من أجل مزيد من الضغط على قطر

البيت الأبيض يمكنه نقل قاعدة العديد إلى أيِّ منطقة أخرى

صورة

بعد أكثر من شهر من مقاطعة السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر دولة قطر على خلفية دعمها للإرهاب، أصبحت هذه الدولة الخليجية الصغيرة وحيدة منعزلة، لكنها لاتزال تتمتع بالثراء. ويفاخر محافظ البنك المركزي القطري، الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني، يوم الإثنين الماضي، بأن الأمور في دولة قطر تجري على ما يرام، ولها احتياطيات نقدية بقيمة 40 مليار دولار، إضافة إلى الذهب، وغيرها من الأصول، أكثر مما يكفي لمواجهة النزاع.

- لمجابهة التحدي الذي تفرضه الدوحة، أكثر من أي وقت مضى، تحتاج الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات أكثر جذرية، لإزالة الأداة التي تدعم هذه الإمارة لفترة طويلة جداً، وهي قاعدة العديد الجوية، حيث يعتبر إغلاق القاعدة أحد التكتيكات القليلة، التي يمكن أن تقنع قطر بإصلاح سلوكها المعوج.

- رؤية ترامب الجديدة للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، تمثل تحولاً كبيراً من عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، ما دفع الشركاء العرب إلى تحمل نصيبهم من المسؤولية في مكافحة الإرهاب، مؤكداً من جديد استمرارية ذلك التحالف طويل الأمد مع المملكة العربية السعودية، وإعادة تركيز أميركا اهتمامها على مواجهة الدول الراعية للتطرف مثل إيران.

هذه التدابير، مع استمرار وجود 10 آلاف جندي أميركي من كلا الجنسين في قاعدة العديد الجوية، إشارة إلى أن هذه الدولة الخليجية الصغيرة، ستكون قادرة على الاستمرار في مقاومة الضغوط الخارجية، والحفاظ على دعمها السري للجماعات المتطرفة.

ومع هذا التحدي، الذي تفرضه الدوحة أكثر من أي وقت مضى، تحتاج الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات أكثر جذرية، لإزالة الأداة التي تدعم هذه الإمارة لفترة طويلة جداً، وهي قاعدة العديد الجوية، حيث يعتبر إغلاق القاعدة هو أحد التكتيكات القليلة، التي يمكن أن تقنع قطر بإصلاح سلوكها المعوج.

القاعدة تخدم مصالح قطر

إن رؤية ترامب الجديدة للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، تمثل تحولاً كبيراً من عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، ما دفع الشركاء العرب إلى تحمل نصيبهم من المسؤولية في مكافحة الإرهاب، مؤكداً من جديد استمرارية ذلك التحالف طويل الأمد مع المملكة العربية السعودية، وإعادة تركيز أميركا اهتمامها على مواجهة الدول الراعية للتطرف مثل إيران. مؤكداً أن نقل القوات الأميركية من إحدى أكبر الدول المسببة للمشكلات والاضطرابات في المنطقة، سيبعث برسالة واضحة إلى شركاء الشرق الأوسط، بأن واشنطن تضرب مرة أخرى على الإرهاب بيد من حديد، وأنها على استعداد لمواجهة المنحرفين عن جادة الطريق.

وأشار ترامب بالفعل إلى أنه سئم «الحوم» حول الموضوع، وغرد بما كان يتداوله البعض في السر: قطر تدعم الإرهاب. وانتقد القائد العام الدوحة لدعمها الإرهاب، وفي الوقت نفسه سيرها في ركب الدول المناهضة للإرهاب، وأن هذا الانتقاد هو أقوى رسالة يمكن أن ترسلها الولايات المتحدة إلى هذه الدولة الخليجية.

قاعدة العديد هي عبارة عن استثمار استراتيجي ضخم بالنسبة لقطر، كما يقول المستشار بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، دينيس روس «حيث إن سبب استضافة الدوحة للجيش الأميركي، هو استغلالها رجالنا ونسائنا الذين يرتدون الزي الرسمي كضمان أمني، لتفعل ما يحلو لها، وليس كما يدعي القطريون أنهم استضافوها من أجل مكافحة الإرهاب».

وفي الواقع، فإن قطر في ما يتعلق بالشركاء في مكافحة الإرهاب، واحد من أكثر الشركاء إشكالية لأميركا. فقد أكد القطريون لنظرائهم الأميركيين، منذ سنوات، أنهم يبذلون كل ما في وسعهم لمنع مواطنيهم من تقديم الأموال إلى الجماعات المتطرفة، لكن ليس لديهم ما يبرهن على ذلك. وقد نشر الخبير بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ديفيد فاينبرغ، تقريراً شاملاً، في يناير الماضي، لم يتمكن فيه من العثور على دليل واحد بأن قطر «اتهمت أو أدانت أو سجنت أي فرد مدرج على لائحة الأمم المتحدة، أو اللائحة الأميركية الخاصة بالإرهابيين».

ومن المعروف أن قطر قد دعمت - بشكل غير مباشر - تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، والجماعات المتطرفة الأخرى، من خلال دفعها فدى، وآخرها دفع فدية إلى فصيل في العراق موالٍ لإيران للإفراج عن أفراد عائلته المالكة. وقد أدان مجلس الأمن الدولي ودول عدة دفع فدية من هذا القبيل، لأن مثل هذه الأموال تشجع الإرهابيين على ارتكاب المزيد من عمليات الاختطاف.

قطر تدعم الإرهابيين بشكل صارخ

ولا تملك قطر أي آليات، لقمع التمويل المباشر لبعض الجماعات الإرهابية. ويعتبر القطريون أحد الداعمين الرئيسين لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لسنوات طويلة، وأنهم أهم مصدر خارجي لتمويلها، وبلادهم مقر لزعيمها السياسي خالد مشعل، كما استضافت هذه الدولة الخليجية مسؤولين من حركة «طالبان» ظلا يسافران إلى قطر جيئة وذهاباً، لمقابلة أخطر خمسة سجناء من «طالبان»، استطاعت قطر إطلاق سراحهم من «غوانتنامو» مقابل إطلاق سراح الجندي الأميركي الأسير لدى «طالبان»، بو بريغدال. وكشفت البرقيات المسربة أن المسؤولين الحكوميين الأميركيين يعتقدون أن «طالبان» يمكن أن تستخدم قطر كقاعدة لجمع الأموال، وأن قطر قد مولت علناً فرع «القاعدة» في سورية، والتي وصفها مجلس الأمن الدولي بأنها «أحد أكثر الفروع فاعلية» للمنظمة في جميع أنحاء العالم.

إن دعم قطر الصارخ للجماعات الإرهابية، يجعل استضافتها لأكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة من المفارقات، فهذه القاعدة تعتبر مركزاً مهماً لمحاربة «داعش»، لكنها في الوقت ذاته، أحد الكيانات التي يعول عليها أمير قطر لسنوات عدة مقبلة. فمن خلال استضافته للقاعدة الأميركية، تستطيع حكومته أن تراهن بارتياح من تحت الغطاء الأمني الأميركي. وقد يجادل البعض بأن إغلاق «القاعدة» يعني فقدان قاعدة استراتيجية لأميركا، لكن الجيش الأميركي لديه من القدرات ما يكفيه لتعويض مثل هذه الاستراتيجية في البحرين، أو الإمارات العربية المتحدة، وأماكن أخرى في المنطقة.

ويبدو أن القطريين يدركون أن الولايات المتحدة لن تكون على استعداد لتغطية أفعالهم إلى أجل غير مسمى، لهذا يسعون للاختباء خلف بعض القوى الأخرى، التي يمكن أن ترسل جنودها إلى هناك لحمايتهم. وكما اتضح، فإن أحد البلدان استجاب لرغبتهم، وكرد فعل للمقاطعة نشرت تركيا قواتها في قاعدة عسكرية بقطر.

ويعتبر قرار تركيا إرسال جنود لقطر بمثابة دعم من نظام مؤيد لـ«الإخوان المسلمين» إلى نظام آخر مؤيد أيضاً له، وتستطيع تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان إرسال الآلاف من قواتها إلى الخليج العربي، لملء الفراغ الذي قد يخلفه غياب 10 آلاف جندي مغادرين لقطر. وبمعزل عن الولايات المتحدة وتركيا، فإن قائمة اصدقاء قطر تتناقص، لتنحصر في الجماعات الإرهابية، مثل «حماس»، والدول المارقة مثل إيران. ولايزال أمام القطريين متسع من الوقت للخروج من هذا الموقف، لأن أيام لعبهم على الحبلين قد ولت من دون رجعة.

إليوت باكر مستشار استراتيجي أميركي يتخذ من بروكسل مقراً له، وقد سبق له أن نشر هذا التحليل نفسه على صحف مثل «الديلي كولر»، و«ويسترن جورنالسم».

تويتر