الأهالي يمضون ساعات طويلة عبر الحواجز والمعابر للتنقل داخل البلدة ذاتها

الجدار والاستيطان شطرا بيت حنينا إلى جزأين قريبـين بعيدين

صورة

10 دقائق هي التي يحتاجها الفلسطيني هاشم تايه من بلدة بيت حنينا شمال القدس مشياً على الأقدام للوصول إلى المسجد الأقصى، أو لزيارة منزل والديه وأشقائه داخل حدود المنطقة ذاتها، ولكن بفعل تمدد والتفاف جدار الفصل العنصري حول البلدة، وتوسع الاستيطان على حساب أراضي المواطنين، باتت تلك المسافة تصل إلى ساعتين أو أكثر، وفي أوقات كثيرة تكون صعبة وشبه مستحيلة.

فالبوابات المقامة على طول الجدار الجاثم على أراضي البلدة، والحواجز والمعابر العسكرية المنتشرة على مداخل بيت حنينا تعيق تنقل المواطنين، وتفرض شروطاً عدة مقابل انتقالهم، إذ يتعرضون للانتظار ساعات طوال، والتفتيش المذل أثناء تحركهم من وإلى داخل منطقة إقامتهم.

وكانت إسرائيل قد قسمت بلدة بيت حنينا الواقعة شمال مدينة القدس، وأكبر بلداتها من حيث المساحة، بفعل الجدار العازل، والشوارع الالتفافية، والمستوطنات، إلى بلدتين منفصلتين، هما بيت حنينا القديمة، وباتت تابعة إلى الضفة الغربية، وبيت حنينا الجديدة، أو ما يعرف بالفوقا، تتبع حدود بلدية إسرائيل في القدس.

ويبلغ عدد سكان بلدة بيت حنينا أكثر من 27 ألف نسمة، منهم 26 ألفاً و762 في البلدة الجديدة داخل الجدار في القدس، و1072 في الضفة الغربية خلف حدود الجدار.

مسافة قريبة بعيدة!

ويقول هاشم تايه، وهو أحد مخاتير ووجهاء بلدة بيت حنينا لـ«الإمارات اليوم»، «إن بيت حنينا بفعل جدار العزل والمستوطنات انفصلت إلى قسمين قريبين بعيدين في الوقت الواحد، فالمسافة قريبة جداً بين الجزء الذي يقع داخل مسار الجدار، والقسم الذي بات خارج حدود القدس، ولكن التنقل بينهما صعب جداً، ويعد أبعد من أي وقت مضى».

ويضيف «فمن يريد الوصول إلى أقاربه في بيت حنينا القديمة التي باتت خلف الجدار وتتبع الضفة الغربية، عليه أن يتوجه شمالاً إلى معبر قلنديا وصولاً إلى البيرة، وينتقل غرباً حتى يصل الطريق الموصلة إلى بير نبالا ويعود جنوباً، وفي النهاية يصل إلى بيت حنينا، في رحلة طويلة وصعبة جداً تحتاج إلى ساعات عدة من الانتظار على الحواجز والمعابر الإسرائيلية».

وبحسب تايه، فإن أهالي بيت حنينا القديمة إذا أرادوا زيارة بلدتهم الأصلية داخل القدس، فإنهم يسلكون الطريق ذاته، ويتعرضون للمعاناة نفسها، ولكنهم يواجهون مشكلة كبيرة، إذ لا تسمح لهم القوات الإسرائيلية بالدخول إلا بعد الحصول على تصاريح موافقة وإذن دخول، لأنهم لا يملكون الهوية الإسرائيلية التي سحبت منهم بعد عزلهم خلف الجدار.

ويشير إلى أن مسافة الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء الصلوات والتسوق في أسواق البلدة القديمة لم تكن تستغرق سوى دقائق معدودة، ولكن الأهالي باتوا يضطرون إلى المرور بالمعابر، في رحلة تستغرق أكثر من ساعتين في أغلب الأحيان.

من جهته، يوضح رئيس مجلس بلدي بيت حنينا نضال أبوحمدة، أن الجدار شطر بيت حنينا، وأحاطها من ثلاثة اتجاهات، وهي: القريبة والمؤدية إلى المسجد الأقصى والبلدات المقدسية الأخرى، والجزء الثاني من البلدة ذاتها، ولم يتبق سوى منفذ واحد يؤدي إلى بلدة بير نبالا التي تعد بعيدة أيضاً عن تلك المناطق.

ويقول أبوحمدة «إذا كانت حركة الأحياء في بيت حنينا تقض مضاجع إسرائيل، فتفرض عليهم القيود وتحاصرهم بالجدران الإسمنتية الضخمة والمستوطنات، فإن الحال ذاتها تطال الأموات الذين لا يشكلون خطراً بجثثهم الهامدة على دولة الشمعدان، فعندما يريد الأهالي دفن جثمان أحد أفراد البلدة فإنهم يضطرون إلى الحصول على تصريح مسبق، والتنقل عبر الحواجز والبوابات، وكذلك الانتظار الطويل على معبر قلنديا، حتى يحصل أهل المتوفى على إذن دخول لدفنه في مقابر بيت حنينا المشتتة».

معاناة الفلسطينيين في بيت حنينا لا تقتصر على ما أنتجه جدار الفصل العنصري، فمعظم أراضيهم صودرت لمصلحة إقامة الأخطبوط الإسمنتي، وضمت أجزاء كبيرة منها إلى التوسع الاستيطاني، حيث تقام أربع مستوطنات على أراضيهم مناصفة مع قرى مجاورة، أكبرها مستوطنة «بسجات زئيف»، التي أنشأت على أراضي حي الخربة الذي يعد آخر الأحياء المتبقية التي صودرت بالكامل، وطمست كل معالمها التاريخية.

ورغم كل هذه المأساة، لا تتوقف إسرائيل عن إحكام سيطرتها على البلدة، وتنفيذ المزيد من مخططات التهويد والتضييق على الأهالي، فقد صادقت بلدية الاحتلال الإسرائيلية في مدينة القدس في سبتمبر الماضي على بناء 75 وحدة استيطانية للإسرائيليين، في بلدة بيت حنينا الفلسطينية، شرقي القدس، في سابقة هي الأولى من نوعها، بحسب الموقع الإلكتروني للقناة الإسرائيلية السابعة.

ويقول نضال أبوحمدة، «إن البلدة الأم بيت حنينا قبل العزل والمصادرة، كانت جميلة وغنية بكل المعالم الطبيعية، وتعج بالسكان ممن يحملون هويتي القدس والضفة الغربية، لكن الجدار جاء ليقسمها إلى ثلاثة أرباع بداخله، وربع معزول خارجه، أما المستوطنات فقد صادرت آلاف الأراضي التي كانت تتبع للفلسطينيين، ولم يتبق لهم سوى 3000 دونم من مساحتها الأصلية البالغة 36 ألف دونم».

ويشير إلى أن المخطط الجديد لإنشاء 75 وحدة استيطانية جديدة ستقام حول أرض تقدر مساحتها بـ11 دونماً، وسيقام عليها ثمانية مبان، كل مبنى يرتفع من سبع إلى 12 طابقاً.

- عدد سكان بلدة بيت حنينا أكثر من 27 ألف نسمة، منهم 26 ألفاً و762 في البلدة الجديدة داخل الجدار في القدس، و1072 في الضفة الغربية خلف حدود الجدار.

- الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء الصلوات

والتسوق في أسواق البلدة القديمة لم يكن

يستغرق سوى دقائق معدودة، ولكن الأهالي

باتوا يضطرون إلى المرور بالمعابر في رحلة

تستغرق أكثر من ساعتين.

تويتر