بعد انقسام البلاد إلى صراعات متعددة

الفراغ الحكومي في ليبيا يجذب القوى الخارجية واللاجئين

صورة

خلال الشهر الأول من العام الجاري، غرق 246 لاجئاً قبالة الشواطئ الليبية، وهم يحاولون عبور البحر المتوسط نحو أوروبا. وجاءت هذه التقديرات من منظمة اللاجئين الدولية التي تقول إن 210 ماتوا في الفترة ذاتها من عام 2016. ومنذ بدء العقد الجاري لقي نحو 13 ألف لاجئ مصرعهم وسط البحر المتوسط، ولهذا ليس من المستغرب أن يصبح هذا البحر الطريق الأكثر فتكاً باللاجئين في العالم.

من ضمن 181 ألف لاجئ، الذين عبروا وسط البحر المتوسط العام الماضي، جاء 90% منهم من الشواطئ الليبية.

وقد اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي، باستثناء بريطانيا التي في طريقها إلى الانسحاب من الاتحاد، في مالطا، أمس، للقيام بمحاولة أخرى لمعالجة هذا الوضع الخطر. وخلال عام مضى، عقد الاتحاد اتفاقاً مع تركيا، حقق الهدف المنشود، حيث تم خفض اللاجئين العابرين نحو شرق وجنوب أوروبا. لكن مستقبل تحقيق مثل هذا التقدم في وسط البحر المتوسط ليس على ما يرام.

ويرجع السبب الرئيس في ذلك إلى انهيار الدولة الليبية بعد ثورة عام 2011، والتدخل العسكري الغربي الذي أدى إلى الإطاحة بالرئيس الراحل، معمر القذافي. وتعرف حكومات دول الاتحاد الأوروبي أن انهيار ليبيا، والديناميكية المختلفة للهجرة الإفريقية غير النظامية، يجعلان نموذج الاتفاقية التركية غير واقعي. لكن الاتحاد الأوروبي يؤكد بشجاعة أن لديه نموذجاً ليبياً على شكل حكومة مدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، التي ستعمل جهودها على إيقاف تدفق المهاجرين. ومن المحزن القول إن مثل هذا التعاون مجرد نسج خيال من الاتحاد الأوروبي.

ويرجع ذلك إلى أسباب عدة، أهمها أن انهيار الدولة الليبية أدى إلى توسيع الفرص لمهربي اللاجئين. ومن ضمن 181 ألف لاجئ، الذين عبروا وسط البحر المتوسط العام الماضي، جاء 90% منهم من الشواطئ الليبية. ويصل العديد من اللاجئين إلى الشاطئ، بعد رحلات طويلة شاقة عبر الصحراء الليبية من شمال النيجر.

ولا تملك حكومة طرابلس أي سيطرة عملياً على جنوب ليبيا. ويعتمد معظم السكان في هذه المنطقة، وعلى الحدود مع النيجر، على تهريب اللاجئين لكسب العيش. وقال الدبلوماسي الذي يترأس مهمة الأمم المتحدة لدعم ليبيا، الألماني مارتن كوبلر، إن هذا البلد عبارة عن «سوق بشرية» للمهاجرين.

ويقوم المهربون بنقل مهاجرين إريتريين ونيجيريين وأفارقة آخرين إلى الساحل الليبي، ويبيعونهم أمكنة على قوارب نفخ، وقوارب أخرى متداعية. وتستطيع بعض هذه المراكب الوصول إلى السواحل الإيطالية. لكن معظم القوارب المتداعية تنقلب وسط البحر المتوسط. وخلال الأعوام الثلاثة الماضية، وصل نحو نصف مليون شخص إلى إيطاليا عبر القوارب. وطبقاً لما قاله مفوض الأمم المتحدة لللاجئين، ديميتر افراموبولوس، ثمة 300 ألف آخرون ينتظرون في شمال ليبيا اللحظة المناسبة لمحاولة العبور.

وعندما يصل هؤلاء إلى الساحل الإيطالي، يكتشفون أن الاتحاد الأوروبي ليس لديه خطة متفق عليها لتوزيعهم على أعضائه، أو ربما إعادتهم إلى بلادهم. بل الأسوأ من ذلك أنهم سيسمعون المسؤولين الإيطاليين يشتكون من أن بقية دول أوروبا تركتهم وحدهم يعالجون قضية اللاجئين.

والأسوأ من كل ذلك بالنسبة للاتحاد الأوروبي أن ليبيا أصبحت منقسمة إلى عدد من الصراعات الداخلية الفوضوية. وأدى الفراغ الحكومي إلى تدخل القوى الخارجية ودخول الكثير من اللاجئين إليها. ومن أهم قادة المجموعات الموجودة حالياً، الجنرال خليفة حفتر الذي يقع مقر قيادته في شرق ليبيا، ويتمتع بدعم العديد من الدول العربية وروسيا.

ويبدو الجنرال حفتر الخصم العنيد الأقوى في شمال إفريقيا للمجموعات المتطرفة، وهو الموقف الذي جعله محط اهتمام من الكرملين أخيراً، وربما يكون هذا الرجل مفضلاً عند إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وإذا قررت واشنطن تحويل دعمها من حكومة طرابلس إلى حفتر، فإن الاتحاد الأوروبي سيقف مثل المتفرج على المشكلات الليبية.

تويتر