قيادة الجيش تدعو المتظاهرين إلى فتح الطرق

عون يدعو الحكومة لتصريف الأعمــال.. والحريري مستعد لتولي وزارة تكـنوقراط

رجال الشرطة يرفعون الكتل الخرسانية التي أقامها المتظاهرون لإغلاق طريق رئيس في بيروت. أ.ب

دعا الرئيس اللبناني، ميشال عون، أمس، الحكومة إلى مواصلة تصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة، وذلك في أعقاب إعلان رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته، أول من أمس، فيما أبدى الحريري استعداده لتولي رئاسة الوزراء في حكومة لبنانية جديدة، بشرط أن تضم وزراء «تكنوقراط» قادرين على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بسرعة لتجنب انهيار اقتصادي، في وقت حثت قيادة الجيش اللبناني المحتجين على فتح الطرق المقفلة لإعادة الحياة إلى طبيعتها.

وتفصيلاً، قالت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية اللبنانية، في بيان «عطفاً على أحكام البند 1 من المادة 69 من الدستور المتعلقة بالحالات التي تعتبر فيها الحكومة مُستقيلة، وبعد استقالة رئيسها سعد الحريري، أعرب ميشال عون عن شكره لدولة الرئيس والوزراء».

وأضاف «وطلب من الحكومة الاستمرار في تصريف الأعمال ريثما تُشَكَّل حكومة جديدة».

بدوره، أبدى الحريري استعداده لتولي رئاسة الوزراء في حكومة لبنانية جديدة، بشرط أن تضم وزراء «تكنوقراط» قادرين على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بسرعة لتجنب انهيار اقتصادي.

وقال مسؤول لبناني بارز مطلع، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن «الحكومة الجديدة يجب أن تكون خالية من مجموعة من الساسة البارزين الذين شملتهم الحكومة المستقيلة».

وتقدم الحريري باستقالته، الثلاثاء، بعد احتجاجات حاشدة استمرت نحو أسبوعين ضد النخبة السياسية في لبنان التي يتهمها المتظاهرون بالفساد.

وبموجب أحكام البند 1 من المادة 69 من الدستور اللبناني، التي تنص على أن الحكومة تعتبر مستقيلة في حال استقال رئيسها، أعلنت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية في بيان أن الرئيس ميشال عون «طلب من الحكومة الاستمرار في تصريف الأعمال ريثما تشكل حكومة جديدة».

وبعد نحو 13 يوماً من حراك شعبي غير مسبوق منذ سنوات تسبب بشلل في البلاد، أعلن الحريري استقالة حكومته الثلاثاء «تجاوباً مع إرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات للمطالبة بالتغيير».

ويطالب المعتصمون بتشكيل حكومة اختصاصيين تدير البلاد في مرحلة انتقالية إلى حين إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

واحتفالاً بتقديم الاستقالة، عاد المتظاهرون اللبنانيون مرة أخرى إلى ساحات التظاهر والاعتصام في أجواء احتفالية، حيث أشعلوا أضواء هواتفهم، ورفرفوا بالأعلام اللبنانية، وأطلقوا بالونات، وقرعوا الطبول، للتعبير عن سعادتهم بالخطوة التي أقدم عليها الحريري، بعد نحو أسبوعين من احتجاجات شعبية تهز البلاد.

وقال متظاهرون إنهم سعداء بإعلان الاستقالة، مشيرين إلى أن احتجاجاتهم باتت تؤتي أكلها، فيما شدد آخرون على أن سقف الحراك الشعبي لايزال عالياً، مستهدفاً الطبقة السياسية بأكملها.

كما اعتبرت مجموعة «لحقي»، إحدى الجهات المنظمة للاحتجاجات، أن إعلان الاستقالة «إنجاز تاريخي باستعادة الكلمة للناس، ملايين اللبنانيات واللبنانيين يستعيدون المبادرة، ويثبتون أن الشعب مصدر السلطات».

من جانبها، حثت قيادة الجيش اللبناني المحتجين على فتح الطرق المقفلة لإعادة الحياة إلى طبيعتها، حيث فتحت قوات الجيش طريقاً رئيساً في شمال بيروت، بعد اشتباكات بالأيدي لفترة وجيزة مع المتظاهرين صباح أمس. وعرض تلفزيون «الجديد» لقطات لمجموعة من الجنود يحاولون إبعاد سيارة تسد الطريق إلى أن قادها سائقها مبتعداً.

وكشفت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية، توصل قوات الأمن والجيش اللبناني مع المعتصمين إلى تفاهم على فتح معظم الطرق في مدينة طرابلس، باستثناء الطريق الرئيسة في البداوي والطرق المؤدية إلى ساحة النور.

وكان إغلاق الطرق سلاحاً مهماً بيد المحتجين اللبنانيين، طوال فترة التظاهرات التي بدأت قبل أسبوعين مطالبة برحيل الحكومة ومكافحة الفساد وتحسين مستوى المعيشة.

وعند جسر الرينغ بوسط العاصمة، حاول ضابط من قوى الأمن إقناع الحشود بفتح الطريق إلى مستشفيات قريبة. وقالت امرأة لـ«رويترز» وهي تفرش أغطية على الطريق إنها باقية في مكانها.

وقالت قيادة الجيش في بيان إن حق التظاهر السلمي مكفول بموجب القانون، لكنها قالت إنه ينطبق على «الساحات العامة فقط».

واتسمت ساحة الاحتجاج الرئيسة في وسط بيروت بالهدوء، لكن قوات الأمن أغلقتها أمام حركة المرور.

من ناحية أخرى، اعتبر رئيس الوزراء اللبناني السابق، نجيب ميقاتي، أمس، في مقابلة مع قناة «سكاي نيوز عربية»، أن استقالة حكومة سعد الحريري كانت قراراً صائباً، مشدداً على أن مطلب تغيير النظام الذي رفعه المتظاهرون يمكن تحقيقه عبر البرلمان المقبل.

وأضاف ميقاتي أن استقالة الحكومة مهمة، لأنها تقول للمتظاهرين إن الرسالة وصلت، لكنها مجرد بداية لحل أزمة البلاد.

ورأى أن الحل يتضمن خطوات عدة، منها إعادة تكليف الحريري تشكيل حكومة جديدة ينبغي أن تكون فريق عمل متجانساً، بحيث يتولى الوزراء حقائب حسب اختصاصهم.

وبعد أن تنال الحكومة الثقة في المجلس النيابي، بحسب ميقاتي، ينبغي عليها تحقيق أمرين، هما الموازنة للعام 2020 مع الإصلاحات المطلوبة، وإقرار قانون جديد للانتخابات.

واقترح ميقاتي تقصير عمر المجلس الحالي وإجراء انتخابات مبكرة خلال ستة أشهر، من أجل تجديد الشرعية في البلاد.

واعتبر أن الاحتجاجات غير المسبوقة التي تشهدها البلاد تعني سحباً لـ«الوكالة» التي منحت للحكم، مؤكداً «يجب أن نستمع للمواطن من جدد ونعيد له الديمقراطية».

وقال إن «هذه الخطوات لا تعني تماماً أننا أبقينا على النظام (السياسي)، ويجب أن يكون هناك إصلاحات في الوقت الراهن ضمن النظام الحالي والدستور واتفاق الطائف».

وأضاف أنه يقع على عاتق المجلس النيابي الجديد إجراء تغييرات التي يراها مناسباً، مثل إعادة النظر بالنظام والدستور.

وشدد على أهمية تحقيق مطالب المتظاهرين، وإلا سيشهد البلد حراكاً جديداً، ما يدخله في حالة من عدم الاستقرار.

اقتصادياً، أعلنت جمعية مصارف لبنان استئناف عملها اليوم، بعد تعليق أعمالها لمدة 13 يوماً، ولكن أبوابها ستكون مغلقة أمام المواطنين.

وعرفت السندات السيادية للبنان أحد أسوأ أيامها على الإطلاق، أول من أمس، بعد استقالة الحريري، ما أجج حالة عدم التيقن بشأن الطريقة التي سيتجاوز بها البلد أزمته الاقتصادية الأشد في نحو 30 عاماً.

تويتر