مبروك لمصر والجزائر

تفجرت فضيحتان صحافيتان عربيتان في ليلة، الأولى تمثلت في حوار ملفق نسبته صحيفة جزائرية (الفجر) للأمين العام المساعد لاتحاد الكتاب العرب حبيب الصايغ، ونفى بالكامل وقوعه. والثانية اكتشاف جريدة «الأهرام» القاهرية لتحقيقات على صفحاتها سبق نشرها في جريدة «الشرق الأوسط» السعودية. الفضيحة «العربية المشتركة» مدوية، لكن الجديد في تقديري حجم التلبس الواضح ليس إلا. فجميعنا يعلم وقائع السلب والنهب وافتقاد الدقة السائدة في مناطق كثيرة في الصحافة العربية، وجميعنا يرصد أنه لا يكاد يمر اسبوع لا يسمع فيه الناس عن اتهام باختطاف خبر أو السطو على تقرير، القصة كارثية. فنحن هنا لا نحكي عن فساد قطاع او جهة، وانما عن المؤسسة المنوط بها مكافحة كل فساد، والمرتبطة بحلم التغيير والديمقراطية بل والمعول عليها أداة فاعلة وربما حاسمة في غد عربي مشرق. زميلنا فراج إسماعيل في مقال له بموقع (المصريون) أرجع الحالة الى دخول طبقة جديدة من الصحافيين ممن «لا يعرفون أصول وقواعد المهنة»، لكننا يمكن ايضا ان نضيف لتقديره عوامل أخرى كثيرة. فالحقبة الشمولية بنموذجها العسكرتاري والقبائلي، خلقت إعلاما يحتقر المعلومة ويقدس «البروباجندا» ، وبدلاً من أن تصبح الصحافة سلطة رابعة في يد الأمة أصبحت سلطة جديدة في يد السلطة، وترتب على ذلك جيل من الآباء علم الأبناء أن أهم معلومة لا تستحق النشر ما لم يرد السلطان، وأن أتفه ملحوظة يجب أن تتحول الى «مانشيت» ما ألمح للأمر، فترتب على ذلك نشوء جيل صحافي فاقد للاحساس، وربما عدمي أمام فكرة خطورة المعلومة. فساد آخر دخل على المهنة جاء مع رجال الأعمال، فتحول الخبر في صحفهم الى إعلان مموه. عامل ثالث جفف الصحف، هو الحظر الممنهج للسلطات العربية على المعلومة. كل هذا خلق مناخاً «خفافيشياً» لا يصنع إعلاميين يصعدون من باب مهنيتهم. واقع مزرٍ وفضيحة عربية جديدة لكن الممتع فيها أن مصر والجزائر اللتين فرقتهما وقائع عدة الشهور الأخيرة، أصبح الآن بينهما - تزامناً أو توازياً - شيء مشترك. مبروك للفريقين الشقيقين. عفواً أقصد للجريدتين.



تويتر