بسبب دواعٍ أمنية.. وتدني الرواتب

إسرائيل تعاني مشكلات في تطوير قطاع التقنية العالية الدقة

صورة

يعاني قطاع التكنولوجيا، في إسرائيل، نقصاً مريعاً في الكوادر الماهرة، وتسعى شركات التقنية العالية الدقة إلى استقطاب مهندسين من الخارج يتمتعون بالكفاءة، إلا أن جهودها كثيراً ما تبوء بالفشل، نظراً لمشكلات التأشيرة، وقلق الأجانب بشأن النواحي الأمنية، وأيضاً لتدني الرواتب.

استأجرت الشركات الإسرائيلية، للتغلب على النقص، خدمات ما لا يقل عن 20 ألف مهندس في أسواق تعهيد منخفضة الكلفة، مثل أوكرانيا والهند، حيث أنفقت هذه الشركات نحو مليار دولار على الرواتب في الخارج، وفقاً لمسح أجرته شركة التوظيف «إيثوسيا».

صناعة التكنولوجيا في إسرائيل، التي تضم نحو 300 مركز للبحث والتطوير، تابعة للشركات المتعددة الجنسيات، وآلاف الشركات الناشئة، تحتاج إلى 1000 مهندس إضافي كل عام.

وأنشأ رجل الأعمال الإسرائيلي، لياد أغمون، شركتين تقنيتين في إسرائيل، ويعمل على توسيع شركة ثالثة، يطلق عليها «دايناميك إيلد»، لتوفير خدمات لما لا يقل عن نصف مليار عميل من تجار التجزئة العالميين، بما في ذلك شركة «أوكادو»، وهي شركة تجارية بريطانية تعمل على الإنترنت، وشركة «أندر آرمور»، وهي شركة أميركية للملابس الرياضية. إلا أن نقصاً في المهارات ظل يضغط على شركات التقنية العالية الإسرائيلية، ما دفع الرواتب للصعود للأعلى، ويتساءل أغمون الآن: ما إذا كان من الأفضل إنشاء شركته المقبلة خارج إسرائيل. ويقول: «لم تعد هناك أي ميزة هنا». ويسترسل: «إذا أنشأت شركتي في البرتغال، على سبيل المثال، فيمكنني الحصول على مهندسين موهوبين للغاية، يتقاضون ما يقل عن ثلث الراتب الذي أدفعه هنا للمهندسين، ومن منظور اقتصادي، لا توجد ميزة على الإطلاق في إسرائيل».

لقد كان قطاع التكنولوجيا واحدة من أسرع الصناعات نمواً في إسرائيل ومحل اعتزاز، لأنه أصبح حاضناً للعلامات التجارية المشهورة عالمياً مثل «وازي»، وهو تطبيق تحديد المواقع، الذي بيع لـ«غوغل» مقابل مليار دولار عام 2013، و«موبيل آي» وهو نظام أمان السيارة القائم على الكاميرا، الذي بيع لشركة إنتل مقابل 15.3 مليار دولار العام الماضي. لكن مع وجود ما يقرب من 270 ألفاً من بين نحو أربعة ملايين إسرائيلي في سن العمل بمجال التكنولوجيا، يحذر التنفيذيون في هذه الصناعة من أن القطاع يخاطر بفقدان عنصره الأساسي (الإسرائيليين المهرة).

نقص المواهب

بالفعل يعاني العالم نقص المواهب في قطاعات التكنولوجيا العالية الدقة، إلا أن أغمون وأقرانه يعانون مشكلة إسرائيلية خاصة، تتمثل في صعوبة تأمين تأشيرة عمل وتأشيرة إقامة للمواهب الأجنبية غير اليهودية. ويقول أغمون «ليست هناك أي طريقة بالنسبة لي كمدير تنفيذي، لإحضار أشخاص موهوبين من الخارج للعمل هنا لفترة طويلة من الزمن»، ويمضي في حديثه «ظللنا على مدار 20 عاماً نتوسل الحكومة، لتنظيم مثل هذا البرنامج».

المهندسون الهنود والصينيون، الذين يشكلون الجزء الأكبر من ذوي المهارة العالية في التكنولوجيا المهاجرة إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، نادراً ما يعتبرون إسرائيل خياراً آخر، إما بسبب صعوبة الحصول على التأشيرة اللازمة، أو تصورات السلامة، أو الراتب السيئ حسب المعايير الغربية، كما يعتقد التنفيذيون الإسرائيليون.

ويستطيع مهندسون إسرائيليون كبار كسب نحو 11 ألفاً و500 دولار في الشهر، وهو ما يوازي أربعة أضعاف متوسط الأجر المحلي، ويحصل بعض العمال كبار السن من ذوي الخبرة أكثر من ضعف ذلك، كما يقول التنفيذيون. وارتفع متوسط الأجور السنوية في جميع أنحاء القطاع من نحو 61 ألف دولار في عام 2012 إلى نحو 72 ألف دولار في العام حالياً، وفقاً للمكتب المركزي للإحصاء.

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة أورو كراود، جون ميدفيد، وهي شركة استثمار تمويل جماعي بقيمة 750 مليون دولار: «بالنسبة لنا لكي نتدرج إلى المستوى التالي، نحتاج إلى اجتذاب المواهب على مستوى وادي السيليكون»، ويمضي قائلاً «يمكن أن تكون الموجة القادمة من النمو قوية للغاية، لكننا نفتقر للمواهب، ولا يمكننا الحصول على عدد كافٍ من الناس لدعم هذا الشيء».

وللتغلب على النقص، استأجرت الشركات الإسرائيلية خدمات ما لا يقل عن 20 ألف مهندس في أسواق تعهيد منخفضة الكلفة مثل أوكرانيا والهند، حيث أنفقت هذه الشركات نحو مليار دولار على الرواتب في الخارج، وفقاً لمسح أجرته شركة التوظيف، إيثوسيا.

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة نكسار، عيران شير، التي تستخدم الهواتف الذكية، والكاميرات، والذكاء الاصطناعي لجعل القيادة أكثر أماناً، إن «الحل لنقص المهارات المتعدد الأوجه: كان على الحكومة أن تسهّل على الشركات استقطاب مهندسين جيدين على المدى القصير، وتشجيع الطلاب على دراسة التقنية، وينبغي على الشركات في هذه الأثناء محاولة تجنيد طواقم من الفئات غير الممثلة تمثيلاً جيداً في المجتمع، بما في ذلك اليهود المتدينون، والمواطنون العرب والنساء». ويضيف: «هناك نظام تكافلي عالي التقنية يتألف من نحو 250 ألف شخص، وبالمقارنة مع سكان إسرائيل، البالغ عددهم ثمانية ملايين شخص فإن هذا العدد قليل للغاية، ونحن بحاجة إلى المزيد لنكون جزءاً من هذه الصناعة».

وتُعد شركة نكسار جزءاً من برنامج يسمى «كن في تل أبيب»، الذي تم إطلاقه هذا العام ليروج للمهندسين الأجانب الحياة الليلية ومراكز التكنولوجيا الشاطئية. كما وعدت الشركات السبع المشاركة في المبادرة بدفع ما يصل إلى 20 ألف دولار للشركات الاجنبية التي ترغب في نقل عملها إلى هناك، وتسهيل دراسة اللغة العبرية، وتوفير هواتف نقالة مجانية، وتسهيل الإجراءات الصعبة للهجرة.

ويقول رئيس شركة ويكس، نير زوهار، وهي شركة تبلغ قيمتها 4.8 مليارات دولار، وتساعد الناس على إنتاج مواقع إلكترونية للشركات، إن هذا النقص هو الأكثر حدة، عندما يتعلق الأمر بالمهندسين الموهوبين.

نقص الموهوبين

ويضيف زوهار: «من الصعب بالنسبة لي أن أجد شخصاً اكتسب خبرة كبيرة في شركة غوغل أو مايكروسوفت أو ياهو، أو قاد فريقاً يعمل مع بيل غيتس». ويضيف: «يصعب الحصول على بعض المواهب العالية الكفاءة من وادي السيليكون، وتشجيعهم على الانتقال إلى إسرائيل، وإذا لم تكن لديهم خلفية يهودية أو صلة عميقة بإسرائيل، فهي مهمة عالية الصعوبة».

وتضغط هذه الصناعة على الحكومة لتخفيف إجراءات الهجرة، وتقول السلطات إنها تستجيب لذلك. وتريد هيئة إسرائيل للإبداع مضاعفة العمالة في قطاع التكنولوجيا لتصل إلى 500 ألف خلال هذا العقد. وقد بدأت السلطات بالفعل تبسيط عمليات تأشيرات العمل، ما أدى إلى تقليل وقت الموافقة إلى أيام بدلاً من أسابيع أو شهور، حسب قول المسؤولة في الهيئة، نعومي كريجر كارمي، كما تدرس الحكومة السماح لأزواج المهندسين بالعمل في المجال نفسه أو في قطاعات أخرى. وتقول كريجر «أصبحت مسألة معالجة النقص في المواهب، بالنسبة لصناعة التكنولوجيا في إسرائيل قضية مهمة للحكومة». إلا أن كريجر لا تتوقع أن يتم تسليم سوى بضع مئات من التأشيرات على الفور. لذلك لا يوجد «سبب للقلق من أن يكون هناك عدد كبير من الناس يأتون فجأة» في ما بعد. إلا أن مسؤولين يرون أن صناعة التكنولوجيا في إسرائيل، التي تضم نحو 300 مركز للبحث والتطوير، تابعة للشركات المتعددة الجنسيات، وآلاف الشركات الناشئة المحلية، تحتاج إلى 1000 مهندس إضافي كل عام.

تويتر