نظراً لمدى صعوبة العثور على مكان مناسب لانعقادها

موقع قمة ترامب وكيم أون يعـكس طبيعة سلوكهما الدراماتيكي

صورة

تتضمن التوقعات حول مكان القمة المرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والكوري الشمالي كيم يونغ أون، بلداناً عدة مثل شبه الجزيرة الكورية، والصين، والجزر التابعة للولايات المتحدة في المحيط الشمالي، بيد أن مصادر تدعي أن هذه الأماكن ليست الخيارات النهائية، وربما يكون هناك ستة أماكن محتملة في أوروبا، أهمها مدينة جنيف. وهناك أيضاً احتمالات أخرى هي منغوليا، وتايلاند، وسنغافورة، كما ظهر أخيراً احتمال قوي بعقدها في منطقة حدودية بين الكوريتين، لكن المشكلة الرئيسة المتعلقة بأوروبا هي حقيقة أن كيم ليس لديه طائرة يمكن أن يستخدمها للطيران إلى هناك دون إعادة تزويدها بالوقود، وهو ما يجلب عليه حرجاً كبيراً، أما منغوليا فستكون مكاناً غير عادي أبداً لمثل هذا الهدف، فالرئيس ترامب لن يكون مستعداً للإقامة في خيمة منغولية في السهول، وبانكوك مدينة معقدة وتعمها الفوضى ومكتظة بالسكان، أما سنغافورة فستكون الأفضل لعقد اجتماع جدي فيها، على الرغم من أنها ليست معروفة مطلقاً باعتبارها مكان استضافة القمم.


دمشق خيار مثالي

يمكن أن يختار الرجلان أيضاً كخيار متاح مدينة دمشق، إذ ستقدم دليلاً قوياً على أن الحل السلمي للصراع الكوري سيكون لمصلحة الجميع، فكوريا الشمالية ستكون هي الخاسر في أي حرب تقع، لكن كوريا الجنوبية والولايات المتحدة لا يمكن أن تعتبرا نفسيهما رابحين. وإضافة إلى ذلك فإن انهيار دولة كوريا الشمالية سيكون أشد وقعاً من ضربها بالسلاح النووي، حيث ستقع حرب أهلية، وستصبح الأسلحة النووية في متناول الجميع، ناهيك بتدفق الكثير من اللاجئين، وانتشار الفوضى التي ستعم المنطقة.


ينبغي طرح مدينة موناكو كخيار جيد، إذ إن هذه

الإمارة الأوروبية البالغة الصغر يسكنها الأثرياء فقط،

كما أنها ليست مشهورة كثيراً، وستكون وجهة

مثالية لكلا الزعيمين إذا ساءت أمورهما مستقبلاً.

ولكن لماذا لا تتم القمة في شبه الجزيرة الكورية التي تناسب مدى طائرة الرئيس الكوري، وثمة فندق فخم عند معبر بانمونيوم الذي يصل بين الكوريتين يناسب الرئيس ترامب؟ ولكن بيونغ يانغ أثارت قلقها على أمن الرئيس، وربما تبدو سيؤول منحازة إلى الإجراءات التي تفضلها أميركا، وتبقى بكين المكان المثالي، لكن واشنطن ربما تخشى من أن السلطات الصينية يمكن أن تؤثر على القمة بين الرجلين، وطوكيو قريبة أيضاً من المكان، لكن الكوريتين تتشاطران الكُره المشترك لليابان.

التفكير بصورة إبداعية

وبدلاً من التركيز على أماكن متوقعة، يتعين على الزعيمين الكوري الشمالي والأميركي أن يفكرا بصورة أكثر إبداعاً،فعلى سبيل المثال، هناك حديقة ديزني لاند في طوكيو، ربما تعكس حالة الاجتماع الذي سيتم بين دونالد أكثر الرؤساء الأميركيين بعداً عن المألوف، وزعيم كوريا الشمالية، (32 عاماً)، رئيس هذه الدولة، التي تعد الأغرب من نوعها في العالم، وربما يكون لدى كيم ذكريات محبذة له عن المكان، على الرغم من أنه لم يزره، لكن أخيه غير الشقيق زاره وهو يحمل جواز سفر مزوراً في محاولة للإطاحة بالزعيم الكوري الشمالي، فما كان من هذا الأخير إلا أن أرسل له من يغتاله العام الماضي.

وثمة مكان آخر هو مدينة تشيان في إقليم شانشي الصيني، وتشتهر هذه المدينة بجيش تراكوتا الأثري الذي أنشأه الإمبراطور قين شي هوانغ، والذي أراد منه أن يشكل حماية له في الحياة الأخرى. ويرغب الرئيس ترامب في الحصول على ترحيب ملكي أينما ذهب، ويمكن أن يقال لترامب إن هذا الجيش تجمع خصيصى لاستقباله، أي أن الامبراطور الصيني فكر بالرئيس الأميركي قبل نحو 2000 عام، وبالمقارنة يمكن أن يتخيل الزعيم الكوري الشمالي أن هذا الجيش تجمع ليقوم بحمايته إذا أرادت واشنطن انتهاك وعودها وحاولت مهاجمته في المستقبل.

وهناك أيضاً مدينة ماتاماتا في نيوزيلندا التي ستكون مكاناً رائعاً، وبالنظر إلى أنه يوجد في نيوزيلندا عدد من الخراف يفوق تعداد سكانها، فإنها ستنقل الزعيمين المتنافسين بعيداً عن الحياة المدنية، ويمكن أن ينشئ الزعيمان مخيماً في الجبال حيث تم تصوير المشاهد الريفية في الأرض الوسطى في أفلام «ملك الخواتم»، ويمكن أن يتخيل كل من الزعيمين ترامب وكيم أنهما يحاربان شراً عظيماً، ويعملان على إبعاد التهديدات الخطرة عن بلادهما. وفي ماتاماتا يمكن بسهولة أن يمشيا معاً في نزهة قصيرة بعيداً عن أعين وسائل الإعلام الدولية المفترسة.

وينبغي طرح مدينة موناكو كخيار جيد، إذ إن هذه الامارة الأوروبية البالغة الصغر يسكنها الأثرياء فقط، كما أنها ليست مشهورة كثيراً، وستكون وجهة مثالية لكلا الزعيمين إذا ساءت أمورهما مستقبلاً، فهل يستطيع كيم السيطرة على نظامه الأيديولوجي الغريب إذا أدت المفاوضات إلى انفتاح كبير على الغرب؟ أين سيذهب ترامب إذا تمت إدانته؟ يمكن أن تستقبل موناكو كلا الزعيمين إذا تمت الإطاحة بهما، وربما يتعاملان مع القمة كحملة كشافة.

وموسكو أيضاً يمكن أن تكون خياراً مقبولاً، فالرئيس ترامب يمكن أن يحقق هدفين معاً من خلال هذه الرحلة، إذ يمكنه مشاهدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضاً، وبالطبع فإن اللقاء مع بوتين لن يستمر طويلاً، فهذه الإدارة اتخذت موقفاً أشد صلابة من سابقتها، ولم تترك مكاناً للصلح بين الطرفين، وبعد بضع دقائق ربما يغادر الزعيمان الروسي والأميركي لقاءهما، ولكن لماذا نجبر أياً من الرئيسين على القيام بمثل هذه الرحلة غير الضرورية لرؤية بعضهما بعضاً؟ كما أن تجول كيم في العاصمة الروسية سيقنعه بأنه لا يوجد بها الكثير من الخيارات إذا أدى خضوعه لمطالب أميركا إلى الإطاحة به. وهذه المدينة جميلة في الصيف، ويأتي خريفها عادة قصيراً، وتتميز بشتاء مرعب لشدة برودته، وهذا ربما لن يعجب زوجة كيم، ري سول جو.

وربما تكون دولة الفاتيكان خياراً أفضل، وعلى الرغم من أن هذه القمة يمكن أن تقدم فرصة غير عادية لإنهاء مواجهة بدأت منذ سبعة عقود في شبه الجزيرة الكورية، فإنها يمكن أن تنتهي بصورة غير متوقعة، وإذا غادر الرئيس وهو يشعر بأنه تعرض للخيانة فإنه ربما يعود إلى استراتيجيته الحربية السابقة، وهذا ما سينسجم مع المشاعر التي أعرب عنها مستشار الأمن القومي الجديد جون بولتون ووزير الخارجية الجديد مايك بومبيو.

وفي نهاية المطاف لماذا لا تكون القمة في هونولولو؟ فهي مثالية وجميلة ومريحة وفي منتصف الطريق بين عاصمتي الزعيمين، ويسكنها أناس يشعرون بالخوف من تعرضهم للضرب بالأسلحة النووية الكورية الشمالية، وأما وصول ترامب إلى هونولولو فإنه ربما يذكره بأن فكرة الحرب غبية جداً حتى لو تخيل أنها ستكون بعيداً عنه في شمال شرق آسيا، ويمكن أن يشجع مشهد هذه المدينة الجميلة كيم على التفكير بشأن تقاعده فيها، وبالتأكيد فإن الزعيم العظيم يحتاج إلى قسط من الراحة، وربما سيفعل الرئيس الأميركي الأمر ذاته.

وتبدو القمة المرتقبة خطوة مثيرة وغير متوقعة من شأنها أن تصلح المشكلة التي ظهرت وكأنها مستحيلة الإصلاح، ولذلك فإن موقع هذه القمة يجب أن يكون فريداً أيضاً، أما جنيف فهي مكان متوقع وممل، لكن الأمر ليس واقعياً في ما يتعلق بكل من شيان ودمشق ومواقع أخرى عدة. ويتمتع الزعيمان بسمة التحركات الدراماتيكية التي لا يمكن توقعها، فلماذا لا يعكس خيارهما لموقع القمة بعض الجرأة من قبلهما؟

تويتر