قرقاش: الإمارات اتخذت الخطوات الفعالة لمواجهة "كوفيد-19"

أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور بن محمد قرقاش أن قيادة دولة الإمارات الرشيدة اتخذت الخطوات الفعالة لمواجهة وباء كورونا (كوفيد-19)، لحماية الصحة العامة وفي الوقت نفسه تخفيف الآثار السلبية للجائحة على الاقتصاد.

وأضاف ان دولة الإمارات شاركت بشكل فاعل في الجهود الدولية في هذه الأزمة وقدمت مساعدات طبية عاجلة إلى 118 دولة استفاد منها أكثر من 1.5 مليون شخص من العاملين في الصفوف الأمامية لمواجهة الوباء"، مؤكداً أن دولة الإمارات لم تنظر أبداً في الاعتبارات السياسية عند تقديم مساعداتها الإنسانية، ومن هذا المنطلق لم تتردد في مدّ العون إلى إيران عندما احتاجت إليها.

وأوضح قرقاش، في الكلمة الرئيسة التي ألقاها في ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السابع الذي ينظمه مركز الإمارات للسياسات افتراضياً، أن دولة الإمارات مع اقتراب الذكرى الخمسين لتأسيسها تواصل الابتكار وفتح آفاق جديدة والاستعداد للمستقبل، حيث أن أهم التطورات التكنولوجية والسياسية التي شهدها العالم العربي خلال هذا العام كانت من نصيبها، ابتداءً من إطلاق مسبار الأمل في رحلته إلى المريخ، ومروراً بتشغيل محطة للطاقة النووية السلمية، ووصولاً إلى الاتفاق الإبراهيمي للسلام مع دولة إسرائيل.

وفيما يخص الشؤون الدولية، أكد أن دولة الإمارات متمسكة بالتزامها بالتعددية ومكافحة التطرف واحترام السيادة الوطنية والحل السلمي للنزاعات والحكم الرشيد والتنمية المستدامة، مضيفاً أن الدولة بصفتها مرشحة لشغل العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي خلال الفترة 2022-2023 تنوي استغلال هذه الفرصة للمساهمة في تعزيز الثقة في النظام متعدد الأطراف، واستخدام مقاربة منضبطة متجذرة في ميثاق الأمم المتحدة.

وفي الشؤون الإقليمية، قال: إن إيران وتركيا زادتا من استخدام التدخل الخارجي كأداة لتحقيق مشاريعهما التوسعية في المنطقة، ففي الوقت الذي يستمر دعم إيران للمليشيات لزعزعة الاستقرار في دول عربية مختلفة، ومواصلة تدفق أسلحتها إلى اليمن، تقوم تركيا بدعم الجماعات الإسلامية المسلحة في ليبيا وزيادة خطر استغلال المليشيات المتطرفة والمرتزقة للفراغ الأمني الموجود في البلاد.

وشدد قرقاش على أن دولة الإمارات لا يمكن أن تقبل بالسياسات الإيرانية والتركية المزعزعة للاستقرار، لكنها أيضاً لا تسعى إلى المواجهة، وأن دولة الإمارات تعمل دائماً مع أصدقائها وحلفائها لتشجيع الحوار البناء والدبلوماسية الإيجابية.
وشدد معاليه على أن دولة الإمارات ملتزمة بالسعي لتحقيق الحل السلمي للأزمات، وأنها ستواصل دعم التحالف العربي في اليمن، وستسعى إلى وقف شامل لإطلاق النار، الذي يُمهِّد الطريق نحو حلٍّ سياسي دائم.

في الشأن الليبي ذكر معاليه أن دولة الإمارات رحبت باتفاق وقف إطلاق النار الدائم وإطلاق الحوار السياسي بين الفرقاء الليبيين، وهي تدعم جهود البعثة الأممية في ليبيا.

وأضاف ان دولة الإمارات تنظر بقلق شديد إلى أعمال العنف البشعة التي شهدتها بعض المدن الأوروبية مؤخراً، مؤكداً أن الحركات المتطرفة العابرة للحدود لا تمثل الإسلام بأي شكل من الأشكال، ودعا معاليه في هذا الصدد إلى ضرورة التمييز بين استخدام الإسلام كأداة سياسية وبين الإسلام كدين عالمي.

وفيما يتعلق بالاتفاق الإبراهيمي للسلام قال: إن الاتفاق الإبراهيمي مع إسرائيل كان قراراً سيادياً وطنياً، ولم يكن موجهاً ضد أي دولة أخرى، وهو قرار يعزز التسامح والانفتاح والرغبة في خَفْض الاستقطاب في المنطقة، وقد بُني على رغبة صادقة في تحقيق تحوُّل استراتيجي، ورؤية عملية، وتطلب الكثير من الشجاعة من قيادتنا لأن الحفاظ على الوضع الراهن لم يعد الخيار الأفضل.

وأضاف ان الاتفاق لا يقلل بأي حال من اهتمام الإمارات بالقضية الفلسطينية، ومِن دعمها للشعب الفلسطيني.. مشيرا إلى أن دولة الإمارات ترى أنه لابد من تحقيق السلام الشامل والعادل، لكنها تدرك أيضاً أن الفلسطينيين والإسرائيليين هم مَنْ يجب عليهم أن يقرروا المضي في هذا السلام، وأن دولة الإمارات مستعدة لدعمه بأي طريقة كانت.

وهنأ قرقاش الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن على فوزه بالانتخابات الأخيرة، مضيفاً أن الإمارات تتطلع إلى التعاون معه لتعميق العلاقات بين البلدين، وهي علاقة مبنية على الصداقة والمصالح والقيم المشتركة، وتتخطى الأحزاب والإدارات المختلفة، مضيفاً أن التفاعل مع الولايات المتحدة الأمريكية وقيادتها يظل أمراً لا غنى عنه في الشرق الأوسط، وأن الاتفاق الإبراهيمي للسلام يعكس إجماعاً بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في أميركا على دعم هذا الاتفاق، الذي يسَّرت إدارة ترامب تحقيقه، ودعمهُ أيضاً الرئيس المنتخب جو بايدن.

وبدورها قالت رئيسة المركز الدكتورة ابتسام الكتبي في الكلمة الافتتاحية بالملتقى :إن عام 2020 كشف النقابَ عن خطوط صدع وصدامات جديدة، وفي الوقت نفسه أماط اللثام عن إمكانات عالمية وإقليمية جديدة، مضيفةً أن جائحة "كوفيد-19"، وانتخابات الرئاسة الأميركية، والتوقيع على الاتفاق الإبراهيمي للسلام كلها عوامل أدت إلى خلق ديناميكيات جديدة سيكون لها الدور الحاسم في تحديد ملامح مستقبل النظامين العالمي والإقليمي.

وذكرت الكتبي أن تراجع النظام العالمي أحادي القطبية أدى إلى عودة التنافس بين القوى الكبرى ضمن سياقات ومعطيات جديدة، في حين أن المؤسسات العالمية عانت من التردد في اتخاذ القرار، وانعدام الرؤية للصورة الكبرى.

وأضافت الكتبي ان الانتخابات الأميركية الأخيرة أكدت أن العالم لا يزال مرتبطاً بالتحولات داخل الولايات المتحدة، وقد كشفت هذه الانتخابات عن حالة الاستقطاب الحاد والانقسامات الأيديولوجية والإثنية في المجتمع الأميركي.

وأشارت الكتبي إلى أن دولة الإمارات أدركت أن عليها أن تتخذ قراراً شجاعاً مبنياً على عقلانية سياسية لتجاوز الجمود الذي تمر به كل صراعات المنطقة المزمنة؛ وعليه قررت تقديم نموذج جديد لإمكانية بناء جسور بين قوى المنطقة بمنظور جديد؛ فكان الاتفاق الإبراهيمي للسلام الذي أبرمته مع دولة إسرائيل، مُضيفةً أن هذا الاتفاق أكد على أن المرونة والحيوية عنصران مهمان للاستجابة للتحديات، وأن التغلب على هذه التحديات وإيجاد حلول للصراعات المستحكمة في دول الشرق الأوسط تتطلب رؤيةً إبداعية وشجاعةً سياسية وأخلاقية تعمل على بناء السلام والاستقرار والازدهار والأمل لشعوب المنطقة.

يذكر أن ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السابع ينعقد هذا العام افتراضياً على مدى ثلاثة أيام وفي ثماني جلسات، بمشاركة أكثر من عشرين خبيراً استراتيجياً وباحثاً وصانع سياسات من مختلف أنحاء العالم.

تويتر