كثيرون يريدون الحصول على القنبلة النووية في الشرق الأوسط

أثار قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، انسحاب بلاده من الاتفاقية النووية مع إيران، وعرضه مساعدة المملكة العربية السعودية على إنشاء مفاعل نووي خاص بها، الكثير من التساؤلات حول الحمى النووية التي ربما تنتشر في الشرق الأوسط. وفي واقع الأمر، فإن السباق التسليحي في المنطقة يبدو حقيقياً. وإذا استأنفت إيران برنامجها النووي، ستبدأ السعودية بالتأكيد برنامجاً خاصاً بها، وكذلك الجزائر ومصر، وربما تتبعهم تركيا أيضاً.

وتستطيع إيران الحصول على القنبلة النووية خلال عام. وندرك الآن أنها تعمل على صنع قنبلة بقوة 10 كيلوأطنان. أما في ما يتعلق بتخصيب اليورانيوم حتى الدرجة العسكرية، فيمكن لطهران تعزيز أجهزة الطرد المركزي لإنتاج ما يكفي من يورانيوم القنبلة الأولى في غضون ثمانية أو 10 أشهر.

ثم هناك أيضاً الخيار غير المعلن، المتمثل باستخلاص البلوتونيوم من الوقود المستهلك للمفاعل النووي في بوشهر. وإذا افترضنا أن إيران تفتقر حالياً إلى مصنع صغير لفصل المادة الخام، فيمكنها أن تنشئ واحداً في غضون ستة أشهر. وتم الإعلان عن مخطط هذا المصنع على الملأ قبل 40 عاماً. ويمكن لمصنع فصل المادة الخام أن يعالج كمية من البلوتونيوم تكفي لقنبلة نووية واحدة خلال أسبوع، ثم الكمية ذاتها خلال يوم واحد فقط. ونظراً إلى أن طهران عملت على تصميم الأسلحة سابقاً، فمن المعقول أن نفترض أن إيران سيكون لديها جهاز انفجار داخلي جاهز، ويمكنها تحضير البلوتونيوم أو اليورانيوم عالي التخصيب، لوضعه في قلب القنبلة بسرعة نسبية.

وأشارت التحليلات الأخيرة إلى أنه لو استخدمت إيران البلوتونيوم المخصب في مفاعلها النووي في بوشهر، فإنها يمكن أن تصنع قنبلة بقوة تسعة أو 10 كيلوأطنان عن طريق استخدام تقنية ترجع إلى خمسينات القرن الماضي لصنع هذه القنابل. وإذا كانت إيران قد أفرغت مفاعل بوشهر من الوقود، ومن ثم حرقه بالكامل، كما فعلت عام 2012، فإنها يمكن أن تصنع قنابل أكثر قوة، ولكن حكام إيران لا يمكن أن يندفعوا نحو صنع هذه القنبلة، لأنهم يدركون أن ذلك يمكن أن ينجم عنه تعرضهم لضربات عسكرية من الولايات المتحدة، كما أنهم يريدون إبقاء الصين وروسيا و بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى جانبهم.

استفزازات

وبالطبع، فإن استفزازات إيران النووية يمكن أن تحفز الرياض على تطوير قدرات نووية. وكان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير، قد أعلنا مراراً أنه إذا حصلت إيران على القنبلة النووية، فإن السعودية لن تألو جهداً في سبيل القيام بالأمر ذاته، وهذا سيعني العديد من الأمور.

ويمكن أن تلجأ السعودية إلى بعض البلدان الصديقة، مثل الصين أو باكستان، لكنها يمكن أن تفضل الحصول على القدرات النووية بنفسها، وبمساعدة من دول أخرى. ويمكن أن يتم ذلك عن طريق المشاركة في المعلومات التي ستسمح للرياض بالحصول على الأجزاء والمنشآت التي تحتاجها لإنشاء مفاعل نووي. واستناداً إلى برامج تخصيب سابقة، فإن الرياض يمكنها إنشاء مفاعل نووي خلال ثلاث سنوات، وإنتاج أول قنبلة نووية بعد عام من ذلك، بتكاليف تقدر ببضع عشرات الملايين من الدولارات. وثمة خيارات أخرى، تتمثل بشراء الرياض مفاعلاً نووياً بطاقة 1000 ميغاواط من الدول الرئيسة المصنعة لهذه المنشآت.

ولكن الأمر المقلق هنا هو أن تحذو دول أخرى في المنطقة حذو السعودية، مثل مصر، وتركيا التي طورت صواريخ بالستية، يمكن أن تحمل رؤوساً نووية. وإذا طورت مصر خياراً نووياً، يخشى البعض أن تقوم منافستها التقليدية الجزائر بالأمر ذاته. وفي نهاية المطاف هناك إسرائيل التي يعتقد أنها تمتلك الآن ترسانة نووية تزيد على 300 رأس نووي، وتم تشغيل المفاعل الذي أنتج هذه القنابل بالقرب من بلدة ديمونة، بهدف إنتاج مادة التريتيوم لحفظ السلاح النووي الإسرائيلي فترة أطول، والبلوتونيوم كوقود أسلحتها النووية، وهي تشغل أيضاً أجهزة طرد مركزية لتخصيب اليورانيوم من أجل برنامجها النووي. وبدأ تشغيل مفاعل ديمونة منذ نحو نصف قرن، ولكن إسرائيل تريد تشغيله نحو عقدين من الزمن أيضاً.

ويعتبر الشرق الأوسط حياً نووياً مظلماً، ومع ذلك، فإن أي تنافس إقليمي نووي لايزال بعيداً سنوات عدة، ويمكن تجنبه.

أولاً، وبمعزل عن مفاعل بوشهر، ليست هناك مفاعلات نووية فعالة في الشرق الأوسط، التي بدونها لا يمكن تخصيب اليورانيوم. أما المشروعات النووية التي يتوقع إنشاؤها في المستقبل، فإنها مكلفة جداً. وثانياً، فإن الطاقة النووية في منطقة الشرق الأوسط لم تصبح هي المفضلة حتى الآن، نظراً إلى أن معظم هذه الدولة تمتلك احتياطي الغاز الطبيعي الرخيص، إضافة إلى الطاقات المستدامة، التي تتضمن الرياح والطاقة الشمسية.