حق مشاهدة «الجزيرة»

تمنع إسرائيل الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجونها من مشاهدة فضائية «الجزيرة»، منذ انتهاء حربها الأخيرة على قطاع غزة، والتي عرفت باسم «الرصاص المصبوب»، دون أن تلقي بالاً لذلك الخبر المختصر جداً الذي تبثه الجزيرة يومياً منذ عدة أشهر، حتى جاءت وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي يتسحاق أهارونوفيتش، حالة اعتدال المزاج، ليعترف بهذا الأمر قبل أيام، حيث قال «إن مصلحة السجون الإسرائيلية تحجب الجزيرة عن الأسرى الفلسطينيين بسبب خطورة مضمون ما تبثه ومعاداته لإسرائيل وتحريضها ضدها».

وبرر أهارونوفيتش ذلك الإجراء بقوله، قبل نحو عام شخّص المسؤولون الإسرائيليون «الجزيرة» كقناة ذات مضامين لا تلائم الأسرى، وعليه قامت مفوضية السجون بحجبها، وأوصت المحكمة بعدم التدخل في شؤون المصلحة واعتباراتها. وفي هذا السياق فرضت المفوضية قيوداً مشددة على أسرى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي، كوسيلة ضغط على حماس لرفضها التراجع عن شروطها لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت، حيث ادعت إدارة السجون في حينه أن انقطاع البث غير متعمد وأن سببه خلل تقني ليس إلا.

وطالبت النائبة العربية في الكنيست حنين زعبي المفوضية بإعادة بث القناة، وتوضيح أسباب قطع استقبال بث قناة «الجزيرة» كجزء من القيود التي تفرض على الأسرى، وقالت إن عدم السماح بمشاهدة قناة الجزيرة -والتي تعتبر نافذة الأسرى للعالم الخارجي- يعتبر مساً بحق المعرفة وحرية التعبير عن الرأي. وتقول زعبي إن إسرائيل تفرض العقاب الجماعي على الأسرى، بحرمانهم من التواصل مع العالم الخارجي عبر الجزيرة، والتي تشكل محوراً رئيساً للأسرى للاتصال مع العالم لمعرفة ومتابعة ما يدور من أحداث، مشيرة إلى أن إسرائيل تنتهك المواثيق الدولية التي تحرّم المس بحرية التعبير عن الرأي للأسرى، وطالبت باحترام حقوق الإنسان داخل جدران السجن كما في خارجه. وتم رفع دعوى قضائية باسم الأسير توفيق أبونعيم للمحكمة في سجن هداريم، طالب من خلالها باسم الأسرى بإعادة بث «الجزيرة» وتمكينهم من مشاهدتها، وقالت المحامية سناء دويك، التي تقدمت بالدعوى، إن قاضي المحكمة لم يتخذ قراراً نهائياً وحازماً، لكنه أوصى بأن على مفوضية السجون الإسرائيلية إعادة النظر في قرارها، خصوصاً أن الحرب على غزة قد انتهت، وأنها لم تحصل حتى الآن على أي رد من إدارة السجون وفي حالة استنفاد الإجراءات القانونية، سنلجأ إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لاستصدار أمر احترازي بإعادة بث «الجزيرة»، والسماح أيضاً بإدخال صحف تصدر في الداخل الفلسطيني للأسرى.

ويذهب رأي إلى أن الادعاءات الإسرائيلية بخصوص «الجزيرة» غير قانونية، وأن النظرية الأمنية هي «الشماعة» التي تعلق عليها المؤسسة الإسرائيلية مبرراتها، وأن القاضي تحول إلى موظف لدى الأجهزة الأمنية، وأنه عوضاً عن فضائية «الجزيرة»، تسمح مصلحة السجون باستقبال بث فضائيتي «فلسطين» و«العربية» في السجون، ما يثير المخاوف من أن هذا يندرج ضمن المحاولات الإسرائيلية لزرع الفتنة بين الأسرى الفلسطينيين. بقي أن نقول أن من شأن هذا الموقف الإسرائيلي أن يعزز ثقة القائمين على «الجزيرة» بقناتهم وما تبثه من برامج، ويقوي موقف أصحاب وجهة النظر القائلة إن «الجزيرة» تمثل رؤية جريئة وغير مسبوقة للإعلام العصري والمتطور، وهي بريئة من تهم عدة، منها أنها مشبوهة في توجهاتها وسياساتها ومرتبطة بجهة أميركية أو إسرائيلية من حيث التوجهات أو الاستمرارية أو التمويل.

تويتر