إسرائيل تعتبر الأمم المتحدة هيئة «تافهة»

إسرائيل لم تولِ اهتماماً لقرار مجلس الأمن 1860 للوقف الفوري لإطلاق النار في غزة. أ.ف.ب

على الرغم من تقديم إسرائيل الشكاوى الرسمية ضد حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، التي تقصف المستوطنات بصواريخ (القسام)، إلا أن وزيرة خارجيتها تسيبي ليفني لم تتوجه إلى نيويورك عندما اجتمع مجلس الأمن الدولي لمناقشة «التهديدات الفلسطينية». ربما كان هدف الحكومة الاسرائيلية تفادي «إضفاء الشرعية على مناقشات مجلس الأمن حول العملية الموجهة ضد حماس». وبينما كانت وفود عربية وفلسطينية عالية المستوى، تتوافد على مقر المجلس، أوكلت تل أبيب مهمة مناقشة أمنها إلى سفيرتها في الأمم المتحدة غبريلا شاليف.

وفي الوقت الذي دعت فيه اسرائيل إلى مواجهة إيران وسورية، اللتين تتهمهما بدعم المقاومة اللبنانية، ودفعت بمجلس الأمن لممارسة الضغوط على طهران من خلال العقوبات الاقتصادية، لم تولِ اسرائيل اهتماماً لقرار مجلس الأمن ،1860 والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، وهي إلى الآن تواصل عملياتها العسكرية في القطاع.

ويبدو الأمر طريفاً بعض الشيء، حيث إن اسرائيل لاتعترف بحماس ولاتريد مناقشة النزاع في الأمم المتحدة، ومع ذلك تتقدم بالشكاوى ضد الحركة باستمرار. ويبقى الاسرائيلي حائراً أمام تعاطي حكومته مع الأزمة الحالية، فهذه الحكومة تريد من مجلس الأمن حمايتها من حماس وإيران وسورية، إلا أن المسؤولين في هذه الحكومة يرفضون تدخل المجلس الذي يطلبون منه الحماية، الذي يطالبهم بوقف استخدام القوة المفرطة ضد سكان غزة.

مع هذا يتبادل قادة اسرائيل التهم، وينحي كل من رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك باللائمة على وزيرة الخارجية، التي يبدو أنها أخفقت في منع مجلس الأمن من إصدار القرار الأخير. وتقول ليفني إنها حذرت الحكومة من إمكانية تمرير القرار، وأن أولمرت كان من بين الذين منعوها من حضور المداولات في نيويورك.

ولعل أولمرت كان يعوّل على صداقته مع الرئيس الأميركي المنصرف جورج بوش والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، من أجل إفشال التصويت على القرار ،1860 إلا أنهما خيّبا ظنه هذه المرة وفضّلا الوقوف إلى جانب وزيري خارجيتيهما. ففي حين لم تطلب فرنسا تأجيل المناقشات، فضّل البيت الأبيض عدم استخدام حق النقض «الفيتو».

لاشك أن هذا التخبط في التعاطي مع المجموعة الدولية يعود بشكل أساسي إلى الخلافات بين المسؤولين الإسرائيليين، ويعكس ذلك عمق المشكلة التي تعيشها الدولة العبرية. حيث لم تقرر اسرائيل بعد إن كانت تريد أن تكون عضواً عادياً في الأسرة الدولية ومن ثم يتعين عليها أن تدفع ثمن العضوية العادية، أم أن تبقى معزولة. والواقع أن هذه المشكلة بدأت مع نشوء الدولة، ومافتئت تتفاقم إلى الآن.

ويرى الاسرائيليون ان منظمة الأمم المتحدة هيئة «تافهة» لاتستحق الاهتمام، الاتجاه الذي أيده رئيس الوزراء الأسبق ديفيد بن غوريون. كانت الحكومات الاسرائيلية ترى فيها مؤسسة معادية للمصالح الاسرائيلية، ليس فيها من ينصفها إلا «الفيتو» الأميركي. وفي المقابل أبدت الحكومات الأخيرة مرونة وتجاوباً مع الأمم المتحدة، التي كانت في الغالب إلى جانب تل أبيب.

أما الآن فقد وقعت الحكومة الاسرائيلية في المأزق، وهي في انتظار الولايات المتحدة لاخراجها منه، وسوف تخرج مهانة، رغم أن الحكومة بدأت تخفف من لهجتها وتقول إن القرار الأممي ليس سيئاً. والحقيقة أن اسرائيل وضعت نفسها في موقف محرج كان بالإمكان تفاديه.

علوف بن محرر في الشؤون السياسية

تويتر