كثيرون منهم ينوون الهرب من البلد

حرب «طالبان» تضع الصحافيين الأفغان في مرمى النيران

صورة

في جميع المناطق التي تسيطر عليها «طالبان» في أفغانستان، وترتكب الكثير من الأعمال الوحشية، يعمد الصحافيون إلى النجاة بأرواحهم رعباً من أن تنفذ «طالبان» تهديداتها بقتلهم وعائلاتهم، ما لم يبدأوا بكتابة قصص مرضية لحركة «طالبان».

وتعتبر هجرة سكان أفغانستان بمثابة ناقوس الموت لقصص النجاح الحقيقي التي حدثت خلال العشرين سنة الماضية، عندما أصبحت أفغانستان تمتلك الصحافة الأكثر حرية في المنطقة، ولكن خلال الأشهر الأربعة الماضية، تم إغلاق 51 شركة إعلامية، وفق المنظمات التي تراقب الإعلام الأفغاني، كما غادر المئات من الإعلاميين عملهم. وتم تدمير غرف الأخبار، أو نهبها في بعض مناطق أفغانستان، ويقول العديد من الصحافيين إنهم يتلقون رسائل تهديد بأنهم سيواجهون عواقب وخيمة إذا لم يبدأوا بكتابة قصص إيجابية عن «طالبان». ويعتقد الكثيرون أنها مسألة وقت قبل أن تبدأ «طالبان» تنفيذ تهديداتها.

وغادرت الصحافية ستوراي كريمي وهي المراسلة الحربية الوحيدة في أفغانستان، منزلها في مدينة هرات غرب أفغانستان هذا الأسبوع، بعد أن تلقت تهديدات بالقتل من «طالبان». وكانت تقاريرها التي تنشرها «وكالة باجهووك الأفغانية للأنباء» باللغتين الرئيستين في أفغانستان، وهما الباشتو والداري، إضافة إلى اللغة الإنجليزية، قد سلطت الأضواء على الصراع في مدينة هرات المهمة والثرية، المحاذية للحدود الإيرانية، والتي تواجه قتالاً ضارياً من أجل منع «طالبان» من احتلالها.

أحب بلدي

وقالت كريمي «أحب بلدي» بينما تتساقط الدموع من عينيها، وهي تصعد الطائرة الذاهبة إلى كابول العاصمة. وخلال الأسابيع القليلة الماضية وبينما كانت تعمل على الخطوط الأمامية حول هرات تم اعتقالها من قبل مقاتلي «طالبان»، وقالت إنه جرى تحذيرها «إذا لم أكتب تقارير إيجابية عن طالبان فإنهم سيجدونني مهما هربت».

وأنفقت الولايات المتحدة نحو مليار دولار لتطوير قطاع الإعلام الأفغاني بعد الإطاحة بنظام «طالبان» في عام 2001 في أعقاب أحداث 11 سبتمبر، وذهبت معظم هذه الأموال على إنشاء الصحف ووكالات الأنباء والمجلات ومحطات الراديو ومحطات التلفزة، إضافة إلى تدريب الصحافيين والفنيين. وأشار الإعلامي دومينيك ميدلي، الذي عمل في أفغانستان لمدة 16 عاماً بما فيها العمل في تطوير برامج الإعلام الذي تموله الولايات المتحدة، إلى أن أفغانستان التي يحيط بها باكستان والصين وآسيا الوسطى، تمتلك أكثر وسائل الإعلام حرية في المنطقة. وقال ميدلي «إنها قصة نجاح كبيرة في العشرين عاماً الماضية»

وبينما تعزز «طالبان» حربها للسيطرة على أفغانستان، كانت تستهدف وبصورة أساسية الصحافيين، والكتاب، وناشطي حقوق الإنسان، والعاملين في الحكومة، إضافة إلى العاملين في القوات العسكرية الدولية. وقدمت حكومة الولايات المتحدة مبادرة إعادة التوطين للآلاف من الأفغان الذين عملوا مع القوات ووسائل الإعلام الأميركية، وهي تدرس إمكانية إضافة النساء اللاتي يعتقد أنهن مهددات للانتقام من «طالبان» إلى برنامج إعادة التوطين. ودعت وسائل الإعلام البريطانية هذا الأسبوع إلى «تقديم تأشيرات دخول خاصة إلى الأفغان الذين كانوا يعملون في وسائل الإعلام البريطانية».

وقال المدير الإداري لمجموعة «ناي» الإعلامية عبدالمجيب خلفتغار: «برامج تأشيرات الدخول ترحب بالمؤهلين وحاملي الشهادات، ولكن اختيار مجموعات بعينها فيه ظلم للآخرين، ويثير التساؤل عما سيجري لمن بقوا هنا».

إغلاق شركات الإعلام

وتسارعت وتيرة إغلاق شركات الإعلام الأفغانية منذ الأول من مايو وهو التاريخ النهائي السابق الذي اتفق عليه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من أجل سحب كامل القوات الأميركية من أفغانستان. وأصبح هناك نحو 1000 صحافي أفغاني عاطلين عن العمل منهم مائة امرأة.

وفي هرات لاتزال «طالبان» تقاتل بشراسة للسيطرة على المدينة. ولايزال الصحافيون يعملون في المدينة ولكنهم يخشون من أن سيطرة طالبان عليها سيدفعهم إلى إغلاق المنافذ الإعلامية. وقالت الصحافية الاستقصائية العاملة في «محطة خيليد للراديو» سمية فاليزادا، إن «طالبان» تسيطر على 17 منطقة من مناطق هرات البالغة 19 منطقة، الأمر الذي سيجبرهم على البقاء في منازلهم لأن الفتيات ممنوعون من الذهاب إلى المدارس، وسيتم إغلاق وسائل الإعلام، وسنفقد عملنا ورزقنا.

وأضافت سمية أن التهديدات لا تأتيهم من «طالبان» فقط وإنما من رجال الدين المتطرفين في المدينة ومن المسؤولين الحكوميين، الذين يريدون مدحهم في الإعلام. وقالت «الضغوط تأتينا من جميع الجهات. ويرفض بعض أعضاء المؤسسة الدينية دعوة النساء إلى المؤتمرات الصحافية حتى إنهم يرفضون التحدث معهم. وسيزداد الأمر سوءاً إذا سيطرت (طالبان) على المدينة». وقالت منظمة «صحافيون بلا حدود» هذا العام إن صحافيين إضافة إلى مساعدين صحافيين قتلوا في أفغانستان. وتمت آخر أحداث القتل في 16 يوليو الماضي عندما قتل مصور «رويترز» دانيش صديقي بينما كان يرافق القوات الأفغانية التي تعرضت لكمين من «طالبان».

• أنفقت الولايات المتحدة نحو مليار دولار لتطوير قطاع الإعلام الأفغاني بعد الإطاحة بنظام «طالبان» عام 2001 في أعقاب أحداث 11 سبتمبر. وذهبت معظم هذه الأموال على إنشاء الصحف ووكالات الأنباء والمجلات ومحطات الراديو ومحطات التلفزة، إضافة إلى تدريب الصحافيين والفنيين.

• تعتبر هجرة سكان أفغانستان بمثابة ناقوس الموت لقصص النجاح الحقيقي التي حدثت خلال العشرين سنة الماضية، عندما أصبحت أفغانستان تمتلك الصحافة الأكثر حرية في المنطقة.

• بينما تعزز «طالبان» حربها للسيطرة على أفغانستان، استهدفت أساساً الصحافيين، والكتاب، وناشطي حقوق الإنسان، والعاملين في الحكومة، إضافة إلى العاملين في القوات العسكرية الدولية.

لين أودونيل ■ صحافية أسترالية

تويتر