تصريح للفقي بشأن موافقة أميركا على رئيس مصر المقبل يفجّر أزمة

تظاهرة لحركة كفاية ضد توريث الحكم في مصر.                   أ.ف.ب - أرشيفية

فتح خطاب أرسله الصحافي الشهير محمد حسنين هيكل استهجن فيه مرور إشارة لرئيس العلاقات الخارجية في مجلس الشعب (البرلمان) المصري الدكتور مصطفى الفقي بشأن ضرورة موافقة الولايات المتحدة وعدم اعتراض إسرائيل على رئيس مصر المقبل الباب أمام ضجة واسعة، وشجبت الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) الإشارة، واستنكره الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) أيضاً، واعتبره رأيا فرديا. وكان الفقي قد ذكر ذلك، أول من أمس، في حوار أجرته صحيفة «المصري اليوم» معه. وقال القيادي في «كفاية» الدكتور يحيى القزاز إن «إشارة الفقي خطيرة، لأنها من قلب الحزب الحاكم، حيث يشغل الفقي منصب رئيس لجنة الشؤون العربية في البرلمان المصري حالياً، وكان يتولى منصب سكرتير الرئيس للمعلومات في السابق». واعتبر ما قاله الفقي « إقرارا بواقع اعترف به الرئيس السابق أنور السادات منذ ،1979 عندما قال إن 99٪ من أوراق اللعبة بيد أميركا، وإن الرئيس حسني مبارك مجرد حارس للمصالح الزميركية في المنطقة، ويسعى إلى توريث نجله جمال الحكم، وهذا يستحيل أن يتم من دون موافقة أميركية ورضا إسرائيلي».

وكشف القزاز عن فشل الحركات الاحتجاجية في مصر، في مواجهة ما سماه خط الاستسلام الذي يمثله الحزب الوطني الحاكم وقيادته. وأشار إلى «محاولات حثيثة لضرب (كفاية)، باعتبارها الحركة الوحيدة القادرة على التصدي لهذا التيار، خصوصاً أن التيارات الاحتجاجية الأخرى مجرد حركات حقوقية تبحث عن حقها في الصحة والتعليم والأجور وغيرها».

وقال القيادي في الحزب الوطني مجدي الدقاق « ما صرح به مصطفى الفقي يمثل إهانة لمصر وخصما من استقلالها وإرادتها، وهو مجرد كلام مصاطب لا يستند إلى معلومات أو وثائق». واستغرب «أن يصدر هذا الكلام من رجل يحتل موقعا قيادياً داخل السلطة»، واعتبر ذلك مجرد رأي لمفكر، وليس معلومة حقيقية.

وأضاف الدقاق «العلاقة مع أميركا هي شراكة وليست تبعية، بدليل أن الرئيس مبارك ألغى المناورات العسكرية مع الجيش الأميركي، واتخذ مواقف معارضة لواشنطن في قضايا فلسطين وضرب إيران والتحالف ضد الإرهاب، ووقفت مصر بكل قوة ضد الموقف الأميركي في شأني سورية والسودان، إضافة إلى موقفها الواضح المناهض لسياسة واشنطن في المنطقة، خصوصاً إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل». وقال «حديث الفقي يخدم مصالح الأعداء ويضرب الاستقلال، فمصر التي رفضت أن تملي عليها واشنطن قراراتها في قضايا خارجية، لا يمكن أن تنصاع لها في قضية خاصة بأمنها وسيادتها، مثل اختيار رئيس لها». وتابع «رفضنا على مر التاريخ حتى في هزيمة 67 أي تدخل أجنبي، ونرفض الآن أي تدخل خارجي في اختيار الرئيس المقبل، ومن سيأتي رئيساً لمصر سيأتي بإرادة شعبية، ووفقاً للدستور ومن دون تدخل من أي طرف خارجي أياً كان وزنه».

 
رسالة هيكل

 أرسل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل رسالة لـصحيفة «المصري اليوم»، يعلق فيها على حوار الدكتور مصطفى الفقي، والذي نشرته الجريدة أول من أمس، ضمن سلسلة الحوارات التي يجريها الزميل محمود مسلم، حول مستقبل الحكم في مصر بعنوان «شاهد ملك»:


عزيزي الأستاذ مجدي الجلاد

إنني أعتذر عن إزعاجي لك وسط شواغلك ـ لكن حديثاً نشرته صحيفتكم «المصري اليوم» في عددها بالأمس، على صفحتي (8 ـ 9) مع الدكتور «مصطفى الفقي» ـ أثار في خواطري، وربما خواطر غيري، عدداً من الأسئلة ظننت أنك وحدك تستطيع المساعدة في أمرها بجواب.

في ذلك الحديث ـ في عدد الأمس ـ قال الدكتور «مصطفى الفقي» بالنص: «للأسف إن الرئيس المقبل لمصر يحتاج إلى موافقة أميركا وعدم اعتراض إسرائيل».

إنني توقفت أمام هذه العبارة التي قدّرتم أهميتها، فوضعتموها في مقدمة ما اخترتموه لحديث الدكتور «الفقي» من عناوين، لأنها جملة كاملة، وجملة معبرة، وجملة مسؤولة بلا سهو أو خطأ ـ باعتبار أن صاحبها يعلم ما يقول، ويقول ما يعلم، فقد تولى منصباً رفيعاً في الرئاسة لسنوات طويلة ـ وهو منصب سكرتير الرئيس للمعلومات ـ ثم إنه تصدر مهمة كبيرة لايزال عليها، وهي رئاسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب القائم.

دعني أضف أن أسئلتي ليست سياسية، وإنما مهنية، فأنت تعرف كما أعرف أن أركان الموضوع في أي خبر لا تستوفي حقها إلا أن تجيب عن أسئلة ضرورية لاستيفاء عناصره، فهناك فيما أورده الدكتور «مصطفى الفقي» خبر كبير، وذلك حين ذكر بعد تعبير عن الأسف «أن الرئيس المقبل في مصر يحتاج إلى موافقة أميركا وعدم اعتراض إسرائيل».

وإذا كان ما ذكره الدكتور «الفقي» خبراً، وهو خبر بالتأكيد، فإن هناك أسئلة وإجابات لازمة لاستكماله وكلها ليست من عندي، وإنما هي مجمل أول درس عن قواعد المهنة وأصولها سمعناه جميعاً.

والحاصل أن الدكتور «الفقي» أجاب عن سؤال واحد من أسئلة الخبر، وهو السؤال بـ: ماذا، أي ماذا حدث، وقد لخصه عنوان «إن اختيار الرئيس المقبل في مصر يحتاج إلى موافقة أميركا وعدم اعتراض إسرائيل».

لكن حق المهنة ـ وواجبها ـ يستدعيان بقية من أسئلة لابد لها من إجابة عنها حتى يستوفي الخبر أركانه. هناك السؤال عن: متى؟ (أي متى وقع الخبر؟ ومتى أصبح اختيار الرئيس في مصر بموافقة أميركية، وعدم اعتراض إسرائيل؟). وهناك السؤال عن: كيف؟ ـ وهناك السؤال عن: أين؟ وهناك السؤال عن: من؟ ـ وهناك السؤال عن: لماذا؟ ـ وأخيراً هناك السؤال عن: ثم ماذا؟

إنني أبعث إليك بهذه الرسالة وأتركها في عهدتك، وهي رسالة مهنية بحتة من رئيس تحرير سابق إلى رئيس تحرير جديد لاحق.

وإذ أبعث بها إليك ـ فإنني أتركها في عهدتك المهنية، ترى فيها رأيك حسب تقديرك ـ واثقاً في كل الأحوال من كفاءتك صحافياً مدققاً ومقتدراً.

تقبل وأسرة تحرير «المصري اليوم» صادق الود وموفور الاحترام.


محمد حسنين هيكل

ملحوظة: ربما يستطيع أحد خبرائكم القانونيين أن يشرح لقارئكم

معنى التعبير القانوني: «شاهد ملك!»، وقد اخترته بدوري عنواناً لهذه الرسالة إليك!
تويتر