مؤيدوه اعتبروا ثقة الرئيس السابق بنفسه منطقية «بسبب افتقاد الاستقرار»

الظهور الأنيق لمبارك يجدد دعوات إعادتـه إلى السجن

ظهور مبارك في المحكمة أنيقاً ومصبوغ الشعر وكأنه قادم من القصر الرئاسي أثار حفيظة معارضيه. رويترز

أثار ظهور الرئيس المصري المخلوع، محمد حسني مبارك، بشكل أنيق ومتماسك استفزاز معارضيه من جماعة الاخوان المسلمين وحركة «كفاية» وقوى ليبرالية ويسارية وثورية وشعبية، وجدد الدعوة إلى إعادته من المستشفى العسكري حيث هو الآن الى سجن طرة حيث مقر احتجازه الطبيعي، فيما تسبب الظهور الذي كان لافتاً فيه تجمع أعداد من أنصاره بلا خوف وهتافهم لمصلحته، في تأكيد مؤيديه على استمرار واتساع شعبية مبارك في الشارع، وبداية عهد جديد لإنصافه.

فقد شن أعضاء من مجلس الشورى الليلة قبل الماضية هجوماً على النائب العام المصري، طلعت عبدالله، لقراره إبقاء مبارك في مستشفى القوات المسلحة، على الرغم من التقرير البرلماني الذي أشرف عليه النائب الإخواني أكرم الشاعر، وأٍكد صلاحية مستشفى سجن طرة لمتابعة حالة مبارك الصحية.

وتقدم البرلماني محمد الصغير ببيان عاجل طالب بإعادة مبارك إلى سجن طرة، وقال فيه «من الواضح أن هناك كوافير للمتهمين يصبغ شعورهم ويشد وجوههم، كما أن مبارك ظهر وفي معصمه ساعة أنيقة قيمتها مليونا جنيه».

وقال النائب عاطف عواد، إن «معاملة الرئيس المخلوع جعلتني أتمنى الحبس، فهو على الاقل يقيم في مستشفى خمس نجوم، ويتنقل بطائرة».

من جهته، قال منسق الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) محمد الأشقر لـ«الإمارات اليوم» إن «إحساس مبارك بأن نبوءته (إما أنا أو الفوضى) قد تحققت، ما أضفى عليه إحساساً بالقوة انعكس على ظهوره الواثق في المحكمة». وأضاف أن هناك معلومات تتسرب بوجود مفاوضات تحت الطاولة، قد تنتهي بتخفيف الحكم أو تسهيل الإقامة لمبارك «اتضحت مؤشراتها بخروج معظم رجاله من السجن حتى الآن، وحدوث تقاعس عن ملاحقة استرداد الأموال المهربة في مصر، وإجراء مصالحات واسعة مع الفلول». ولم يستبعد الأشقر خروج مبارك نهائياً من السجن بحجة اعتلال صحته، ثم مغادرة مصر بعد ذلك، لكنه استدرك «أنه احتمال صعب جداً، والأرجح تسهيل شروط إقامته بمستشفيات تكون أقرب إلى منتجعات».

في الإطار نفسه، قال القيادي في «حركة الإنقاذ» نصر القوصي، إن ظهور مبارك كأنه قادم من القصر الرئاسي شكك في ملابسات احتجازه، بل حتى في احتمالات وجوده بمستشفى. وأضاف «لم لا يكون مبارك قد سمح له مجدداً بالعودة للإقامة في شرم الشيخ أو أي منتجع على البحر الأحمر؟ ثم إن واقعة صبغ الشعر تدفعنا للتساؤل: أي سجون هذه التي تتضمن في زنازينها مصففي شعر».

ودعا القوصي إلى «إعادة مبارك الى السجن، وخلق حالة من الشفافية حول ظروف احتجازه، بالسماح للإعلام بالتصوير الدوري له، وبإجراء مقابلات متواصلة معه، وأيضاً بالسماح لجهات حقوقية ورقابية بمتابعة الموقف، واطلاع الرأي العام على «ملابسات وجوده سجينا».

على صعيد موازٍ، قال رئيس تحرير صحيفة «الأحرار» اليومية والكاتب الصحافي بجريدة القدس العربي سليم عزوز لـ «الإمارات اليوم»، إن ظهور مبارك انيقاً ومتماسكاً «يظهر انه تكيف مع الواقع، واستوعب صدمة ما حدث، وانتقل من الدفاع إلى الهجوم».

وأضاف أن مبارك يسير بشكل دقيق طبقاً لارشادات مستشاريه، ففي بداية المحاكمات طلب منه أن يظهر في صورة الضعيف، وفي الجلسة الاولى حين قال رداً على نداء القاضي «حاضر يا فندم»، طالبوه بأن يعدل الرد ليصبح «موجود» حتى يحافظ على هيبته رئيساً سابقاً، والآن طلب منه المستشارون «الانتقال من صورة الضحية إلى صورة الرجل المنتصر». وأشار إلى أن «جزءاً من مشاعر مبارك بالقوة، احساسه بأنه ليس لدى النيابة ما تدينه به، خصوصاً بعد تهشيم الأدلة على يد ضابط تمت إحالته إلى المحاكمة، إضافة الى طمانينة مبارك بمثوله أمام محكمة برأت معظم متهمي موقعة الجمل».

وأكد أن هناك خلفية قانونية لثقة مبارك بنفسه، غير الظروف السياسية التي تبدلت تماماً، على عكس الجلسة الاولى، وهي اعتقاده باستمرار القاعدة القانونية بعدم جواز حبس المتهم احتياطياً الى مالا نهاية، ما لم تطلب النيابة اعدامه. وأوضح عزوز أن هذه المادة عدلت أخيراً في مجلس الشورى، وربما لم يسمع مبارك بذلك، ويمكن للنياية حبس المتهمين احتياطيياً في كل الظروف». على صعيد مقابل، اعتبر أنصار مبارك ظهوره الاخير «نقطة النهاية المنطقية لحملة ظالمة ضده وبداية لحظة الاتزان في تقييمه سلباً أو إيجاباً».

وقال الكاتب الصحافي وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني سابقاً عبدالله كمال لـ«الإمارات اليوم» إن دلالات ظهور مبارك بهذا الشكل واضحة، «أولها أنه يقول إن الله منحه عمراً ليرى بعينيه بداية المراجعات، ويسمع عن فئات شعبية عادت لترفع صوره في القاهرة والمحافظات، ويلمس بنفسه الحنين إلى عصره، ليس بمعنى عودته إلى الحكم، وإنما عودة المواصفات التي كان يوفرها لشعبه، وفي صدارتها الاستقرار».

وذكر أن «عجلة التاريخ استغرقت ‬10 سنوات قبل أن تمنح الرئيس الراحل محمد أنور السادات فرصة ثانية تعيد إليه تقديره، وتؤكد صواب موقفه حين ذهب عنه العرب الذين قاطعوه من أجل السلام، لكن مبارك نال فرصة إعادة الحكم على عصره قبل ان ينقضي العام الثالث على تركه الحكم، بعد أن كان يوصف بـ(المخلوع) أصبح يوصف بالرئيس السابق». وأشار كمال الى أن صفحة «أنا آسف يا ريس» على موقع «فيس بوك» تتخطى الآن مليوناً و‬100 ألف من المنضمين لها، وتحصلت هذه الارقام بعد وصول رئيس منتخب من الإخوان، وفي الصحف مقارنات يومية تقول «إن أيام مبارك هي الأفضل أو لا فرق هناك على أقل تقدير».

وأوضح كمال أن «ثقة مبارك بنفسه نابعة من أن المحاكمة تتم الآن، بعد أن تلاشت تقريباً حملات تخوينه واتهامه بالعمالة، في ظل أن الرئيس الحالي يتواصل يومياً مع إسرائيل، وحيث تلاشت حملات اتهامه بالفساد، إذ تلاحق كثير من الشائعات ذمة الاخوان، وتراجعت اتهاماته بالطغيان، بعد أن وصف الكثيرون الحكم الحالي بالديكتاتورية أو على الأقل أنه غير ديمقراطي». في الاتجاه نفسه، قال الناشط في ائتلاف «أسفين ياريس» محمد صلاح لـ«الإمارات اليوم»، إنه «إذا كان جوهر أي حكم في العالم هو المبدأ القرآني:{الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}، فان الوضع الحالي وما تشهده البلاد من انفلات أمني وتدهور اقتصادي يعطي وزناً لمصلحة مبارك في المقارنة، وهو ما انعكس شعبياً في خروج جماعات علناً تطالب بعودة حكمه وأيامه».

تويتر