الضربات تزامنت مع دخول وقف لإطلاق النار أعلنته روسيا حيز التنفيذ

40 قتيلاً بضربة عسكرية أميركية استهدفت «القاعدة» في إدلب السورية

مشهد جوي للدمار الذي سببه القصف على إدلب. رويترز

أعلنت القيادة المركزية الأميركية، التابعة لوزارة الدفاع، أمس، أنها وجهت ضربة عسكرية استهدفت إحدى المنشآت التابعة لتنظيم «القاعدة» الإرهابي شمالي إدلب بسورية، في حين أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن ضربات صاروخية استهدفت اجتماعاً لقياديين من مجموعات متشددة قرب مدينة إدلب أسفرت عن سقوط 40 قتيلاً. وتزامنت الضربات مع دخول وقف لإطلاق النار أعلنته روسيا، حيز التنفيذ، صباح أمس.

وتفصيلاً، قال مسؤول العمليات الإعلامية بالقيادة المركزية، اللفتنانت كولونيل إيرل براون، في بيان: «استهدفت العملية قادة تنظيم القاعدة الإرهابي في سورية، المسؤولين عن هجمات تهدد الأميركيين وشركاءنا والمدنيين الأبرياء». ولم يحدد براون نوع الأسلحة التي استخدمت في الهجوم.

وفي وقت سابق، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، السبت، إن 40 متطرفاً بينهم قادة قتلوا جراء قصف صاروخي استهدف اجتماعاً لقياديين من تنظيمات إرهابية مختلفة شرق مدينة إدلب شمال غرب سورية.

وقال مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، إن ضربات صاروخية استهدفت اجتماعاً يعقده قياديون في صفوف فصيلي حراس الدين وأنصار التوحيد ومجموعات متحالفة معهما، داخل معسكر تدريب تابع لهم، على طريق معرتمصرين - الفوعة. قرب مدينة إدلب، ما تسبب في مقتل «40 منهم على الأقل». ولم يتمكن المرصد من تحديد «ما إذا كانت طائرات قد نفذت هذه الضربات، أم هي ناتجة عن قصف بصواريخ بعيدة المدى»، في وقت يسري منذ صباح أمس وقف لإطلاق النار في المنطقة، أعلنته روسيا ووافقت عليه الحكومة السورية.

وتوقفت الغارات الجوية على إدلب، صباح أمس، مع دخول وقف لإطلاق النار أعلنته روسيا، حليفة الحكومة السورية التي تحاول السيطرة على المنطقة، حيز التنفيذ، بحسب المرصد.

كذلك، توقفت المواجهات بين القوات السورية والمسلحين في أطراف إدلب، بعد دخول هذه الهدنة الأحادية الجانب حيز التنفيذ، لكن ضربات المدفعية والصواريخ بقيت متواصلة.

وفي وقت سابق، نفى فصيل «الجبهة الوطنية للتحرير»، العامل في إدلب، علمه بإعلان روسيا وقف إطلاق النار، مؤكداً أن المعارك لاتزال مستمرة وبشكل يومي على كل المحاور.

وأضاف الناطق باسم الجبهة الوطنية أن الفصائل تعمل باستمرار على وضع الخطط الدفاعية.

وأعلن الجيش الروسي الجمعة وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد، يلتزم به الجيش السوري، على أن يدخل حيز التنفيذ صباح السبت في منطقة إدلب.

وجاء في بيان صادر عن المركز الروسي للمصالحة في سورية، أنه تم التوصل إلى اتفاق «لوقف إطلاق النار أحادي الجانب، من قبل القوات الحكومية السورية، اعتباراً من الساعة 6:00 في 31 أغسطس».

وأضاف البيان أن «المركز الروسي للمصالحة يدعو قيادات المجموعات المسلحة إلى وقف الاستفزازات، والانضمام إلى عملية التسوية في المناطق الخاضعة لسيطرتها».

وسارعت دمشق إلى إعلان موافقتها على وقف إطلاق النار، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري، «مع الاحتفاظ بحق الرد على أي خرق».

وبحسب المرصد السوري، فقد بلغ عدد القتلى منذ بدء التصعيد أواخر أبريل نحو 4100 قتيل، أكثر من ربعهم مدنيون.

وكانت القوات السورية حققت، الخميس، مزيداً من التقدم في محافظة إدلب، بسيطرتها على قرى وبلدات عدة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقتل، الخميس، سبعة مدنيين، بينهم طفلان، في قصف طال قريتين في ريف إدلب الجنوبي، بحسب المرصد، غداة مقتل 12 مدنياً في غارات طالت أحياء سكنية في مدينة معرة النعمان.

وبعد أشهر من القصف الكثيف منذ نهاية أبريل على مناطق عدة في إدلب ومحيطها، بدأت القوات السورية في الثامن من الشهر الماضي هجوماً في ريف إدلب الجنوبي، حيث يمر الطريق الدولي الذي يربط مدينة حلب شمالاً بالعاصمة دمشق. وتمكنت قبل 10 أيام من السيطرة على مدينة خان شيخون، الواقعة على الطريق، وتحاول منذ ذلك الحين التقدم في محيطها أكثر.

ومحافظة إدلب ومحيطها مشمولة باتفاق روسي - تركي تمّ التوصل إليه في سوتشي في سبتمبر 2018، ونص على إقامة منطقة منزوعة السلاح، من دون أن يُستكمل تنفيذه.

ولا يستبعد الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر في تصريح لـ«فرانس برس» أنّ «تكون روسيا والحكومة السورية على استعداد لمنح تركيا فرصة جديدة من أجل تنفيذ بنود اتفاق» سوتشي.

ولكن في الوقت ذاته، «قد يكون هدف دمشق وموسكو من توقف العمليات هذا لفترة من الزمن، تعزيز مكاسبهما الميدانية، والاستعداد للمرحلة المقبلة من الهجوم». ودفع التصعيد المستمر منذ نحو أربعة أشهر أكثر من 400 ألف شخص إلى النزوح من المنطقة، بحسب الأمم المتحدة، بينما قتل أكثر من 950 مدنياً في إدلب، وفق المرصد. وكانت دمشق أوقفت مطلع أغسطس العمل بهدنة مماثلة بعد ثلاثة أيام فقط من دخولها حيز التنفيذ، متهمة الفصائل في إدلب بانتهاكها.

ومنذ بدء التصعيد في نهاية أبريل، تضرر 43 مستشفى ومنشأة صحية، بالإضافة إلى 87 مدرسة في إدلب ومحيطها جراء القصف بحسب الأمم المتحدة.

ويقول منسّق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأزمة السورية بانوس مومتزيس، لـ«فرانس برس» إن «الهجمات التي رأيناها على المرافق الصحية والمنشآت التربوية هي من بين الأعلى في العالم (..)، وهذا أمر غير مقبول». وباتت بلدات وقرى بأكملها في جنوب إدلب وشمال حماة خالية من سكانها، وفق الأمم المتحدة. ويعيش قرابة نصف عدد النازحين في مخيمات ومراكز إيواء أو في العراء. ويوضح مومتزيس أنّ «معدل نزوح العائلة الواحدة في إدلب هو خمس مرات»، وهو من بين الأعلى الذي سجلته الأمم المتحدة خلال سنوات النزاع في سورية.

تويتر