لا يتطلب تعيينه تأكيداً من الكونغرس

بولتون يمثل خطراً على السلام العالمي

صورة

ينتمي جون بولتون، أحدث خيار للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، كمستشار للأمن القومي، إلى مجموعة ما يسمى بـ«المحاربون في ظل منازلهم» في واشنطن، الذين يشعرون بالسعادة أكثر من أي شخص آخر، عندما يرسلون أبناء الآخرين لجحيم الموت في حروب أميركا الخارجية. وعلى غرار رفاقه السابقين في العراق، (الرئيس السابق) جورج دبليو بوش، و(نائبه) ديك تشيني، ورئيسه الجديد في البيت الأبيض، تجنب بولتون الخدمة العسكرية في فيتنام عندما كان شاباً. بولتون ليس داعية سلام، فهو بعيد عن هذا الجانب. لقد أصبح صقراً محافظاً على مر السنين، ومدافعاً متهوراً عن التدخل العسكري الوقائي، مدعياً أنه يمثل جزءاً من مصالح أميركا.

وعلى الرغم من الكوارث الفادحة لمرحلة ما بعد أحداث الـ11 من سبتمبر 2001، التي خلقتها آيديولوجية رفاقه المحافظين الجدد الأحادية المتغطرسة، ذات الصبغة القومية، لم يعترف بولتون أبداً بالخطأ. وظل سائراً على نهجه في المطالبة بتغيير النظام بالقوة في إيران وكوريا الشمالية. وظل عالقاً في مستنقع أحادي القطبية من صنع أفكاره الخاصة، وكلما صرخ بأعلى صوته غرق أكثر في العمق. لقد تغير العالم منذ عام 2003، لكن بولتون لم يتغير، كما وصفته «نيويورك تايمز» الأسبوع الماضي، بأنه رجل خطر حقاً. ومن الصعب أن نتخيل خياراً أسوأ منه كمستشار للرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي.

لا يتطلب تعيين بولتون في هذا المنصب المحوري تأكيداً من الكونغرس، فهو مثال آخر على أن الضوابط والتوازنات الدستورية الأميركية المثالية، قد أثبتت بأنها أقل فعالية في ظل رئاسة ترامب. ويأتي تعيينه في لحظة حساسة بشكل خاص. ومن غير المحتمل أن تتمخض القمة الموعودة بين ترامب و(رئيس كوريا الشمالية) كيم جونغ أون، عن أي شيء سوى توفير فرصة كبرى للرئيس للظهور. ولكن بفضل جهود كوريا الجنوبية، فإن هذا الاستعداد للحوار يمثل تحولاً جيداً بعيداً عن سياسة حافة الهاوية النووية التي نتجت عن التراشق بالعبارات النارية بين الرئيسين العام الماضي. غير أن بولتون، الذي ستكون مهمته إنجاح الاجتماع، قد رفض مثل هذه القمة بالفعل باعتبارها مضيعة للوقت. لقد جادل الشهر الماضي، فقط، بأن الضربة الأميركية الأولى - ما يسمى بخيار الأنف الدامية - ستكون رداً «شرعياً تماماً» على تراكم أسلحة كيم النووية.

سيناريو محتمل

والسيناريو المحتمل الآن هو أن الجانب الأميركي سيطرح مطالب يعرف أن كيم لن يقبل بها، مثل وقف برنامج أسلحته النووية، ونزع سلاحه من جانب واحد، ثم يلوم بولتون بيونغ يانغ على الفشل اللاحق. وسيقول: «كما ترى، لقد حاولنا، لذلك ليس أمامنا الآن بديل سوى القصف». نأمل أن نكون مخطئين في هذا الشأن، ولكن مثلما ألحق الدمار بالعراقيين بسبب الحرب الأميركية، فإن بولتون هو بولتون، يتمتع بتلك الغرائز العدوانية نفسها. قد يكون الهدف الكبير التالي هو إيران، وليس كوريا الشمالية. ومن المؤكد أن ترامب عازم على نقض المعاهدة متعددة الأطراف الموقعة في عام 2015، التي تحد من قدرات إيران النووية، عندما يتم استعراضها في مايو المقبل. ومن المؤكد أن إعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران، التي يدعمها بولتون بحماسة، سيطلق العنان لسلسلة من ردود الفعل العنيفة في الشرق الأوسط، والتي يمكن أن تؤدي، في أسوأ الحالات، إلى توسيع الصراع السوري ليصبح حرباً إقليمية غير قابلة للاحتواء. وتعتمل صدور قيادة إسرائيل اليمينية، المحببة لدى ترامب، بمشاعر الحقد الذي يدفعها لقتال «حزب الله»، حليف إيران في لبنان، الذي تتهمه بتخزين الصواريخ المتقدمة. واشتبكت القوات الجوية الإسرائيلية أخيراً داخل سورية مع الحرس الثوري الإيراني، والمزيد سيأتي. وتعتقد إسرائيل أن طهران مصمّمة على تطويقها بشكل عدائي.

وفي إيران نفسها، فإن رجال الدين المتشددين الذين يشجبون بولتون ويصفونه بأنه «راعٍ للإرهاب»، يرغبون في أنفسهم في رؤية العدائيات تشتعل مع إسرائيل وحلفائها الأميركيين، وأيضاً يأمل ذلك معظم الفلسطينيون في غزة. قد يكون الشرق الأوسط يجلس على برميل بارود، ولكن مع اختيار بولتون، وتعيين مايك بومبيو، وزيراً للخارجية، وهو صقر آخر مؤيد لإسرائيل، يكون ترامب قد أشعل النار في البرميل.

تمتد غرائز بولتون العدائية إلى السياسة الخاصة بالصين وروسيا، ولديه تاريخ، من عدم احترام حلفاء أميركا وتقويض المؤسسات التعاونية الدولية مثل الأمم المتحدة. كل هذا قد يناسب أجندة ترامب القومية الحمائية، وفي الوقت ذاته تنذر بالشر للعالم بأسره.

تويتر