أطياف من الحكم والمعارضة تراها أبعد من خلاف سياسي أو دبلوماسي

سياسيون مصريون: الأزمة مع قطر تتقاطع مع الحرب ضد الإرهاب

صورة

 عام على أزمة قطر.. «مكابرة» الدوحة تبدّد فرص الحل

يمر عام على الأزمة مع قطر، ويبقى العناد القطري على حاله، وتبقى الآثار الكارثية للسياسة القطرية على الصعيدين المحلي والإقليمي ماثلة للعيان، فالأوضاع الاقتصادية الخانقة لاتزال هي العنوان الرئيس للحياة القطرية، وهذا ينعكس بوضوح على حركة الموانئ والاستيراد والتصدير، وحرية نقل البضائع، والاستثمار، والطيران. والمشكلات الاجتماعية تتفاقم وسط صعوبات يواجهها الأفراد في التنقل والحركة. والاحتقان السياسي يربك القيادة القطرية، ويجعلها غير قادرة على تحديد اتجاه البوصلة وسط حالة من الفوضى تعم المنطقة، مرجعها في الغالب سياسات حكام الدوحة، التي شجعت على تنامي ظاهرة الإرهاب، وأبرمت تحالفات مع الإرهابيين واستضافتهم فوق أراضيها، وسهّلت لهم الحركة ونقل الأموال، وغير ذلك.


قال سياسيون مصريون ينتمون لدوائر الموالاة والمعارضة إن الخلاف المصري القطري ليس مجرد عدم توافق سياسي أو دبلوماسي، أو سوء تفاهم بين نظامين أو دولتين يمكن حله بتصريح أو مبادرة سياسية، وإنما هو أوسع من ذلك، كون الدوحة لديها مشروع كامل بشأن شكل الحكم الذي تريده في مصر، تدعم بناءً عليه قوى سياسية تضم جماعة الإخوان المسلمين وحلفاءها من السلفية، والسلفية الجهادية، والجماعات المتطرفة، وخطاً سياسياً تحلم الدوحة لفرضه يومياً عبر قنوات ووسائل إعلامية تنفق عليها الملايين، وتقدم لأصحابه الغطاء بغرض الإطاحة بوضع قائم وإحلاله بوضع تتمناه. وشدّدوا على أن أبجديات الحل تبدأ من تنصّل قطر من كل ما يتماس مع الإرهاب، وتخليها عن خطها الداعم لقوى التطرف، والانطلاق من ذلك الى التخلي الشامل عن بقية بنود مشروعها السياسي التوسعي.

الحلول واضحة

وقال رئيس تحرير صحيفة «ديلي نيوز إيجبت» السابق، الكاتب الصحافي عماد السيد، لـ«الإمارات اليوم»، إنه «بعد مرور عام على الأزمة الخليجية، يبدو أن الحلول باتت واضحة المعالم، وتتمثل في تراجع قطر عن دعم (الإخوان المسلمين)، وفروعها من الكيانات الإرهابية، وتقديم ما يُفيد بتخليها أو انقطاع صلتها بالكيانات الإرهابية الأخرى مثل «داعش» وأمثالها، وإطلاق أوامر مُعلنة وواضحة لقناة الجزيرة بالتوقف عن انتقاد الدول العربية، ووقف بث ودعم قنوات (الإخوان) وصحفهم ومواقعهم الإلكترونية». وتابع عماد السيد: «هنا يأتي دور الوسطاء المتمثلين في دولة الكويت وسلطنة عمان، اللذين يجب عليهما إقناع قطر بتقديم كل ما يفيد بأنها ستتخلى عن التواصل مع الكيانات المرفوضة، واتخاذ مواقف إيجابية لصالح الصف العربي، خصوصاً في ما يتعلق بالعلاقات مع إيران وتركيا، وإدراك أن هاتين الدولتين لا تهتمان إلا بمصلحتهما، ولو جاءت معطيات مصلحتهما في التضحية بقطر ستفعلان ذلك بدم بارد».

وأضاف السيد «من جانبها، ينبغي على دول المقاطعة اذا كانت هناك مؤشرات ورسائل إيجابية من قبل قطر عبر الوسطاء لحل الأزمة، أن تُخفف من حدة التصريحات الإعلامية المنتقدة لقطر، وهنا يأتي دور وسائل الإعلام والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، التي ينبغي عليها وقف مقالات التحليل للأزمة، حتى تأخذ مبادرات الحل فرصتها كاملة، وحتى يتم كشف من يريدون شق الصف العربي، ويرون أن من مصلحتهم استمرار الأزمة».

معطيات المنطقة

وأشار السيد إلى أن «على قطر أن تُدرك أن مُعطيات المنطقة تسير في اتجاه هزيمة (الدواعش) وكل الكيانات الإرهابية الأخرى، والوقت الآني هو فرصتها الذهبية للتنصل منهم، وإثبات انعدام أو انقطاع صلتها بهم والعودة للصف العربي، بل عليها أن توظف إمكانات قناة الجزيرة لدعم القضايا العربية، وأن تتعاون لتتكامل رسالتها مع رسائل وسائل الإعلام العربية الكبرى، في الترويج للتوجهات العربية على الأصعدة والقضايا كافة».

وشدد على أنه «سيكون على قطر الاستعانة بشقيقاتها دول الخليج للتخلص من التوغل الإخواني في أروقة القصر الحاكم لتنفيذ ذلك، وأخيراً وقف التسارع والاحتماء بالقوى الدولية، مثل أميركا وروسيا والاتحاد الأوروبي، وإيقاف دعم قطر للمواقع والقنوات المهاجمة للأنظمة العربية، والتي تصدر من الخارج، ومُوجهة للشارع العربي».

مصر الأكثر تضرراً

وقال رئيس حزب الأمة رئيس تحرير جريدة «الأسرة العربية»، خالد العطفي، لـ«الإمارات اليوم»، إن «مصر أكثر الدول في المنطقة العربية تضرراً من السياسات القطرية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وأن الدوحة في سبيلها لتحقيق أوهامها في امتلاك نفوذ سياسي خارجي، لذلك تدوس على كل الاعتبارات، وتلعب بالنار في كل الاتجاهات، وتلعب بكل الأوراق المشروعة وغير المشروعة، دون تقدير منها لخطورة ما تفعل، متخيلة أنه بالمال يمكن أن تحوز تأثيراً سياسياً تشكل من خلاله المنطقة على هواها، أو أنها تصنع لنفسها حجماً أو مكاناً يفوق قدرها». ونوّه العطفي أن «الإرهاب الجاري في سيناء، والذي يلفظ الآن أنفاسه الأخيرة بفضل المواجهة المصرية الحازمة والشجاعة، ليس بعيداً مالياً أو لوجستياً أو إعلامياً عن أصابع قطر، إذ إنها تتصور بدعمه يمكن أن تؤثر في اتجاه المساعدة على انهيار مقدرات مصر».

وتابع العطفي أن «السلوك القطري هو سلسلة متصلة، فهي تتصور أنها بهذا الدعم تسهم في زلزلة النظام السياسي القادم، وبالتالي بسط الطريق أمام عودة نظام الإخوان المسلمين، وعلى رأسه الرئيس المعزول محمد مرسي، لأنه وبحسب تصريح الزعيم الإخواني يوسف القرضاوي، والذي يعكس توجهاً عاماً عند الجماعة وعند قطر، لابد من عودة مرسي للحكم بأي شكل، ومهما كانت الكلفة». وقال العطفي إن «قطر سعت لاستغلال ما سمّي بالربيع العربي عبر احتضان ما سمّته بـ(أكاديمية التغيير)، والتي كانت أقرب لـ(أكاديمية تدمير)، بحيث تستغل خروج الجماهير، وحرف حركتها في اتجاه إحداث فوضى خلاقة، وتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير لصاحبه شيمون بيريز، والذي يعتمد في جوهره على أفكار برنارد لويس، والهادف الى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، وتنشيط الإثنيات والعرقيات والأقليات والتناقضات داخل كل بلد لتفتيته، للهيمنة أكثر على مقدرات الوطن العربي، وحرف دائرة الصراع العربي الصهيوني لتصبح صراعاً داخلياً بين مكونات كل دولة عربية على حدة، وهو عود الى ما حاولت أميركا صنعه مطلع التسعينات بعد غزو بغداد، ثم توقفت عن السير فيه انتظاراً لخطة وظروف أكثر مواتاة». وفي ما يتعلق بالحل، شدد العطفي على أن «إنهاء الأزمة هو أمر يخص قطر، ويتمثل في التخلي عن كل سياساتها السلبية».

ضرائب سياسية واقتصادية

وقال عضو الحزب الديمقراطي طارق حسين لـ«الإمارات اليوم»، إن «الطريق الذي اتخذته قطر ستترتب عليه ضرائب سياسية واقتصادية باهظة لقطر قبل غيرها من الأقطار العربية، ولن ينتج عنه أي مكاسب لها مهما طال الوقت»، وتابع حسين أن «التوقيت الذي اتخذت فيه قطر قرار المغامرة باللعب على التناقضات السياسية العربية، قد اختلف عن الوضع الحالي، فلا نحن في حقبة الشرق الأوسط الجديد التي تصور فيها بوش الابن أن غزو العراق سيكون مقدمة لإعادة تشكيل شرق أوسط أميركي، فتلعب «الجزيرة» دور تكسير الأنظمة، ولا نحن بحقبة الربيع العربي الذي تحتضن فيه أميركا أوباما الإسلام السياسي وأخذ (الإخوان المسلمين) الى رأس السلطة، فتبيع قطر مهمة الوسيط والكفيل المالي والمروج الإعلامي، بل نحن في حقبة أدرك فيها الغرب خطورة إثارة الرمال المتحركة في الشرق الأوسط، وتبني المحافظة السياسية».


كشف حساب

كان الكاتب الصحافي المصري محمد الألفي رصد في دراسة له بـ«الأهرام»، كلفة ما دفعته قطر لتحسين صورتها خلال أربعة أشهر فقط منذ إعلان المقاطعة على النحو التالي:

- دفعت الدوحة في الأسبوع الأول للمقاطعة 300 مليون دولار لشركة «لوبينج» الأميركية، لتحسين صورتها أمام الرأي العام الاميركي والغربي، وهي الشركة نفسها التي تعاقد معها «الإخوان المسلمون» في وقت سابق.

- كشفت وثائق وزارة العدل الأميركية أن قطر أنفقت «ملايين الدولارات» في فرنسا وأميركا للنأي عن التصاق صورتها بـ«داعش».

- وقعت قطر عقداً مع شركة «أفينيو ستراتيجيك غلوبال» من 17 يوليو 2017 الى 17 يوليو 2018، لتقريبها مع صانع القرار في واشنطن نظير 150 ألف دولار شهرياً.

- في 21 أغسطس 2017 أعلنت شركة «نلسون مولينز» الأميركية عن تسجيل نفسها كعامل أجنبي لصالح قطر، لتقديم المشورة بالعلاقة مع أميركا نظير 100 ألف دولار شهرياً.

- وقعت السفارة القطرية في 11 يوليو 2017 اتفاقاً مع «مجموعة جالا قاهر» بفرجينيا، بقيمة 125 ألف دولار شهرياً، تقوم بموجبه المجموعة بتقديم المشورة «بشأن اتصالات السفارة مع السلطات التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة».

- وقعت قطر في 13 يوليو 2017 اتفاقاً مع مجموعة «ماك ديرموت وويل وايمري» الأميركية لتقديم المشورة لحكومة الدوحة بشأن إقامة اتصالات مع المسؤولين الأميركيين، نظير 40 ألف دولار شهرياً، وعيّن عضوا الكونغرس السابقان جيمس موران، وستيفن رايان، مسؤولين عن تقديم هذه الخدمات، على أن تتكفل الدوحة بمصروفات سفرهما وانتقالاتهما وإقامتهما الفندقية.

- وقعت قطر مع شركة «أوديان بارتنرز» اتفاقاً لطباعة ملصقات دعاية لقطر في أميركا لم تحدد قيمته، وألحق بالاتفاق نموذج لهذه الدعاية المطلوبة، مثل الإعلان عن الاستثمارات القطرية في أميركا بلغت 45 مليار دولار، أو أن قطر ستوفر 60 ألف وظيفة لأميركا في صفقة واحدة هي شراء طائرات إف 15.

- وقعت الدوحة في 7 يونيو 217 اتفاقاً مع «شركة اشكروفت»، التي يملكها المدعي العام الأميركي السابق جون اشكروفت لمدة 90 يوماً، يجدد باتفاق الطرفين، يحصل بموجبه اشكروفت على 2.5 مليون دولار مقابل خدمات يؤديها لقطر في أميركا.

- تم توقيع اتفاق بين قطر وشركة «إي.إم.إس» التي ستقدم «خدمات بحث واتصال» لصالح الدوحة في واشنطن نظير 375 ألف دولار شهرياً، مضافاً اليه اتفاق آخر بمبلغ 100 ألف دولار تدفعها قطر للشركة كوسيط لها مع مجموعة «كونوفر آند غولد» التي ستقدم خدمة إضافية.

- وقعت الدوحة اتفاقاً يسري لمدة أربعة أشهر مع شركة «لفيك استراتيجيك كومنيكشن» تقدم فيه الأخيرة دراسات تحليل واستشعار عن العلاقات الأميركية القطرية.

- كشف موقع «أودوير» الأميركي عن تعاقد قطر مع شركة «ستوننجتون» لبناء علاقة بين اللوبي اليهودي وقطر نظير 50 ألف دولار شهرياً.

تويتر