إسرائيـل سيّـدة الموقــف في مـؤتمر جنيف ضد العنصرية رغم غيابها

لقطة جماعية للمشاركين في مؤتمر دربان الأول .2001 أ.ب

اعتبر الناشط الحقوقي المصري رئيس المنظمة العربية للإصلاح، محمد زارع، أن الهوة شاسعة بين ظروف انعقاد مؤتمر دربان الأول ودربان الثاني ضد العنصرية، وأن إسرائيل سيدة الموقف في المؤتمر الذي ينعقد حاليا في جنيف، على الرغم من غيابها والولايات المتحدة ودول غربية عن المؤتمر.

وقال زارع الذي شارك في مؤتمر دربان ،2001 ورفض المشاركة في دربان ،2009 «الفارق كبير باختلاف أجواء انعقاد المؤتمرين، فأجواء الأول كانت أفضل في عام ،2001 وكانت القضية الفلسطينية ملحة على العالم كله، وكانت إسرائيل محل انتقاد العالم كله أيضا. وبانتهاء دربان الأول في 8 سبتمبر ،2001 اختلفت الأوضاع،بعدها بثلاثة أيام في 11 سبتمبر، وكانت إسرائيل قد وصفت بالفعل بالعنصرية، وتم اعتبار الحركه الصهيونية حركه عنصرية . أما في دربان الثاني، فقد خلت أي إشارة لإدانة إسرائيل أو الحركه الصهيونية في أجندة المؤتمر وجدول أعماله، بل زاد على ذلك أن القوى الغربية تدخلت لمنع المساس بما تسميه معادة السامية ».

وأشار زارع إلى الأجواء السلبية التي سبقت المؤتمر، وما جاء على لسان دول أوربية أعربت عن خشيتها من أن يصبح الحق العالمي لحرية الرأي والتعبير عرضه للخطر، إذا أصدر المؤتمر نداء لفرض حظر على الإساءة للأديان، ما يعني موافقة الدول الغربية على الإساءة للديانات والأنبياء، مع رفضها المساس بإسرائيل والصهيونية ».

ويرى زارع أن تصريحات مندوبي الدول الغربية تعكس مدى التغير في الموقف العالمي، حيث قال مندوب السويد أمام مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن حرية التعبير يجب أن تكون معركتنا ضد العنصرية. فقد قال وزير حقوق الإنسان البريطاني مارك مالوك براون إن تقييد حرية التعبير يقوض التسامح، وعبرت أستراليا وسويسرا وفرنسا وألمانيا وهولندا وتشيكيا عن آراء مماثلة، ووضعت الولايات المتحدة قضايا حرية التعبير ومعاداة السامية ضمن الخطوط الحمراء .

وقال زارع «هذه الأجواء تعكس مدى تغير الموقف العالمي لمصلحة إسرائيل، ففي 2001 تظاهر نحو نصف مليون مواطن فى جنوب إفريقيا، -وكنت واحدا منهم - ضد العنصرية وإسرائيل. والآن، تشترط الدول الغربية عدم الحديث أو الإشارة إلى العنصرية، حتى لا تمس إسرائيل ولو ضمنيا، فضلا عن موافقتها على إهانة الأنبياء والديانات السماويه تحت مسمى حريه التعبير ».

وعن اختلاف الموقف بعد مغادرة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش البيت الأبيض وقدوم الرئيس باراك اوباما، قال الناشط المصري « الموقف اختلف، ولكن ليس كثيرا، فقد انسحب بوش في دربان الأول، وبعث أوباما وفدا في دربان الثاني للتعرف إلى سير التحضيرات، وأعلن أن بلاده سوف تشارك إذا تم تعديل النص النهائي لتوصيات المؤتمر بشكل جزئي، لكنه عاد واكتفى بالمشاركة مراقبا فقط».

ويرى زارع أن التحضيرات العربية قبل انعقاد المؤتمر لم تكن جيدة بالشكل المناسب للجم الضغوط الإسرائيلية والغربية، وإن ضغوط المنظمات الأهلية لا تستطيع الخروج بتوصيات تخدم القضايا العربية وفلسطين، ويساعد على ذلك عدم وجود مشروع عربي مشترك. كما أن توصيات المؤتمر غير ملزمة قانونيا، وإن كان لها قيمه أخلاقية، وسوف تخرج ضعيفة لا ترضي العرب والمسلمين، ولا تلوم إسرائيل ولا تدينها .

وأرجع ضعف الموقف العربي إلى موقف دول المنطقة السيئ في قضايا حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، فضلا عن التصاق تهم الإرهاب بالعرب والمسلمين . ويصب هذا الضعف في النهاية في مصلحة إسرائيل».

وعن إمكانية انسحاب الوفود والمنظمات العربية من المؤتمر، احتجاجا على تعنت الدول الغربية وتحيّزها، قال «لا يمكن أن تنسحب المنظمات الأهلية، لأنها آخر القلاع المدافعة عن الحقوق العربية فى هذا المحفل العالمي، خصوصا مع ضعف المشاركة الحكومية للدول العربية والإسلامية وعدم اتفاقها على قضية واحدة، فحتى قضية فلسطين أصبحت خلافية، فضلا عن احتمالات قويه بتوجيه انتقادات كبيرة للحكومات العربية، خصوصا في تعاملهم مع الأجانب والأقليات، بالإضافة إلى المصالح التي تربط الحكومات بالدول الغربية، والتى تحتل أولويه لديها عن قضايا العنصرية».

وعن أهم المحاور التي درستها المنظمات العربيه قبل انعقاد المؤتمر، أشار زارع إلى أن اتحاد المحامين العرب والمنظمه العربيه لحقوق الإنسان عقدا في القاهرة وجنيف لقاءات بالمنظمات المشاركة، خصوصا التي لها صفه استشارية في الأمم المتحدة، هدفت إلى تطوير التنسيق بين المنظمات العربية وتبادل المعلومات وتشخيص الوضع وتقسيم العمل . كما أعدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان أوراق عمل تخص التحديات التي تواجه القضايا العربية والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، في ضوء ضغوط المنظمات الصهيونية. ودعت المنظمة العربية المنظمات المشاركة من أجل التنسيق والتوافق فيما بينها على طبيعة المداخلات وتقسيم العمل والأنشطه خلال انعقاد المؤتمر، ومحاولة صياغة نقاط مرجعة للمنظمات العربية المشاركه، وإمكانيات التنسيق مع الوفود العربيهالرسمية .

ويوضح الناشط الحقوقي المصري أن استمرار الوضع العربي الراهن داخليا وخارجيا، سوف يضعف من الموقف العربي تجاه إسرائيل والقوى المساندة لها، وأن مؤتمر دربان الأول خرج بتوصيات لم تفعل، وسوف يخرج دربان الثاني من دون توصيات ولن يكون هناك دربان الثالث».

تويتر