تحقيقات باكستان حول «مومباي» «تشوش» الهند

الهند اتهمت باكستان بالتناقض في تحقيقاتها. أرشيفية - أ.ب

يدل التقرير الذي أصدرته باكستان أخيرا حول ما وصلت إليه تحقيقاتها بشأن التفجيرات الدموية التي هزت مدينة مومباي الهندية في نوفمبر الماضي على انها تواصل اسلوبها المنسجم مع القانون والحازم للوصول الى مدبري تلك التفجيرات وتقديمهم الى العدالة.

ويتكون التقرير من 32 بنداً، تتعلق الثلاثون الاولى منها بمحاولة تحديد هوية وشخصيات من يقفون وراء تلك التفجيرات، وتفاصيل لوجستية تتعلق بوسائل الاتصال والنقل، والمحطات التي تنقلوا منها واليها، وفرضيات حول رحلتهم من باكستان الى مومباي، والاتصالات التي اجروها اثناء الرحلة، مع الاشارة الى ان بعض المسائل تحتاج الى تصحيح او تأكيد.

ومن وجهة النظر القانونية فإن كل هذه التفاصيل وغيرها ضرورية لنجاح باكستان في ملاحقة المتهمين الذين هم في قبضة عدالتها حاليا وادانتهم. كما تساعد في تعقب آخرين قد تكون لهم صلات بالتخطيط للتفجيرات، ولكن يتعين على الحكومة الهندية التعاون مع باكستان والتجاوب مع طلبها المزيد من المعلومات، وليس الاكتفاء بلومها وممارسة الضغوط عليها، كما فعلت فور وقوع التفجيرات. فالملف الهندي الخاص بتفاصيل التحقيقات ونتائجها كان اساسا قويا لتحقيقات اضافية قامت بها اسلام اباد، وأثار عددا من التساؤلات والالغاز القانونية التي ما زالت معلقة بلا حلول.

كما اثارت الحكومة الباكستانية قضايا مهمة وأساسية في ردها، ولكن لا ينبغي النظر الى تلك القضايا كمحاولة للتملص من المسؤولية وتهيئة الارضية لاجراء محاكمات صورية ومضللة تنتهي الى لا شيء.

ومن الناحية السياسية فإن البندين الاخيرين في التقرير الباكستاني قد يثيران بعض الدهشة في الهند، لانهما يحتاجان الى دقة وحذر اكبر في التقييم، فقد سعت باكستان للحصول على معلومات اضافية حول الظروف التي احاطت بتفجيرات مومباي، خصوصا تلك المتعلقة بمقتل رئيس فرقة محاربة الارهاب الهندية هيمانت كاركاري، واحتمال تورط متطرفين هندوس في قتل مسلمين، بما في ذلك باكستانيون على الأراضي الهندية، حيث كان كاركاري يتابع تحقيقاته بشأن ملابسات قتلهم.

وقد تحاول الهند النظر الى هذا الامر على انه محاولة لخلط الاوراق وزيادة التشويش في العملية القانونية ضد مدبري تفجيرات مومباي من خلال رفع مستوى الارهاب الهندي الداخلي الى مستوى ما تتعرض له من ارهاب وتهديد خارجي، ويجب مقاومة اي محاولة هندية للتفكير في هذا الاتجاه، فهناك مشكلتان، الأولى الهامش الضيق لتحميل مسؤولية التفجيرات لمجموعة او جهة معينة، الثانية هي ان هناك جماعات دينية متطرفة، يتعاظم شأنها في جنوب آسيا وتميل بشكل متزايد نحو الارهاب للفت الانتباه الى قضاياها.

وحينما يتهم وزير الخارجية الهندي، براناب موخيرجي، باكستان بالتناقض والتحدث بأكثر من صوت بشأن التحقيقات في تفجيرات مومباي، فهو ليس مخطئا تماما، ويقول ان الموقف الباكستاني مبتلى باللف والدوران والغموض، بينما ذهب محللون الى ان هذا يعزز الانطباع بأن ذلك الموقف منقسم على نفسه ويفتقر الى التماسك.

وفي ظل الظروف الراهنة يبدو، من وجهة النظر الهندية على الاقل، ان اليد اليسرى للحكومة الباكستانية لا تعلم شيئا عما تقوم به يدها اليمنى، من دون ادراك حقيقي لمدى خطورة قضايا امنية تشكل تحديات لها. وعبر تاريخها الطويل وغير المستقر أظهرت باكستان توجهات لانكار وجود أي مشكلة دون إجراء اي تحقيق، لكن الاحداث اثبتت خطأ مثل تلك التوجهات.

تويتر