بهدف التصدي للتكاليف الباهظة المتسببة في تراجع الزيجات وانخفاض معدل المواليد

الصين تخوض معركة إصلاح تقاليد الزواج وإقامة مراسم زفاف جماعية

صورة

أعلنت الصين، أخيراً، إطلاق تجربة رائدة تمتد لمدة ثلاث سنوات، من أجل «إصلاح تقاليد الزواج» بهدف التصدي للتكاليف الباهظة التي أدت إلى تراجع معدل الزيجات، وبالتالي انخفاض معدل المواليد.

وعما قريب تستعد ثنائيات المخطوبين والمخطوبات في مدينة تشونغتشينغ، إحدى أكبر مدن الصين، للمشاركة في حفل زفاف جماعي ترعاه الحكومة، في إطار التجربة.

وقد تصبح مظاهر البذخ، وبعض تقاليد الزواج القديمة، أمراً مستهجناً، على المستوى الرسمي.

والهدف من الإصلاح هو القضاء على التكاليف الباهظة والتقاليد التي تسهم في تراجع معدلات الزواج والمواليد في البلاد، بحسب تقرير للكاتب الصحافي، آدام مينتر، نشرته وكالة أنباء بلومبرغ.

ويقول مينتر إن المسؤولين في الصين يأملون في أن تساعد هذه الإصلاحات على المدى الطويل، في وقف التراجع في عدد السكان الذي يلوح في الأفق، ويرى الكاتب أن هذا رهان تكتنفه الخطورة.

وعلى مدار عقود، سمحت الحكومة المركزية للأسر الصينية بتسيير شؤونها الشخصية، مع قليل من التدخل من جانبها، ووجود بعض الاستثناءات. ويرى الكاتب أن توسيع نطاق اللوائح الحكومية لتشمل تقاليد الزفاف، يمثل تحولاً كبيراً، فبدلاً من إحداث طفرة في عدد الأطفال، يرجح أن يؤدي ذلك إلى حالة من الاستياء.

أفضل ترابط بين الأسر

ومن الناحية التاريخية، كان يتم ترتيب إجراءات الزواج من أجل أن تؤدي إلى أفضل ترابط ممكن بين الأسر. ولكفالة ترتيب الزواج، كان يتوقع أن تدفع عائلة العريس «مهراً للعروس» والذي قد يشمل أي شيء، من المجوهرات إلى الأموال النقدية، أو حيوانات المزارع. وفي الظروف الأقل ثراءً، كان الثمن يعتبر تعويضاً لخسارة ما تقوم به الابنة من عمل. وكان ينظر إليه في أماكن أخرى، على أنه برهان على الإخلاص ووسيلة للربط بين الأسر. واستمر هذا التقليد بشكل مفتوح حتى خمسينات القرن الماضي، عندما حظرت الحكومة الشيوعية الجديدة الزواج القسري، لكنه عاود الظهور مجدداً، رغم ذلك، خلال الثمانينات، مع إعادة انفتاح السياسة والاقتصاد.

وحيث إن القانون الصيني يحابي حقوق الملكية للرجال حال حدوث طلاق، يحمي «مهر العروس» الزوجة وأسرتها حال فشل الزواج. وفي المجتمعات الريفية، حيث النساء نادرة نسبياً (بسبب الآثار المستمرة لسياسة التحكم في حياة السكان)، يرتفع «مهر العروس» على نحو سريع. وفي بعض المناطق، من المألوف أن تطلب أسرة ما 30 ألف دولار، أو أكثر، لإحدى بناتها، وهو مبلغ من الممكن أن يقضي على مدخرات العريس وأسرته.

وبالطبع، غالباً ما تتم الإشارة إلى «مهر العروس» كسبب رئيس في تراجع معدل الزيجات في البلاد. ولكن هناك نفقات أخرى تؤثر أيضاً بقوة، حيث إن الولائم التي تقام خلال حفلات الزفاف تشكل أحداثاً رمزية ثرية، فهي لا تحتفي بالعريسين فحسب، ولكنها تسمح أيضاً لأسرة الزوج بأن تبرهن على احترامها للضيوف والعلاقات معهم. ولكي تفعل الأسرة ذلك، هي غالباً تنفق ببذخ. وعلى مستوى الطموح والصعود الاجتماعي، أسفر ذلك عن نوع من «سباق التسلح» في إقامة الولائم، وهو ما أسهم في ازدهار صناعة حفلات الزفاف، التي يصل حجمها إلى نحو 130 مليار دولار.

أزمة ديموغرافية

وعلى مدار عقود، كانت السلطات على قناعة بأن تترك مثل هذه الأمور للعائلات، ولكن الأزمة الديموغرافية التي تلوح في الأفق في الصين - جنباً إلى جنب مع رغبة الرئيس الصيني شي جين بينغ، في تخفيف الضغوط على الطبقة المتوسطة - في سبيلها إلى تغيير المعادلة.

وفي شهر أبريل الماضي، أعلنت الحكومة الصينية أن خطة إصلاح تقاليد الزفاف، ستبدأ في 15 مدينة ومنطقة. وترمي الخطة، ضمن أهداف أخرى، إلى خفض تكاليف الزواج والقضاء على الممارسات المبتذلة، التي لا تتفق مع «القيم الاجتماعية الأصيلة»، مثل المقالب التي يتعرض لها العريس ليلة الزفاف.

وكما هو الحال مع معظم القواعد الحكومية على المستوى الوطني، جرى ترك التفاصيل للحكومات المحلية، وقد أدى ذلك إلى فترة من الابتكار السريع لتقاليد الزفاف، مع محاولات رسمية للنصح بتوخي الاعتدال.

وعلى سبيل المثال، أقامت الحكومة في مدينة تشنغدو ممراً رومانسياً للعشاق، تملؤه إشارات مرورية على شكل قلوب، حيث يطلب من العروس والعريس التأمل في جدية زواجهما، وأيضاً في فوائد حفلات الزفاف الجماعية التي تقام هناك بين الحين والآخر.

وفي أماكن أخرى، تكون عملية الإقناع أكثر وضوحاً، فقد أطلقت مدينة قوانجتشو خدمات استشارية لفترة ما قبل إتمام الزواج، وهو ما يعطي الحكومة المحلية، ضمن أمور أخرى، الفرصة لإثناء المقبلين على الزواج عن تقاليد الزفاف باهظة التكاليف.

وفي إقليم شانكسي الريفي، حيث الندرة النسبية في النساء، تقوم لجنة من «قرويين رفيعي المستوى» بالضغط على الأسر لخفض «مهر العروس».

وفي ختام التقرير، يقول الكاتب مينتر إن هذه الجهود لن تنجح في إلغاء التقاليد التي تعود في بعض الحالات إلى آلاف السنين. والأهم من ذلك، أنه ليس من المرجح أن تثني النساء اللائي يؤجلن الزواج وإنجاب الأطفال من أجل حياتهن العملية.

وفي أحسن الأحوال، قد توصم الولائم بأنها مباهاة، ولكن المزيد من الجهود القوية من شأنه أن يدفع الطقوس باهظة الكلفة بعيداً عن العيون، إلى الدوائر الخاصة بالأسر الصينية التي تدافع عنها وترى أنها ملك لها.

• أطلقت مدينة قوانجتشو خدمات استشارية لفترة ما قبل إتمام الزواج، وهو ما يعطي الحكومة المحلية، ضمن أمور أخرى، الفرصة لإثناء المقبلين على الزواج عن تقاليد الزفاف باهظة التكاليف.

• أقامت مدينة تشنغدو ممراً رومانسياً للعشاق، تملأه إشارات مرورية على شكل قلوب، حيث يطلب من العروس والعريس التأمل في جدية زواجهما، وأيضاً في فوائد حفلات الزفاف الجماعية التي تقام هناك بين الحين والآخر.

• على مدار عقود، سمحت الحكومة المركزية للأسر الصينية بتسيير شؤونها الشخصية، مع قليل من التدخل من جانبها، ووجود بعض الاستثناءات.

• توسيع نطاق اللوائح الحكومية لتشمل تقاليد الزفاف يمثل تحولاً كبيراً، فبدلاً من إحداث طفرة في عدد الأطفال، يُرجح أن يؤدي ذلك إلى حالة من الاستياء.

تويتر