يعتبرنه وسيلة لحماية عائلاتهن من المجرمين والاعتداءات خصوصاً في المناطق الريفية

نصـف الأميركـيـات يتدربن عـلى استخـدام السلاح

آلاف النوادي للرماية النسوية مع ارتفاع نسبة الأميركيات اللواتي يمارسن الرماية إلى ‬51.5٪. أرشيفية

استقطبت ظاهرة تزايد أعداد النساء اللواتي يمارسن الرماية بالسلاح في الولايات المتحدة أنظار المسؤولين والخبراء الاجتماعيين في الآونة الأخيرة. وتذكر تقارير رسمية أن الرماية باتت تمثل هوسا بالنسبة للأميركيات في السنوات الـ‬10 الأخيرة، فقد ارتفعت نسبة الإقبال لتصل إلى ‬51٪. ففي الوقت الذي تحاول فيه بعضهن إظهار قوة المرأة، وأنها لا تقل عن الرجل في ما يخص استخدام السلاح، ترى أخريات أنها وسيلة لحماية عائلاتهن من المجرمين والاعتداءات الذي تحصل خصوصا في المناطق الريفية.

 منظمات نسوية تدعم حمل السلاح

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/07/01-eeee3.jpg

نشأت منظمة «نساء ضد مراقبة السلاح» عام ‬1994، وتقول مؤسستها جانلي توبيا «ليس كل الأميركيات يدعمن فرض رقابة على حيازة السلاح، كما أن الكثير منهن لا يردن أن يقعن ضحايا لحاملي السلاح المتهورين».

وتطمح المنظمة إلى تكثيف نشاطها على مستوى الولايات الأميركية، ولا توجد بيانات رسمية أو موثوقة عن عدد المنتمين لهذه المنظمة أو أعداد المنتسبات إليها. في المقابل تتبنى منظمة أخرى تنشط بشكل مستقل وتدعى «نساء أميركيات مسلحات»، نهجا أكثر تشددا في هذه المسألة، وتقول إنها لا تساوم ولا تتفاوض على حق الأميركيات الدستوري، الذي يضمن لهن تملك وحيازة السلاح من أجل الدفاع عن أنفسهن وعائلاتهن. وعرفت المنظمة بمعارضتها الشديدة وممارستها ضغوطا لمواجهة جميع المحاولات الهادفة لتقنين وفرض قيود على امتلاك السلاح، وذلك منذ قانون الأسلحة النارية في ‬1934. وتوقفت المجموعة عن استقبال أعضاء جدد منذ ‬2005، لكنها واصلت نشاطها وتحديث المعلومات بموقعها على الانترنت.

أما «مؤسسة المادة الثانية من الدستور»، فتنشر مجلة نصف شهرية متخصصة في مجال السلاح بعنوان «النساء والأسلحة». وتهتم المجلة التي ظهرت في ‬1989، بالأزياء القتالية النسائية ولوازم الصيد والمعلومات الخاصة بالرماية. وترى شريحة من الأميركيات أن الصيد لم يصبح حكرا على الرجال، وبإمكان المرأة أن تمارس هذه الهواية. في حين يرى دعاة فرض قيود على حيازة السلاح أن بندقية الصيد يمكن أن تستخدم في قتل إنسان، الأمر الذي يستوجب التدقيق على هوية حامل السلاح وسجله الجنائي.

وينقسم الأميركيون حول ضرورة تعزيز التشريعات المتعلقة بالأسلحة النارية الفردية، إذ إن حيازة السلاح حق يكفله الدستور الأميركي تماماً، مثل حق حرية التعبير عن الرأي، وحرية المعتقد والدين. وأكد خبراء أمن أن الأحياء الأميركية التي توجد فيها مدارس، أنفقت ملايين الدولارات على أجهزة رصد المعادن وكاميرات الأمن، وخطط رد الفعل في حالات الطوارئ منذ مذبحة عام ‬1999 في مدرسة كولومبيا الثانوية، لكن لم يكن ثمة وسيلة لمنع وقوع مذبحة مدرسة كونيتيكت الابتدائية، في ديسمبر الماضي. وأودت حوادث العام الماضي في أميركا بحياة أكثر من ‬80 شخصاً، كما أشارت مواقع أميركية متخصصة، ومن بينها فتح شاب مقنع النار على جمهور سينما في كولورادو، راح ضحيته ‬12 شخصا، إلا أن حادثة كونيتيكت، التي أودت بحياة ‬28 شخصا بينهم ‬20 طفلاً، تعد من أسوأ الهجمات في تاريخ الولايات المتحدة. وتشهد أميركا معركة مستعرة حول وضع ضوابط لحيازة السلاح منذ مجزرة نيوتاون العام الماضي، التي ذهب ضحيتها ‬20 طفلاً وستة بالغين، لكن حتى الآن، فشلت المساعي في تشديد قوانين ضبط السلاح، بسبب قوة نفوذ لوبي السلاح والمنظمات المحلية الرافضة لتشديد الرقابة.


‬200 مليون قطعة سلاح بيد الأميركيين

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/07/01-eeee2.jpg

تقول معظم التقديرات إن عدد الأميركيات اللواتي يحملن السلاح يراوح بين ‬12 و‬15 مليوناً. ومن بين ‬200 مليون قطعة سلاح فردي في أميركا، امتلكت النساء ‬10.8٪ من هذا العدد، في ‬2008، وذلك حسب إحصاء لمركز أبحاث الرأي العام الوطني، ومثل ذلك تغييراً طفيفاً منذ الثمانينات، إذ كان ‬10.5٪ من الأسلحة في أميركا بحوزة نساء. وجاء في إحصاء أجراه معهد الدراسات الاستراتيجية، ومقره جنيف، في ‬2007، أن السوق العالمية تنتج نحو ثمانية ملايين قطعة سلاح فردي سنوياً، ونصف الكمية تقريبا ‬4.5 ملايين قطعة، تتوافر في السوق الأميركية للاتجار فيها.

وتقوم تيريزا أوفال بتدريب المنتسبات لنادي الرماية، الذي يبعد عن العاصمة واشنطن ‬80 كيلومترا، على استخدام المسدس للحماية الشخصية، وممارسة «حق يكفله الدستور»، كما تقول المدربة.

وتقول إحدى المتدربات، وتدعى شارون شيفر (‬62 عاماً)، وهي تشير بفخر إلى الهدف، إنها أصابت الدائرة الصغرى في الهدف مرات عدة، وأنها ستستمر في التدريبات حتى تصبح مستخدمة بارعة للسلاح الناري، وتهنئها تيريزا قائلة «لقد أبليت بلاء حسناً ياشارون، استمري على هذا النحو».

ويتزين نادي الرماية كل يوم خميس باللون الوردي، وهو لون قمصان السيدات اللواتي أطلقن على أنفسهن «حاملات السلاح». ولا يسمح للرجال بالانضمام إلى المجموعة التي تتلقى التدريبات على حمل السلاح وإجراءات الأمن، مجاناً، على يد تيريزا المجندة السابقة في صفوف قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز).

وتضيف تيريزا، وهي مؤسسة المجموعة النسائية «عندما أتين للتدريب للمرة الاولى، كن متوترات، لكن عندما أدركن قوة السلاح وأن الرماية أمر مسل، منحهن ذلك ثقة بأنهن وأصبحن قادرات على الاعتناء بأنفسهن بطريقة مختلفة»، مؤكدة أن «الاعتناء وحماية أنفسهن، هما الهدف الأساسي من التدريب».

وتظهر استطلاعات الرأي أن ما يقارب ربع النساء بالولايات المتحدة في ‬2011 كن يملكن مسدسا واحدا على الأقل، أي أكثر مما كن عليه بكثير في الأعوام السابقة. وبالنسبة لأعضاء المجموعة ـ مثل المتدربة شيفر ـ الأمر لا يتعلق فقط بكسر الحواجز، بل بالمطالبة بحق دستوري.

وعلى غرار معظم مالكي الأسلحة، توافق هؤلاء النساء على بعض الإصلاحات، ولكن يدافعن عن حقهن في امتلاك السلاح. وتضيف أوفال أن «الجدل لا يدور حول إبقاء السلاح في أيدي الأشخاص الصالحين، بل في كيفية إبعاده عن الأيادي الشريرة، وهذا ما علينا التركيز عليه». وفيما النقاش محتدم، تقول النساء إنهن سيواصلن التدريب، ليثبتن أن النساء بإمكانهن تحقيق أهدافهن، هذه المجموعة من هواة الرماية بالسلاح الناري ليس استثناء أو حالة خاصة، وأميركا المدججة بالسلاح، تعج بآلاف نوادي الرماية النسوية، ومن بينها «شوتينغ ديفاز» بولاية فيرجينيا، و«بنات البارود» في كارولينا الشمالية، في حين يشرف نادي «فتاة ومسدس» على تدريب نحو ‬40 مجموعة في شتى أنحاء الولايات المتحدة. وراجت أخيرا تجارة السلاح والمستلزمات الخاصة بالنساء، على شبكة الانترنت، بما في ذلك مسدسات باللون الوردي.

انشغال بالأمن

يقول مركز «غالوب» للدراسات إن عدد النساء الحاملات للسلاح ارتفع من ‬13٪ في ‬2005 إلى ‬23٪ في ‬2011 (مقارنة بـ‬46٪ من الرجال). أما الأميركيات اللواتي يمارسن الرماية فقد ارتفع عددهن ‬51.5٪ في الفترة بين ‬2001 و‬2011، أما النساء المنخرطات في الصيد فقد ارتفع عددهن إلى ‬41.8٪.

ويقول خبراء إن اهتمام النساء بالسلاح الناري بات «ظاهرة في ارتفاع منذ ‬10 سنوات». وتكون النساء في الوقت نفسه اقتحمن مجالا كان في الماضي حكرا على الرجال، حسب الأستاذة بجامعة «سكيدمور كوليج»، ماري زايس، المتخصصة في هذا الشأن. أما بيل براسار، المتخصص في الرماية، فيقول إن «الأميركيات منشغلات جدا بمسألة أمن عائلاتهن». في حين يرى البعض أن حمل السلاح بات أمرا وراثيا عند الأميركيين، سواء الرجال أو النساء.

وتقول الناشطة في مجال حقوق المرأة، إليزابيث تيمز، وهي موظفة في الخمسينات من العمر، إن «القول بأن النساء أكثر انقيادا وإحساسا، وأن الأنوثة لا تتجانس مع السلاح، أصبح شيئا من الماضي». وتعتقد تيمز أن «حمل السلاح هو بمثابة إثبات الذات».

وتقول تيمز، المطلقة التي تعيش بمفردها، إنها تحمل سلاحا فرديا وهذا أمر شائع في ولايتها فيرجينا. وتضيف «إذا شعرت في يوم ما بأن حياتي في خطر فسأستخدم سلاحي، وهذا أمر بسيط».

وتقول المتدربة شارون شيفر إن لا أحد من حقه أن يمنعها من امتلاك السلاح، لا الرئيس ولا غيره، لأنه «حق دستوري». وانضمت الكثيرات إلى نوادي الرماية، على الرغم من موقفهن السابق من السلاح. ومن هؤلاء ديدرا براون، التي تقول «في السابق كنت أكره شيئا يمكن أن يشبه السلاح». وتؤكد أنها تعرضت يوما للاعتداء واضطرت للفرار من المهاجم، وشعرت حينها بأنها ضعيفة للغاية، وتضيف «لقد شعرت يومها بأنني عاجزة أمام شخص أفرغ مخزن مسدسه وهو يطاردني». فقررت شيفر اقتناء مسدس أصبح يلازمها دائما، وتقول الموظفة في شركة عقارية «منذ ذلك الحين لم أشعر بالخوف أبداً».

تجارب مريرة

قررت تاريسا حمل السلاح بعد تجربة زواج فاشلة، فقد كان زوجها عنيفاً جداً معها ويعاملها بقسوة في معظم الأحيان، وتقول «بينما كان الأمر صعباً بالنسبة لي، كان قراري بألا أسمح لأحد بضرب رأسي بالأرض، أو أن يخنقني أحد مرة أخرى». في إشارة إلى سلوك زوجها الوحشي.

وتضيف تاريسا «لن أعتمد على الشرطة في المستقبل، فقد صدقوا ما قاله (زوجها) بأني هاجمته، فقام بصفعي وتثبيت يدي فقط». أما تونيا التي تعمل في مدرسة ابتدائية، فقد قتل شقيقها عندما كانت مراهقة، في حادث إطلاق نار، وتقول «بعد الحادث بسنوات، ذهبت إلى مركز للتسوق بمفردي وكان يومها نهاية الأسبوع، وكنت خائفة جداً من أن أترجل من موقف السيارات إلى مدخل المركز».

وتضيف «في نهاية الأمر قلت في نفسي هذا يكفي ولن أفعلها مجدداً». واقتنت تونيا مسدساً وعكفت على تدريب نفسها وعائلتها من أجل الاستخدام الآمن لهذا السلاح، واعتقدت حينها أن حملها للسلاح سيحميها وعائلتها من المجرمين، والعنف الذي يمارسه البعض ضد الآخرين.

وبعيدا عن مسألة الدفاع عن النفس، تعتبر بعض النساء مسألة حمل السلاح ذات بعد اقتصادي واجتماعي أيضا، فالسلاح يعزز مكانة المرأة حسب هؤلاء، الأمر الذي جعل مستثمرين يهتمون بهذا المجال، ومن هؤلاء فيكتوريا أمورمينو وويندي بوردرز، اللتان أنشأتا محال «بيستولز أند بامبز»، في ‬2009، وطورتا علامة تجارية تختص بمستلزمات المرأة في ما يخص السلاح والدفاع الذاتي. ولاقت الفكرة استحسانا كبيرا عند كثير من الأميركيات المهتمات بحمل السلاح. وتقول أمورمينو «من خلال أبحاثنا وجدنا أن عددا معتبرا من النساء لديهن أسلحة لأغراض ترفيهية ومن أجل توفير الحماية وكذلك الصيد». مضيفة أن «النساء يتصرفن بشكل مختلف عن الرجال، وهكذا خلقن، وإذا كان ولابد أن تمتلك المرأة سلاحا فيتعين أن نوفر لها خيارات عدة تتماشى مع أنوثتها».

وتقول الاستشارية جيس بوسارد إن النساء بالمناطق الريفية يعتمدن على السلاح للدفاع عن عائلاتهن ضد المعتدين، سواء كانوا من البشر أو الدببة، أو الذئاب التي تهاجم الدواجن والمواشي. وتضيف قائلة إن «تجار المخدرات الذين يستخدمون بنادق هجومية على الحدود مع المكسيك، يشكلون أيضا خطرا على سكان المزارع بالولايات الحدودية». وتوضح بوسارد أنه «إذا كنت تعيش في الريف أو مناطق نائية وواجهت مشكلة، فالشرطة لن تستجيب لنداء استغاثتك بسرعة، سيتعين عليك أن ترد أولا على الهجوم، ويجب أن تكون لديك القدرة على حماية نفسك ومن معك».

تويتر