3 مدارس تخدم 1000 طالب حوّلتها إسرائيل إلى ساحة حرب

طلبة «اللِبّن الشرقية».. هدف يلاحقه الاحتلال خارج المدارس وداخلها

صورة

يومياً، ومع ساعات الصباح الباكر، يتوجه مئات الطلبة في قرية «اللِبّن الشرقية»، جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، إلى الشارع الرئيس الواقع بين نابلس ومدينة رام الله، الذي يوجد فيه جنود الاحتلال، والذي تقع فيه مدارس القرية، إلا أن الطلبة لا يكملون مشوار مسيرتهم التعليمية اليومية للمدرسة، لأن القوات الإسرائيلية تعترض طريقهم، وتمنعهم من المرور عبر هذا الطريق العام، بذريعة الاحتياطات الأمنية. وهنا يضطر الطلبة إلى تغيير تجاه طريقهم، خشية تعرّضهم لإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز من قبل القوات الإسرائيلية المدججة بالأسلحة، ليسلكوا طرقاً وعرة طويلة المسافة، من أجل الوصول إلى مقاعد الدراسة، رغم تعرّض حياتهم للخطر.

هذه الطرق الفرعية الوعرة تقع بين حدود المستوطنات التي تحاصر اللبن الشرقية وتصادر أراضيها، وهي «رحاليم»، و«عيليه»، و«ليفونا»، و«شيلو»، و«أرائيل»، إذ ينتشر المستوطنون بكثافة في محيطها، ليعترضوا طريق الطلبة، الذين يواجهون انتهاكات جسيمة واعتداءات عديدة، تحت حراسة مشددة يؤمّنها الجنود للمستوطنين، من أجل منع وصول الطلبة إلى مدارسهم الثلاث، وهي مدرسة السادية اللبن، ومدرسة اللبن - الساوية الثانوية، ومدرسة بنات الثانوية. يضاف إلى ذلك، محاصرة العشرات من المستوطنين، في كثير من الأحيان، مدارس اللبن الثلاث والتجمهر أمام أبوابها، واقتحامها تحت حراسة مشددة من قبل جنود جيش الاحتلال.

مشاهد الاعتداء

مشهد الاعتداء على طلبة قرية اللبن الشرقية، يعد نموذجاً لصورة الحياة اليومية داخل القرية الفلسطينية، حيث يواجه قرابة 1000 طالب وطالبة يومياً خطر الموت أو الإصابة، فأثناء الذهاب إلى مدارسهم، والإياب إلى منازلهم، يتعرضون لانتهاكات عديدة ينفذها المستوطنون، وممارسات أخرى يرتكبها جنود الاحتلال، الذين يعتدون على طلبة قرية اللبن بالضرب بأعقاب البنادق خلال سيرهم إلى مقاعد الدراسة. وشهدت اللبن الشرقية منذ مطلع العام الدراسي الجاري في الأراضي الفلسطينية، وقوع أكثر من 100 اعتداء إسرائيلي بحق طلبة القرية ومدارسها، تمثلت في اقتحام الجنود للمدارس وإغراقها بقنابل الغاز السام والمسيل للدموع، والاعتداء على المعلمين وضربهم، وإغلاق بواباتها بالأقفال، وكان أخطرها إطلاق الأعيرة النارية صوب التلاميذ مباشرة، وإصابة العديد منهم بجروح.

الطفل عمر محمد عويس، في الصف السادس، كان آخر ضحايا الاعتداء الوحشي والاستهداف المتعمد لطلبة القرية، حيث احتجزته قوات الاحتلال يوم 21 من شهر مارس الجاري، أثناء مروره عبر الحاجز العسكري المقام على مدخل قريته، متجهاً إلى مدرسته. وفي تمام الساعة السابعة صباحاً، وأثناء انتظار الطفل عويس الجنود للسماح له وجميع الطلبة بالوصول إلى مقاعد الدراسة، كان يتناول ساندويتش الإفطار، وبينما هو كذلك، تفاجأ الطلبة والمدرسون بسماع صوت صراخ الطفل، إذ وجدوه مكبل الأيدي، تحاصره القوات المدججة بالأسلحة، بذريعة إلقاء الحجارة على الجنود. بقي عمر على هذه الحالة منذ السابعة صباحاً حتى انتهاء الدوام الدراسي بعد ساعة الظهيرة، حيث بقي محتجزاً داخل الجيب العسكري، لتطلق القوات سراحه بعد تعرّضه للضرب والاحتجاز، وإصابته بحالة خوف شديدة الأثر.

احتجاز جماعي واعتقال

مدرسة اللبن - الساوية الثانوية، التي تحتضن 420 طالباً وطالبة يدرسون في الفصل السادس حتى مرحلة الثانوية العامة، تُعد الأكثر تعرضاً لاعتداءات قوات الاحتلال، لاسيما عمليات اقتحام ساحاتها وفصولها، وكان آخرها خلال العام الدراسي الجاري. التقت «الإمارات اليوم» مدير مدرسة اللبن - الساوية، ياسر غازي، حيث شرح أن المدرسة تقع في منتصف الشارع الرئيس، بالقرب من حواجز الاحتلال العسكرية المنتشرة على طول الطريق، ونتيجة لذلك يواجه طلبتها بشكل يومي أقسى أنواع الاعتداء المتعمد من قبل جنود الاحتلال، لمنعهم وإعاقة وصولهم إلى مقاعد الدراسة. ويشير إلى أن مدرسته تتعرض لانتهاكات جسيمة على مدار السنوات الماضية، ولكن هذا العام تصاعدت الاعتداءات عن ذي قبل بشكل غير معهود، موضحاً أن هذه الاعتداءات تبدأ لمجرد وصول الطلبة إلى الشارع الرئيس على بعد 1500 متر من المدرسة، إذ يقابلهم أول حاجز عسكري، من ضمن عشرات الحواجز المنتشرة على طول الشارع، وعلى مدخل قرية اللبن الشرقية الرئيس.

ويقول مدير مدرسة اللبن - الساوية: «أتواجد يومياً وطاقم التدريس في مسافات مختلفة من الشارع، انطلاقاً من باب المدرسة وحتى مدخل القرية، حتى نؤمّن الحماية للطلبة، ولكن الاحتلال ينفذ ممارساته التعسفية بحق الطلبة، وأبسطها احتجازهم بشكل جماعي أمام الحاجز العسكري، وبعد انقضاء ساعات عديدة يسمح لهم بالمرور، وهذا يتسبب في تأخرهم عن الدوام الدراسي». ويضيف أن «عشرات الطلبة تعرضوا خلال العام الدراسي الجاري لإطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع، أما الطالبات فيعانين بشكل أقسى، خصوصاً أن مدارسهن أقرب على تواجد الجنود وحواجزهم العسكرية، إذ يعبرن عبر الحواجز إلى مقاعدهن الدراسية من بين بنادق الجنود».

ولا تقتصر اعتداءات الاحتلال ضد الطلبة عند هذا الحد، بل وصل الأمر إلى ملاحقة الطلبة واعتقالهم، خصوصاً الذين يدرسون في المراحل الأساسية، وهذا ما جرى مع الطفل حسن داوود من ذوي الإعاقة، والذي يدرس في الفصل التاسع داخل أسوار مدرسة اللبن – الساوية. وعن ذلك يقول مدير مدرسة اللبن - الساوية: «في شهر نوفمبر الماضي، اعتقلت قوات الاحتلال الطفل حسن داوود، الذي يعاني صعوبة في الحركة، ومصاب بخلل في توازن جسده، بينما كان متجهاً من منزله إلى المدرسة، بذريعة توجيهه شتائم ضد الجنود، وإلقاء الحجارة عليهم، رغم أنه يعاني صعوبة بالغة في النطق والحركة»، مضيفاً: «اقتاد الجنود الطالب حسن إلى مركز التحقيق، وأمضى يومين معتقلاً لدى جنود الاحتلال، الذين لم يفرجوا عنه إلا بعد إجبار والده على دفع غرامة مالية قدرها 1200 شيكل، على الرغم من تدهور الأوضاع المادية لأسرته».

«جيبات» عسكرية في المدارس

هنا مازالت الاعتداءات خارج أسوار مدارس قرية اللبن الشرقية، وبالانتقال إلى الحديث عن الجانب الآخر للاستهداف الإسرائيلي المتعمد للطلبة ومسيرتهم التعليمية، يؤكد مدير مدرسة اللبن – الساوية، أن عمليات اقتحام جنود جيش الاحتلال لساحات وفصول مدارس القرية كثيرة، فمدرسته تعرضت خلال وقت قصير للاقتحام خمس مرات، المرة الأولى كانت من خلال تسلل الجنود عبر جدران المدرسة، بذريعة إلقاء حجارة على مركبات المستوطنين خلال عبورها الشارع العام. ويقول غازي: «في إحدى المرات فوجئنا بجنود يتواجدون أمام باب المدرسة من أجل اعتقال أحد الطلبة، بحجة إلقاء الحجارة على جيب عسكري، وعندما رفضنا ذلك، اقتحموا ساحات المدرسة، وأطلقوا قنابل الغاز بين الفصول والطلبة والمعلمين». ويضيف «في مرات عدة اقتحمت (الجيبات) العسكرية ساحات المدرسة، بذريعة ملاحقة أحد الطلبة، وألقوا قنابل الغاز المسيل للدموع، ما تسبب في حالة هلع كبيرة بين الطلبة وطاقم التدريس، إلى جانب إصابة الكثير منهم بالاختناق».

• العشرات من المستوطنين يحاصرون، في كثير من الأحيان، المدارس الثلاث ويقتحمونها تحت حراسة مشدّدة من قبل جنود جيش الاحتلال.

تويتر