أعلن أن أي منظمة خيرية تساعد النازحين ستكون هدفاً له

«داعش» بإفريقيا يقتل النساء العاملات في إنقاذ الأرواح

صورة

عندما أعلن أبومصعب البرناوي، في عام 2016، أنه تسلّم زعامة منظمة «بوكو حرام» تحت اسم تنظيم «داعش»، كانت رسالته الأولى واضحة ودقيقة، ومفادها بأنه سيعمل على استهداف المنظمات الخيرية الغربية. وادعى أنها تستغل الظروف الصعبة التي يعيشها اللاجئون، وتعمد إلى تقديم الطعام والمأوى لهم، ومن ثم تنصير أطفالهم. وأكد البرناوي أن تنظيمه «داعش» في غرب إفريقيا، سيستهدف نساء هذه المنظمات الخيرية، عن طريق خطفهن وطلب الفدية، وإعدامهن إذا لم يتم دفع هذه الفدية.

وفي الساعة السابعة بالتوقيت المحلي، من مساء الأول من مارس الماضي، اقتحم رجال البرناوي بشاحناتهم التي تحمل مسلحين بالرشاشات، إضافة إلى راكبي الدراجات النارية، بلدة «ران» الواقعة في شمال شرق نيجيريا، حيث يبحث الآلاف من النازحين الداخليين عن مأوى. وانتقل المسلحون إلى مخيم يضم العديد من العاملين في المنظمات الدولية، وفتحوا النار على موظفي المساعدَات، وقتلوا اثنين من «منظمة ميغريشن الدولية»، الأول كان يعمل على إدارة المخيم، والثاني طبيب يعمل استشارياً لمنظمة «يونيسيف» التابعة للأمم المتحدة. وقال أحد سكان المخيم، عبدالله إدريس، الذي شهد الحادثة لموقع «ديلي بيست» الإخباري الأميركي: «وصلوا إلى بلدة ران واتجهوا فوراً إلى المخيم، لقد كانوا يعرفون تماماً ما يريدون فعله».

وقال مسؤول كبير في الجيش النيجيري لموقع «ديلي بيست»، إنهم تواصلوا مع تنظيم «داعش» في غرب إفريقيا حالما تم اختطاف امرأتين، هما سيفورا خورسا، وهاوا ليمان، لكنّ المسلحين طلبوا فدية ضخمة جداً. وأضاف المسؤول، الذي رفض الكشف عن اسمه: «أرادوا نحو مليون دولار فدية عن كل امرأة، وقالت الحكومة إنها لا تستطيع تأمين هذه الأموال، لكنها مستعدة للتفاوض دوماً».

واستمرت المفاوضات بين الطرفين لأشهر عدة، وتوقفت في 16 سبتمبر الماضي عندما أعدم المسلحون خورسا (25عاماً)، وتم إرسال تسجيل فيديو إلى الصليب الأحمر يظهر المرأة وهي مقتولة، وطالبوا بمبلغ مقابل إطلاق سراح المرأة الثانية. ولكن «الصليب الأحمر» قالت إنها لن تدفع أي فدية، مشيرة إلى أنها بذلت كل الجهود الممكنة لإطلاق سراح خورسا لكن دون جدوى. وكان «داعش» قد أعطى منظمة الصليب الأحمر مدة شهر واحد فقط لدفع الفدية، لإطلاق سراح المرأة المخطوفة الثانية.

فريق أزمة

وقالت المتحدثة باسم «الصليب الأحمر»، ألكساندرا ماتيفيتش موسيمان لـ«ديلي بيست»: «بعد اختطاف المرأتين أسسنا فريق أزمة في أبوجا وجنيف بهدف تحرير المخطوفتين»، وأضافت «لكننا لا ندفع فدى، واستخدمنا كل القنوات الممكنة».

فدية

ومع اقتراب نهاية الموعد المحدد لدفع الفدية، نشرت «الصليب الأحمر» تسجيل فيديو يناشد الحكومة النيجيرية وتنظيم «داعش» إطلاق سراح المرأة، لكن دون جدوى.

من جهته، قال وزير الإعلام النيجيري، لاي محمد، إن بلاده «تفعل كل ما بوسعها لإنقاذ موظفة المنظمة الدولية»، ولم يتطرق إلى إن كانت الحكومة حاولت التفاوض مع «داعش» بشأن الفدية.

وعند انتهاء المهلة قتل التنظيم ليمان، وأرسل تسجيل فيديو يظهر إعدامها برصاصة في الرأس. وقال تنظيم «داعش»، في بيان مقتضب رافق تسجيل الفيديو، متفاخراً: «إننا التزمنا بوعدنا، ونحن قتلنا المرأتين لأنهما مرتدتان، إذ إنهما كانتا مسلمتين أصلاً ولكنهما تخليتا عن الإسلام» عندما اختارتا العمل مع «الصليب الأحمر» باعتبارها منظمة مسيحية.

لكنّ والدَي ليما اللذين يرفضان تصديق مقتل ابنتهما، ألمحا، الأسبوع الماضي، إلى أنه تم التوصل إلى اتفاق مع تنظيم «داعش» وتساءلا عن السبب الذي يؤدي إلى مقتل ابنتهما، على الرغم من توصل الأطراف المتفاوضة إلى تفاهم.

وقالت لايكاشي والدة ليمان لقنوات التلفزة النيجيرية: «حتى هذه اللحظة لست مقتنعة بأن ابنتي قتلت، لأنكم إذا لاحظتم ما حدث فإن هؤلاء المسلحين يريدون المال، والآن، بعد موافقة الرئيس النيجيري محمد بخاري، على تقديم المال، حدثت عملية القتل بهذه السرعة». وليس هناك تأكيد على أنه تم التفاوض على أي فدية.

وأدى خبر مقتل ليمان إلى انتشار الغضب بسرعة، خصوصاً في أوساط المنظمات الخيرية، ووصفت «الصليب الأحمر» ليمان بأنها كانت اجتماعية و امرأة متحمسة كرست حياتها لمساعدة النساء الضعيفات في مجتمعها.وقالت مديرة «الصليب الأحمر» الإقليمية في إفريقيا، باتريشا دانزي، في بيان لها «نناشدكم من أجل الرحمة التوقف عن هذا القتل اللاعقلاني، كيف يتم قتل امرأتين تعملان في تقديم العمل الخيري؟ ليس هناك ما يبرر ذلك».

فيما أوضح التنظيم موقفه بجلاء، معلناً أن أي منظمة خيرية تساعد النازحين ستكون هدفاً له.

وقال التنظيم في وقت سابق إن مرأة ثالثة اختطفها، في مارس الماضي، واسمها أليس لوكشا (متزوجة ولديها طفلان)، هي مسيحية، ولذلك فإنها سبية، إضافة إلى ليه شاريبو (16عاماً) وهي الفتاة المسيحية الوحيدة من بين 110 فتيات اختطفهن التنظيم، في فبراير الماضي، بدابشي، وتم إطلاق سراحهن باستثناء هذه الفتاة.

ويمثل قرار التنظيم البقاء على حياة المرأتين المسيحيتين تغيراً في الأجندة الأصلية التي تهدف إلى قتل جميع المسيحيين. وعند تعيين البرناوي في منصب الوالي لتنظيم «داعش»، تعهد بأنه سيتم «قتل جميع المواطنين المسيحيين»، ويرجع سبب عدم قتل التنظيم للوكشا وشاريبو، على الأقل حتى الآن، إلى دفع العالم كله، خصوصاً المسيحي، ليتحدث عن المرأتين ويلفت الانتباه إلى «داعش». وقالت المتحدثة باسم «الصليب الأحمر»: «سنظل نستخدم الأقنية المتاحة كافة لإطلاق سراح لوكشا وشاريبو لأسباب إنسانية، إنهما مدنيتان وليست لهما أي علاقة بأي نزاع».

ولكن «داعش» في نيجيريا، مثل نظرائه في سورية والعراق، لديه التبرير الخاص به، ومن المرجح أنه سيقوم بالمزيد من القتل خلال الشهور المقبلة.

- «الصليب الأحمر» أكدت أنها لن تدفع أي فدية بعد أن بذلت كل الجهود الممكنة لإطلاق سراح خورسا، ولكن دون جدوى.

قال مسؤول كبير

في الجيش النيجيري

إنهم تواصلوا مع

تنظيم «داعش» في

غرب إفريقيا، حالما تم

اختطاف امرأتين، هما

سيفورا خورسا،

وهاوا ليمان، لكنّ

المسلحين طلبوا

فدية ضخمة جداً.

تويتر