عقوبات أميركية جديدة على طهران

إيران ترفض «العرض الأوروبــــي» وتتجه نحو خفض جديد لالتزاماتها الـــنووية

صورة

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، إن إيران ستعلن «اليوم أو غداً» عن تخفيض جديد في التزاماتها تجاه المجتمع الدولي في المجال النووي، رغم المساعي الدبلوماسية الرامية إلى تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة عليها، وذلك بعد أن أبدت طهران موافقة مبدئية على عرض الاتحاد الأوروبي بشأن الاتفاق النووي، ثم عادت بسرعة لتغيير وجهة نظرها وتعلن رفضها المقترح، فيما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، أمس، عن حزمة عقوبات جديدة تتعلق بإيران، وقال مبعوث أميركا الخاص لشؤون إيران، براين هوك، إن طهران تمارس «الابتزاز النووي» في محادثاتها مع الغرب، وأكد أن الرئيس دونالد ترامب، يودّ حل الخلافات مع إيران بالطرق الدبلوماسية، إلا أنه أكد مواصلة واشنطن حرمان إيران إيراداتها النفطية.

وتفصيلاً، قال روحاني خلال انعقاد مجلس الوزراء، أمس، إن الإعلان سيركز على «تفاصيل المرحلة الثالثة» من الاستراتيجية الإيرانية للحد من الالتزامات التي بدأتها في مايو، وفق ما جاء في بيان للرئاسة الإيرانية، بعدما اعتبر روحاني أن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها فرنسا لمحاولة تجنب التدابير الإيرانية الجديدة لن تنجح على الأرجح قبل الموعد النهائي الذي حددته طهران.

وأضاف البيان أن روحاني تطرق في جلسة مجلس الوزراء، أمس، إلى سير المفاوضات مع أوروبا، وقال «على سبيل المثال إذا كانت هناك خلافات على 20 نقطة، فاليوم انحصرت هذه الخلافات في ثلاث، لكننا لم نصل حتى الآن الى الحل النهائي، ومن المستبعد التوصل الى هذا الحل على مدى اليوم (الأربعاء) وغداً (الخميس)، وبالتالي سنخطو الخطوة الثالثة في خفض التزاماتنا النووية». وقال الرئيس الإيراني لنواب مجلس الشورى أول من أمس، إن «المرحلة الثالثة من تخفيض» التزامات إيران ستتم كما هو مخطط له «في الأيام المقبلة» ما لم تتخذ الأطراف الأخرى خطوة «مهمة» تجاه بلاده، كما أوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا).

ولم يوضح روحاني، أمس، الكثير بشأن ما ستكون الخطوة التالية لإيران، مكتفياً بالقول «تبدو عادية الظاهر، لكنها في محتواها تكتسب أهمية كبيرة».

وقال «ستكون أهم خطوة اتخذتها إيران في خفض التزاماتها النووية وستكون لها نتائج استثنائية، وستزيد من سرعة عمل منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وتفعيل نشاطاتها بصورة أكبر، أي أن الإجراء الإيراني الذي سيعلن اليوم أو غداً سيجعل المنظمة تسير بسرعة استثنائية للوصول إلى أهدافها»، بحسب وكالة إرنا.

وكانت وكالة الأنباء الإيرانية نقلت في وقت سابق عن نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قوله إن بلاده مستعدة للعودة إلى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي في مقابل حصولها على خط ائتماني من نحو 15 مليار دولار يتم التفاوض عليه حالياً مع الأوروبيين.

لكن عراقجي أعرب عن شكوكه حيال إمكانية الموافقة على مثل هذه الخطة بحلول الموعد النهائي، الذي حددته إيران لتخفيف العقوبات.

وأوضح عراقجي أن «الاقتراح الفرنسي يدور حول هذا الموضوع»، في إشارة إلى مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وذكرت «إرنا»، أن عراقجي الذي كان الاثنين الماضي في باريس مع فريق مفاوضين إيرانيين، أكد أن المحادثات تمحورت حول فتح خط ائتماني «تبلغ ميزانيته 15 مليار دولار لمدة أربعة أشهر».

وتساوي قيمة القروض ثلث قيمة عائدات الصادرات الإيرانية من المشتقات النفطية عام 2017، وسيتم سدادها من خلال مبيعات نفط مستقبلية، وفق ما أعلن مصدر دبلوماسي فرنسي.

وقال عراقجي، إن إيران «لن تعود إلى التطبيق الكامل للاتفاق النووي ما لم تتمكن من تصدير نفطها واستلام عوائده بشكل كامل». وأشار عراقجي كذلك إلى «خلافات واضحة» بين أطراف المفاوضات، مستبعداً أن «تتمكن الدول الأوروبية من اتخاذ خطوة مؤثرة حتى يوم السبت المقبل»، وبالتالي «فإن المرحلة الثالثة من تقليص إيران التزاماتها النووية ستدخل حيز التطبيق في التاريخ المذكور».

بدوره، أعرب وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أمس، عن رفض طهران العقوبات الأميركية المفروضة على مؤسسات فضائية إيرانية. ونقلت وكالة تسنيم للأنباء عن ظريف قوله: «الأميركيون أدمنوا العقوبات. هذه العقوبات غير مؤثرة بالمرة».

وكان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أعلن، أول من أمس، أن الولايات المتحدة تفرض عقوبات على وكالات الفضاء الإيرانية لاشتراكها في أنشطة حساسة تتعلق بانتشار الأسلحة.

من جهتها، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على وكالة الفضاء الإيرانية ومركز أبحاث الفضاء الإيراني ومعهد أبحاث الملاحة الفضائية، أول من أمس، في الوقت الذي تكثف فيه واشنطن الضغط على برنامج طهران النووي.

وقالت الوزارة، أمس، إنها فرضت عقوبات على 16 كياناً و10 أفراد ووضعت 11 سفينة على قائمة سوداء في إطار العقوبات التي تفرضها واشنطن على إيران ومن يعاونها.

وأكدت الخزانة الأميركية، أنه تم إضافة شركات للشحن ولتجارة النفط وعدد من الناقلات النفطية إلى قائمة العقوبات الأميركية لتورطها في خرق العقوبات المفروضة على إيران وصلة بعضها المباشرة بطهران.

وأوضحت الخزانة، أن الحرس الثوري الإيراني استخدم شبكة لنقل نفط بمئات الملايين من الدولارات خلال العام الأخير لمصلحة الرئيس السوري بشار الأسد وحزب الله اللبناني وآخرين.

في السياق نفسه، قال برايان هوك، أمس، إن بلاده لن تقدم أي إعفاءات من العقوبات ضمن مقترح فرنسي بتقديم خط ائتمان بقيمة 15 مليار دولار لإيران.

وقال هوك «فرضنا (أمس) عقوبات. وهناك المزيد من العقوبات في الطريق. ليس بوسعنا تقديم مزيد من التوضيح بشأن التزامنا بحملتنا لممارسة الضغط لأقصى حد (على إيران) ولا نتطلع لمنح أي استثناءات أو إعفاءات».

يأتي ذلك، في وقت تناقش ثلاث دول أوروبية هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا مع طهران سبل الحفاظ على هذا الاتفاق الدولي، الذي تم التوصل إليه في فيينا في عام 2015، وبات مهدداً بعد انسحاب الولايات المتحدة منه من جانب واحد في مايو 2018، وإعادة فرضها سلسلة من العقوبات الاقتصادية على إيران.

يقود هذه الجهود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يحاول إقناع الولايات المتحدة بأن تعفي إيران من بعض العقوبات المشددة التي فرضتها عليها.

وفي هذا السياق، حث الاتحاد الأوروبي إيران، أمس، على الامتناع عن خطوات قد تقوض الاتفاق الموقع بين المجموعة الدولية وطهران بشأن أنشطتها النووية عام 2015، مرحّباً بأي جهود دبلوماسية لإيجاد مخرج للأزمة مع طهران وخفض التوتر في منطقة مضيق هرمز.

وردّ أحد المتحدثين الأوروبيين على مبادرة فرنسية ترمي لتقديم حزمة قروض لإيران ضمن خط ائتماني بقيمة 15 مليار دولار مرفق بشروط في محاولة لإنقاذ الاتفاق.

وأشار المتحدث، وفق وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء، أمس، بهذا الشأن، إلى أن «الأمر متروك للجهات الفاعلة المعنية لتقديم المزيد من التفاصيل حول المناقشات الجارية».

ولكن الاتحاد، وفق المتحدث، لايزال يشعر بقلق عميق إزاء تجاوزات إيران لالتزاماتها، خصوصاً في ما يتعلق بكميات ونسب تخصيب اليورانيوم التي لا تتوافق مع نص الاتفاق.

هذا وكانت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، قد أكدت في وقت سابق، أن أية مبادرات مقدمة من الدول الأوروبية المنخرطة في الاتفاق (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا)، يجب أن تتكامل مع جهود الاتحاد لإنقاذ الاتفاق. وأشارت موغيريني إلى الآلية الخاصة لتجنب آثار العقوبات الأميركية والسماح باستئناف التجارة مع إيران.

وفيما تؤكد بروكسل أن الآلية، رغم بطء عملية إطلاقها، ستسهم في إنقاذ الاتفاق، ترى طهران في المقابل أنها قليلة الفعالية، إذ لن تسمح لها ببيع نفطها بحرية كما تريد.

تويتر