على الرغم من بعض التجاوزات

انتخابات الكونغو تؤذن باتجاه قـوي نحو الديمقراطية في إفريقيا

صورة

في نهاية أسبوع صاخب في جمهورية الكونغو الديمقراطية، دعت هيئة إقليمية قوية من الدول الإفريقية إلى إعادة فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها هناك. واخذت المجموعة الإنمائية للجنوب الإفريقي، التي تضم 16 دولة، مأخذ الجد «الشكوك القوية التي راجت حول نتيجة الانتخابات، والتي عبرت عنها الكنيسة وتحالف المعارضة والمراقبون الآخرون. ودعت المجموعة إلى إعادة الفرز «لتوفير الطمأنينة اللازمة لكل من الرابحين والخاسرين»، كما اقترحت المجموعة «تسوية سياسية تفاوضية لتشكيل حكومة وحدة وطنية».

نقطة تحول

قليل من يعتقد أن جمهورية الكونغو الديمقراطية تمر بلحظة حرجة، ولكن المهم في الأمر هو أن هذه الانتخابات، التي تأخرت طويلاً، والتي جرت أخيراً في 30 ديسمبر تشكل نقطة تحول في تاريخ البلاد، ما يساعد الأمة الغنية بالموارد الطبيعية على الحصول على مستقبل أفضل، أو يمكن أن تشعل، بدلاً من ذلك، الفوضى في هذه الدولة الشاسعة الواقعة في وسط إفريقيا، والتي لم تعرف من قبل انتقالاً سلمياً للسلطة منذ أن نالت استقلالها عن بلجيكا عام 1960.

ويتهم أنصار مارتن فيولو، وهو مسؤول أعمال تنفيذي وبرلماني سابق، زعيم أكبر أحزاب المعارضة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، بعقد صفقة مع الرئيس المنتهية ولايته، جوزيف كابيلا. ويقول فيولو إن النتائج المعلنة - التي منحت تشيسيكيدي انتصاراً بسيطاً ومفاجئاً - لا تشبه الأصوات الحقيقية.

وفي جميع أنحاء القارة تجري مراقبة لصيقة للانتخابات وصراع السلطة في مرحلة ما بعد الانتخابات التي تستعر بين زعيمي المعارضة، حيث وصلت السياسة في إفريقيا إلى نقطة تحول. هذا العام، من المتوقع أن يتم تنظيم أكثر من 20 انتخاباً في إفريقيا، بدءاً من الجزائر، ومروراً بنيجيريا، القوة الاقتصادية الافريقية، وحتى جنوب إفريقيا. ويطالب الناخبون الأصغر سناً بتغيير جيل القادة الشائخ، والذين ينظرون إليهم الآن على أنهم قمعيون. وتنطلق في القارة ديناميكيات جديدة يدفعها التحضر السريع والنمو الاقتصادي ووسائط التواصل الاجتماعي، حيث بدأت مجموعة جديدة من القادة في الظهور على المسرح السياسي.

هناك مؤشر واحد آخذ في الصعود بعد فترة من الانخفاض يتمثل في أن عدد الناخبين يزداد عندما يكون هناك شعور بأن النخبة الفاسدة سرقت الموارد ولا تقدم شيئاً، في هذه الحالة تظهر أصوات احتجاج قوية. ويقول مدير برنامج تشاتام هاوس إفريقيا، أليكس فاينز: «يشعر الناس أنهم يستطيعون حقاً تغيير مثل هذه الأشياء».

رهانات عالية

وتبدو الرهانات عالية للغاية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أعلى من أي مكان آخر، فقد قتلت الحرب الأهلية في الفترة 1997-2002 قرابة خمسة ملايين شخص، لكن أهمية ضمان الاستقرار هي سيف ذو حدين. فإذا كان ضمان الاستقرار هو المبرر الذي دفع زعماء جنوب إفريقيا وأنغولا للضغط على كابيلا، الذي تولى السلطة في عام 2001، لإجراء انتخابات، فإن عدم الاستقرار أيضاً قد ينتج عن غياب بيانات قوية تعبر عن الهواجس بشأن التلاعب المحتمل الذي سمح لزعيم المعارضة تشيسيكيدي بالاستيلاء على السلطة.

ويقول الخبير في السياسة الإفريقية بجامعة برمنغهام في المملكة المتحدة، نيك تشيزمان، إن العديد من اللاعبين الدوليين لزموا الصمت لما يجري في الكونغو الديمقراطية، واتخذوا رد فعل مماثلاً بعد استيلاء الجيش على الحكومة في زيمبابوي في نوفمبر 2017، والذي أنهى حكم الرئيس السابق، روبرت موغابي، الذي دام 37 عاماً واستبدله بنائبه، ايمرسون منانجاجوا. ويقول تشيزمان «في زيمبابوي، تم الترويج للانقلاب على أنه انتقال سلمي للسلطة، وهذا ما كان يريده الجميع. ويبدو الوضع متشابهاً جداً في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إنه انتقال سلمي نسبياً حتى الآن، لذلك هي طريقة لجعل الاستمرارية تبدو وكأنها تغيير».

ويقول المحلل الجنوب إفريقي، بيتر فابريسيوس، إن «تعليقات الوزراء الفرنسيين والبلجيكيين بشأن مزاعم تزوير في جمهورية الكونغو الديمقراطية أجّجها مسؤولون أفارقة، وعلى الفور، أصبح الأمر يتلخص في نحن وهم، بمعنى: لماذا يخبرنا هؤلاء الغرباء الذين ينتمون للقوى الاستعمارية السابقة بأن انتخاباتنا ليست جيدة بما فيه الكفاية؟».

ويواجه العديد من الزعماء الأفارقة انتخابات صعبة. في الجزائر، لا يتضح ما إذا كان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، 81 سنة، سيسعى لإطالة أمد حكمه، لكن النخبة السياسية تعتمل بغضب عميق. وفي نيجيريا، يسعى محمدو بخاري، 77 عاماً، لإعادة انتخابه، على الرغم من فشله في الوفاء بوعوده بمحاربة الكسب غير المشروع وهزيمة جماعة بوكو حرام. وفي جنوب إفريقيا أطلق الرئيس سيريل رامافوزا برنامج المؤتمر الوطني الإفريقي الانتخابي يوم السبت الماضي. لقد ظل هذا الحزب في السلطة منذ نهاية نظام الفصل العنصري قبل 25 عاماً، لكن الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية قوّضتا الدعم الذي ظل يتلقاه من الشعب. ويحتاج رامافوزا إلى حصول حزب المؤتمر الوطني الإفريقي على أكثر من 60٪ من الأصوات في الانتخابات للقضاء على المعارضين الداخليين، وإعادة إطلاق حظوظه السياسية.

التحوّل عن الديمقراطية

يرى بعض المحللين أن هناك اتجاها في التحول عن التطلعات الديمقراطية ورغبة متزايدة في حكومة أكثر استبدادا. وفي الوقت الذي امتطى فيه رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، موجة من الحماس الشعبي عندما ابتعد عن النموذج الصيني المهجن، فإن هناك مخاوف من أن تكون الاستراتيجية التي اتبعها كابيلا في جمهورية الكونغو الديمقراطية جذابة لبعض القادة. ويقول شيزمان إن قلة من اللاعبين انتقدوا الحملة التي اجبرت شخصيات معارضة كبيرة على الذهاب للمنفى، وانتهاكات حقوق الإنسان المنتشرة على نطاق واسع، واستخدام أساليب التصويت غير المجربة من قبل. ويقول:«إذا اعتقد القادة أن هذا النوع من الانتخابات يروق لهم الآن... فلن يتبقى لديهم دافع لعقد انتخابات أفضل في المستقبل».


- يرى بعض المحللين أن هناك اتجاهاً في التحول

عن التطلعات الديمقراطية، ورغبة متزايدة

في حكومة أكثر استبداداً.

- تعليقات الوزراء

الفرنسيين والبلجيكيين

بشأن مزاعم تزوير في

جمهورية الكونغو

الديمقراطية أجّجها

مسؤولون أفارقة.

تويتر