أزمات إنسانية متفاقمة يمر بها سكان القطاع بفعل غياب المياه والكهرباء والوقود والخبز

استهداف الاحتلال القطاعات الخدمية يعقّد حياة الغزيين

صورة

لم تقتصر نتائج الحرب الإسرائيلية المتواصلة على الفجيعة التي أصابت الآلاف من أهالي الشهداء والجرحى، أو على حجم الدمار الواسع الذي طال آلاف المنشآت السكنية والحكومية والاقتصادية، بل أفرزت أزمات إنسانية مركبة رافقت العدوان العسكري، وذلك نتيجة استهداف القطاعات الخدمية والبنى التحتية، وأخطرها قصف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة.

وبذلك أصبحت نسبة العجز في محطة التوليد 100% في توصيل الكهرباء، وهذا أوقف عمل المخابز، والمضخات في دفع المياه من الآبار إلى المنازل، فيما انعدمت مظاهر الحياة لدى الناس، إذ لم يجدوا أدنى احتياجاتهم اليومية، في ظل المجازر المروعة التي يرتكبها الاحتلال بحقهم.

وفي الوقت الذي تتعرض أحياء غزة للقصف والقتل الممنهج، اضطر المواطنون إلى الاصطفاف في طوابير بالمئات على أبواب المخابز لساعات، سعياً للحصول على ربطة خبز، بسبب عدم مقدرتهم على إعداده في المنزل، كما اصطف آخرون أمام خزانات المياه في الشوارع، علهم ينعمون بقليل يروي عطشهم، ويصبرهم على تحمل أوجاع حرب لا ترحم أحداً.

ويعمل «مخبز العائلات»، أكبر وأشهر مخابز مدينة غزة، ساعات معدودة في اليوم، بما يتناسب مع الإمكانات المتوافرة لديه، فالوقود الذي يعتمد عليه لتشغيل المولد الكهربائي، أصبح توفيره كمن يبحث عن إبرة في كومة قش، وذلك بفعل إغلاق المعابر مدة تزيد على الشهر ونصف الشهر.

وتعج بوابة المخبز بالمواطنين الذين حضروا منذ ساعات الصباح الباكر علهم يحصلون على الخبز، فيما ارتسمت الهموم والأوجاع على وجوههم، ما يظهر حالة القهر التي يشعرون بها، والمأساة التي خلفتها جرائم الحرب.

وأثناء وجود «الإمارات اليوم» بين هؤلاء الناس، كانوا يرددون دعاء «حسبي الله ونعم الوكيل»، إذ يختزلون في هذه العبارة ردهم على الأزمات الإنسانية التي تخنقهم، وتعكر صفو حياتهم، فهي أكثر العبارات التي يُسمع صداها وهم يصطفون، وينتظرون دورهم في الحصول على ما يحتاجون إليه.

ويقول المواطن سليم أبونحل، الذي تظهر عليه ملامح الضجر من الظروف التي يمر بها: «نحن لا نعيش حياة آدمية كبقية البشر في العالم، كل المقومات الضرورية لا تتوافر لدينا، فمنزلي يوجد فيه أربع عائلات من أقاربنا، نزحت إليه من منازلها المدمرة في حي الشجاعية، والاكتظاظ بات مخيفاً في منزلي الضيق».

ويضيف: «على الرغم من ذلك، وإضافة إلى مواصلة الاحتلال عدوانه، وإطلاق الصواريخ والقذائف من فوق رؤوسنا، إلا أن الكهرباء مقطوعة عن منزلي منذ أكثر من سبعة أيام، لم تصل ولو لدقيقة واحدة، فيما رافقتها أزمة المياه التي انعدمت تماماً عن المنزل، وما يزيد الأمر تعقيداً أن أزمة الكهرباء ونفاد الوقود لا تمكننا من إعداد الخبز داخل المنزل».

ويتابع أبونحل: «أخرج في صباح كل يوم من منزلي لأحضر الخبز والمياه، فيما يحيطني الموت من كل اتجاه، وأعلم أنني قد أموت بأي لحظة بفعل القذائف المدفعية والغارات الجوية، فحياتنا محفوفة بالمخاطر، ولقمة عيشنا ملطخة بالدماء، وعلى الرغم من ذلك فإننا نقبل على الحياة من بين الركام والدمار».

وبالانتقال إلى محطات المياه، تجد الأطفال هم أكثر الذين يوجدون لتعبئة العبوات والزجاجات الفارغة التي أتوا بها، فقد أصبح أكبر أحلامهم الحصول على قطرة ماء، أو كسرة خبز، في ظل حرب أنهكت براءتهم، لذلك يضطرون إلى الوقوف تحت أشعة الشمس، والموت يترصدهم في كل مكان، والصواريخ قد تباغتهم في أي لحظة، وتقبض أرواحهم من دون أن ينعموا بما يحلمون به.

وكانت ملامح التعب تختلط بالهموم التي تعتلي وجه الطفلة ريم الهسي (12 عاماً)، نتيجة انتظارها مدة تزيد على ساعتين في سبيل أن يأتي دورها لتعبئة الزجاجات الفارغة، فهذه الأزمات حملتها مسؤولية أكبر من عمرها الصغير.

تويتر