن مبرر الحرب كان خطأ؛ ولم يكن أمن أميركا في خطر.

لكن مع اقتراب عام 2003 من نهايته، لم يُقتل سوى 486 أميركياً في الحرب. هذا يعني أن أكثر من 4000 رجل وامرأة فقدوا أرواحهم (30 ألف جريح آخر)، بعد أن علمنا أن أمن بلدنا لم يكن في خطر.

هل فقد هؤلاء الرجال والنساء حياتهم دفاعاً عن بلدنا؟ أدعو في هذا اليوم الخاص إلى الحاجة لإلقاء نظرة فاحصة وجادة في هذه المسألة من منظور مختلف، لأن الآثار كبيرة. أستطيع أن أؤكد لكم أن الخسارة الفادحة التي يشعر بها أبناء وبنات وزوجات وأزواج وأمهات وآباء كل فرد من أفراد الخدمة الأميركية، الذين لقوا حتفهم في عمليات قتالية منذ 11 من سبتمبر، هي بالألم نفسه لأولئك الذين فقدوا أحباءهم في «بيرل هاربور».

إن الخسارة التي شعرت بها تلك العائلات عام 1941، يمكن أن تهدأ من خلال معرفة أن ابنهم أو ابنتهم ماتا للحفاظ على بلدنا آمناً. ومع ذلك، هل يمكن قول الشيء نفسه عن أولئك الذين قدموا التضحية القصوى، في السنوات الأخيرة، مثل الرجال الأربعة الذين قتلوا على أيدي أفراد الميليشيات في النيجر عام 2017؟

جمع المعلومات

ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، الشهر الماضي، أن أفراد عائلات القتلى الأربعة لايزالون يعانون أذى عميقاً وغاضباً، لأنهم لا يعرفون لماذا فقد أحباؤهم حياتهم. إلين ترول، جدة الرقيب داستن رايت، وهو أحد القتلى الأربعة في النيجر، تقول: «أنا في الـ74 من العمر، ولن أتغلب على هذا. إنني أبكي كل يوم»، متسائلة: «لماذا يوجد أفراد الجيش الأميركي في هذا الجزء من إفريقيا؟».

في فبراير 2013، أصدر الرئيس باراك أوباما أوامر للقوات الأميركية بالانتشار في النيجر، وأخبر الكونغرس بأن ذلك «سيوفر الدعم لجمع المعلومات الاستخبارية، وسيسهل أيضاً مشاركة المعلومات الاستخبارية مع القوات الفرنسية التي تقوم بعمليات في مالي، ومع شركاء آخرين في المنطقة». لم يكن يجب وضع القوات في خطر لصالح أي دولة أخرى. هذه هي النقطة الأساسية التي يجب أن نفهمها جميعاً في يوم الذكرى.

يجب على الزعماء السياسيين الأميركيين تقدير أهمية حياة أفراد الخدمة العسكريين والمدنيين، بما لا يعرض حياتهم للخطر، إلا عندما يكون أمن بلدنا مهدداً، ويكون الرد العسكري ضرورياً. كل من يتطوع للخدمة يفعل ذلك، مع العلم الكامل بأنه قد يضطر يوماً ما للتضحية بحياته دفاعاً عن وطننا، ولكن نظراً لأن عدداً قليلاً من المسؤولين يخدمون في القوات المسلحة، أو لديهم أفراد من الأسرة يخدمون في الجيش، فإنهم محصنون ضد آلام جنودنا وعائلاتهم.

يجب استخدام القوة العسكرية المميتة، فقط، عندما يكون أمن أميركا مهدداً بشكل مباشر، وفقط عندما لا يضمن أي شكل آخر من أشكال القوة أمننا. ويجب استخدام القوة كملاذ أخير فقط؛ وليس كخيار أول، كما هي الحال دائماً اليوم.

في هذا اليوم التذكاري، دعونا نفكر حقاً في الثمن الفظيع الذي دفعه الآلاف من أعضاء الخدمة وأحبائهم في الحروب الأخيرة. أفضل طريقة يمكننا تكريمهم هم والناجون منها، هي ضمان عدم التضحية بلا داعٍ بأعضاء الخدمة الآخرين، ما لم يكن ذلك ضرورياً لأمننا. إنهم لا يستحقون أقل من ذلك.

يوم الذكرى

مناسبة لإحياء ذكرى الجنود الأميركيين الذين ماتوا خلال الحرب الأهلية (1861-1865)، ليصبح هذا اليوم (27 مايو) في ما بعد تخليداً لأي عسكري أميركي، يموت من أجل الوطن في أي حرب شاركت فيها أميركا. حسم الكونغرس الخلاف حول أول مدينة احتفلت بالمناسبة، وقال إن «واترلو» في ولاية نيويورك، هي أول مدينة احتفلت بالمناسبة في مايو 1866، عندما قرر سكان المدينة إحياء ذكرى من قضوا خلال الحرب الأهلية. في ذلك اليوم، تم إغلاق المحال التجارية وتزيين المقابر.

دانييل لويس - زميل مؤسسة «أولويات الدفاع» وضابط متقاعد في الجيش الأميركي. شارك في 4 عمليات قتالية.

تويتر