حزب «فيديسز» يحذِّر ناخبيه من احتمال أن يقتحم «الغرباء» السياج

أكبر الفائزين في الانتخابات الهنغارية الخوف والكره.. وبوتين

صورة

قبل بضعة أسابيع من انتخابات، يوم الأحد الماضي، اكتشف سكان العاصمة الهنغارية بودابست وجود إعلانات في صناديق بريدهم، تحمل صور رجل أسمر البشرة، يحمل بندقية آلية وراية سوداء في خلفية الصورة. وكانت الرسالة المقصودة بسيطة: «إذا لم تصوتوا للحزب الحاكم (فيديسز)، فإن منازلكم سيستولي عليها الإرهابيون المسلمون».

الخيار الوحيد الذي تقدمه هذه الانتخابات هو بين اليمين المتطرف، واليمين المتطرف، والهنغار عالقون بينهما، وتبدو جميع توقعاتهم عن المستقبل قاتمة.

ويبدو أن هنغاريا تزدهر الآن على نشر المخاوف والتهديدات، أو على الأقل سياسيوها يشعرون بالانتعاش جراء ذلك. وكانت الشوارع تعج بالإعلانات السياسية العنصرية، إذ إن حزب «فيديسز» كان يدفع البلاد نحو اليمين والتطرف. وكان من بين أبرز «الغيلان» الذين يسببون الخوف لهذا الحزب، هو الملياردير المولود في هنغاريا والمحسن جورج سوروس، الذي يتم تصويره باعتباره مصمماً على «إعادة إسكان أوروبا» بالمسلمين الأقوياء. وبالطبع، فإن منع حدوث ذلك، كان من النقاط الرئيسة على برنامج حزب «فيديسز».

ونجحت استراتيجية بث الخوف والرعب، إذ تمكن حزب «فيديسز» من الفوز في الانتخابات، يوم الأحد الماضي، بنسبة 49.5% من الأصوات، في حين أن زعيم هذا الحزب القائد المتطرف والشعبوي، فكتور أوربان، أعلن نفسه «مدافعاً عن أوروبا»

شعور بالذهول

وكانت حالة نشر الرعب وتفاقم القلق، إذا لم نقل الريبة المرضية من الآخر، قد جعلت أعضاء حزب «جوبيك»، الذي لطالما اعتبر حزباً يمينياً متطرفاً، يقولون إنهم يشعرون بالذهول مما فعله فكتور أوربان. ويقول أحد قادة حزب «جوبيك»، مارتون جيونجيوسي: «يعتبر فكتور أوربان مسؤولاً عن نشر جو الكراهية في البلاد، إذ إن حزبه أكثر تطرفاً من حزبنا»، وأضاف مارتون، وهو عضو في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، ورئيس العلاقات الدولية في الحزب «أوربان سياسي فاشل، عمل على إيجاد نظام متطرف واستبدادي في هنغاريا»

ولن ينسى المجتمع اليهودي في هنغاريا تصريحات مارتون المعادية للسامية، بما فيها دعواته للتخلص من الأعضاء اليهود في الحكومة، باعتبارهم يشكلون تهديداً لأمن الدولة، وإدانته لما وصفه النظام النازي في إسرائيل. ولكن في هذه الأيام حتى حزب «جوبيك» بات يعتبر أقل تطرفاً من الحزب الحاكم.

إعلانات

وتضمن أحد إعلانات حزب «فيديسز» إشارة توقف حمراء، فوق صورة لحشد من الأشخاص القادمين من الشرق الأوسط أو جنوب آسيا، وبعضهم كان يحمل أطفالاً على ظهره. وترمز إشارة توقف إلى سياج الحدود الذي أنشأته هنغاريا، والذي أصبح مصدر فخر لإدارة أوربان، التي تمنع اللاجئين المسلمين القادمين من سورية، والدول الإسلامية الأخرى، من الدخول.

رسالة بسيطة

وفي واقع الأمر، فإن رسالة حزب «فيدسيز» من كل ذلك بسيطة، وتعني: «إذا لم تدعمونا، فإن خصومنا سيدمرون سياج الحدود، ويسمحون لحشود اللاجئين من الغرباء بالتدفق إلى الدولة».

ولم يحدث في تاريخ هنغاريا كله أن بدا كل هذا الاهتمام بالانتخابات البرلمانية، إذ إن أكثر من 68% من الناخبين الهنغار أدلوا بأصواتهم، واستمر التصويت حتى الساعة الثامنة والنصف ليل يوم الأحد، أي بعد زمن طويل من انقضاء الوقت المحدد لإغلاق مراكز التصويت، حيث كان الناخبون الهنغار ينتظرون في طوابير طويلة لنيل فرصة الإدلاء بأصواتهم.

أما في روسيا، فقد احتفل الكرملين بفوز أوربان على نحو غير عادي، وكأن زعيم الكرملين، الرئيس فلاديمير بوتين، هو الفائز. وقال عضو البرلمان الروسي، قسطنطين كوزاشيف، من المجلس الاتحادي الروسي، يوم الاثنين الماضي، إن فوز أوربان أظهر أن هنغاريا تمكنت من حماية مصالحها الوطنية في الاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي. وأضاف: «إذا أردنا تبسيط الأمور، فإن هذا النصر يعني التالي: نحن نتضامن مع شركائنا طالما أنهم لا يتناقضون مع مصالحنا»، وكان كوزاشيف ضمن قائمة 24 مسؤولاً روسياً فرضت عليهم وزارة الخزانة الأميركية عقوبات أخيراً.

أسباب تأييد أوروبا

وتساءل أنصار المعارضة الهنغارية عن السبب الذي يدعو الاتحاد الأوروبي إلى تحمل أوربان ونظامه المستبد، ويشعر كثيرون بأنهم واقعون في فخ الأجندات التي تطرحها الأحزاب اليمينية المتطرفة.

وعبّرت مديرة فرقة موسيقية في هنغاريا، وتدعى استر، عن مخاوفها على مستقبل بلدها ومستقبلها هي نفسها، ورفضت الكشف عن اسم عائلتها عندما تحدثت مع «ديلي بيست»، قائلة: «الخيار الوحيد الذي تقدمه هذه الانتخابات هو بين اليمين المتطرف، واليمين المتطرف، ونحن عالقون بينهما، وتبدو جميع توقعاتنا عن المستقبل قاتمة».

تويتر