قضى 20 عاماً في السجون الإسرائيلية.. وعاش مع عائلته لحظات

«الأسير المحرّر» وليد عقل.. يلتقي ويودع عائلته

الأسير المحرر وليد عقل يلتقي ويودع عائلته في يوم واحد. من المصدر

«حرية وإبعاد»، شعوران متناقضان عاشهما الأسير الفلسطيني المحرر وليد عقل (47 عاماً) في لحظة واحدة، فعلى الرغم من أنه تحرر من القيد ضمن صفقة تبادل الأسرى مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت، إلا أنه لم يتمكن من العودة إلى غزة والالتقاء بأسرته التي حرم منها منذ 20 عاماً، بل سيتم إبعاده إلى تركيا ليقضي فيها ما تبقى من حياته.

فيما عاشت عائلة الأسير عقل فرحة حزينة، فقد حضرت زوجته وابنه خالد وبناته وأحفاده إلى القاهرة، لينعموا بقليل من الدفء الذي ستحرم منه مجدداً مدى الحياة. فقد كان اللقاء قاسياً على قلب الأسير المحرر وعائلته، أحضان تعانقت لأول مرة، ودموع وأنّات ملأت مكان اللقاء، ولكن سرعان ما انتهت الساعات القليلة برفقة والدهم، قبل أن يفارقهم مرة أخرى، ليكون الحزن هو سيد الموقف.

وكان الاحتلال الإسرائيلي قد اشترط إبعاد 40 أسيراً خارج الأراضي الفلسطينية لأنهم يشكلون خطرا أمنيا، حسب ادعاءاتهم، فيما رحبت ثلاث دول باستقبالهم وهي تركيا وسورية وقطر، وقد تم استقبالهم في فندق شيراتون المطار بالقرب من مطار القاهرة، قبل مغادرتهم إليها، ويقول الأسير المحرر وليد عقل لـ«الإمارات اليوم»، «اليوم أعيش فرحة كبيرة وأشعر في الوقت ذاته بحزن، فعلى الرغم من الفرحة التي عشناها بعد أن خرجنا من الأسر، إلا أننا نشعر بحزن شديد لأننا تركنا أخوتنا الفلسطينيين والعرب داخل سجون الاحتلال الذي ينتهك كل قوانين وحقوق الإنسان، ولأنني سأحرم من العودة إلى غزة بجانب عائلتي وأحبتي».

ويضيف «على الرغم من كل ذلك فأنا أشعر بالسعادة لأنني تحررت من ظلم الاحتلال الجلاد، ومن العزل والقهر داخل السجون، وتمكنت من لقاء أبي وزوجتي وأبنائي وشقيقتي، فأصعب موقف عشته وأنا داخل السحن أن أبنائي كبروا وأنا بعيد عنهم».

ويتابع عقل قوله وهو يحتضن أبناءه «اليوم تمكنت من لقاء أسرتي، بل حضنت أحفادي أيضا، فابني خالد حرمت منه وهو في الخامسة من العمر، واليوم أصبح أباً لأربعة أطفال، وابنتي رواند التي لم أعرفها عندما رأيتها اليوم، لقد أصبحت أماً، بل أحضرت لي حفيدي كي أحضنه قبل أن أفارقه مجددا».

ويوضح أن الاحتلال رفض عودته إلى غزة بدعوى أنه من مؤسسي «كتائب القسام» الذراع المسلحة لحركة حماس، بالإضافة إلى مشاركته في نشاطات عسكرية ضد الاحتلال.

وكان الاحتلال قد حكم عقل 16 مؤبداً و10 سنوات، وقد قضى منها 20 عاما قبل أن يتم الإفراج عنه ضمن صفقة الأسرى.

ويقول الأسير المحرر «نحن مع الإفراج عن الأسرى بأي طريقة، ولكن السنوات الماضية أثبتت أن المفاوضات لم تقدم شيئاً للأسرى».

ويعد عقل المحرر الوحيد من قطاع غزة الذي سيتم إبعاده، أما بقية المحررين المبعدين فهم من سكان الضفة الغربية.

من جهتها، تقول زوجة الأسير المحرر وليد عقل لـ«الإمارات اليوم» «هذا اليوم هو أصعب يوم في حياتي أنا وعائلتي، فقد انتظرنا 20 عاما ليخرج حرا، ولكن في هذا اليوم نحرم من وجوده معنا مرة أخرى، ولكننا على يقين أنه سيكون بخير في الدول العربية، وعلى أمل اللقاء به، فالمقاومة الفلسطينية لن تقصر بحق الأسرى، وتسعى دائما كي يتنسموا الحرية».

وتضيف «منذ اللحظة الأولى للإعلان عن صفقة التبادل فرحنا كثيرا وسجدنا شكرا لله، خصوصاً عندما عرفنا أن زوجي سيكون ضمن الأسرى المفرج عنهم، ولكن هذه الفرحة جاء ما ينغصها، ففي اليوم الرابع للصفقة علمنا أن زوجي سيتم إبعاده، ولن يتمكن من دخول غزة».

وتتابع زوجة المحرر عقل قولها «نحن لم نستسلم وجئنا إلى القاهرة للالتقاء به، فمن الصعب أن نحرم منه على الرغم من تحرره من السجن. وسوف أحاول أن أسافر معه إلى تركيا، فهو يعاني أمراض بحاجة إلى رعاية، وكذلك كي أقضى ما تبقى من حياتي برفقته».

وتوضح أن آخر زيارة لزوجها داخل السجن كانت قبل سبع سنوات، حيث إنها لم تتمكن من زيارته من قبل خطف شاليت بعامين لدواعي أمنية حسب مزاعم الاحتلال، مشيرة إلى أنها كانت تطمئن على زوجها من قبل «الصليب الأحمر الدولي»، والمحامي الموكل بالدفاع عنه.

وتقول (أم خالد عقل) «كان زوجي يعيش ظروفا صحية صعبة داخل السجن، فقد كان يعاني مرضي الضغط والسكر، وعلى الرغم من ذلك كان الاحتلال يقيده بالسلاسل الحديدية خلال خروجه لتلقي العلاج، وهذا ما كان يتسبب بجرح قدميه، الأمر الذي يشكل خطراً عليه مريضاً مصاباً بالسكري».

أما ابنة المحرر عقل رواند فلم تفارقها الدموع، بل إن نظرها لم يفارق والدها خلال الساعتين التي مرت برفقته، وتقول «إن العمر لا يوجد به 20 عاما أخرى حتى أحرم من لقاء أبي مرة أخرى، فالفرحة لم تفارق قلبنا، لأن والدي قد تحرر من ظلم السجان، الحمدلله، لكننا شعرنا بالحزن لأننا سنحرم منه مجددا ولأنه الأسير الوحيد من غزة الذي تم إبعاده».

وداخل قاعة فندق شيراتون مطار القاهرة، لم يفارق زكريا عقل ابنه وليد، وهو يحتضنه ويقبله، والدموع قد رسمت معاناة أخرى على وجهه الذي خطته تجاعيد الزمن.

ويقول بصوت خافت «منذ عام 1998 لم أتمكن من زيارة ابني، وحرمت منه وهو في بداية شبابه، فشعور الفرحة الذي يغمرني اليوم لم أشعر به قبل ذلك طوال حياتي، فقد حضنت ابني أخيرا، ولكنه سيفارقني مرة أخرى».

وتقدم والد الأسير المحرر وليد عقل بالشكر إلى مصر الشقيقة على جهودها في إتمام صفقة التبادل والإفراج عن الأسرى واستقبالهم داخل أرضها، وتمنى أن يتم الإفراج عن جميع الأسرى.

تويتر