الحكومة الفلسطينية اعتبرته دعوة علنية لتنفيذ المذابح وتطلب تدخلاً دولياً

نتنياهو يعطي الضــــوء الأخضـر لـ «الكنيست» لسنّ قانون إعدام أسرى فلسـطينيين

جنود الاحتلال في موقع إطلاق النار على شاب فلسطيني يعاني «اضطرابات نفسية» بالخليل. إي.بي.إيه

أعطى رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، الضوء الأخضر لـ«الكنيست» (البرلمان) للدفع إلى سنّ قانون يتيح إعدام أسرى فلسطينيين دينوا بقتل إسرائيليين، بحسب ما ذكرت الإذاعة الإسرائيليّة العامّة، أمس، فيما طلبت الحكومة الفلسطينية تدخلاً دولياً ضد القانون الذي اعتبرته «دعوة علنية للتحريض على ارتكاب جرائم القتل والإعدام وتنفيذ المذابح بحق أبناء الشعب الفلسطيني».

وفي التفاصيل، اتفق خلال جلسة رؤساء أحزاب الائتلاف الإسرائيلي الحاكم بطلب من وزير التعليم، نفتالي بينيت، على الدفع بمقترح القانون الذي يتحمس له وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، وركّز عليه خلال حملته الانتخابيّة قبل ثلاثة أعوام، ومن المقرّر أن تبدأ لجنة الدستور في الكنيست قريباً مداولاتها الأوليّة للتحضير لمشروع قانون للتصويت عليه بالقراءة الأولى.

ووفقاً لمقترح قانون حزب «يسرائيل بيتينو»، الذي تم التصويت عليه بالقراءة التمهيديّة في يناير الماضي، فإنه في قرارات المحاكم العسكرية في الضفة الغربية المحتلة، لن تكون هناك حاجة لإجماع ثلاثة من قضاة المحكمة العسكرية لفرض عقوبة الإعدام، وإنما الاكتفاء بغالبية اثنين من ثلاثة قضاة، كما يلغي اقتراح القانون صلاحية القائد العسكري لمنطقة المركز بإلغاء حكم الإعدام، ولا يلزم النيابة العسكرية بالمطالبة بفرض عقوبة الإعدام في هذه الحالات، وإنما يكون ذلك خاضعاً لاعتبارات المدّعين في كل حالة.

واتهم ليبرمان، الأسبوع الماضي، حزب «البيت اليهودي» بأنه المعرقل لتمرير القانون لأسباب سياسيّة، وهو ما أدّى إلى أن يبادر رئيس «الحزب اليهودي»، نفتالي بينيت، إلى طرح تمرير القانون في جلسة الأمس.

في حين قال رئيس الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، دودي إمسلم، إن تأخير سن القانون جاء بسبب قرار التشاور حوله في المجلس السياسي والأمني المصغّر (الكابينيت) قبل تمريره.

وأعربت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية سابقاً معارضتها القانون لخشيتها قيام فصائل فلسطينية بمضاعفة جهودها لخطف رهائن لاستبدالهم بأسرى فلسطينيين حكم عليهم بالإعدام، إضافة إلى المخاوف من زيادة أعداد الفلسطينيين الذين يسعون لتنفيذ عمليات تكون عقوبتها الإعدام.

وكانت هذه المخاوف قد عرضت في مباحثات مماثلة أجراها المستويان السياسي والأمني الإسرائيليان.

في المقابل، طالبت الحكومة الفلسطينية، أمس، بتدخل دولي ضد القانون، واعتبرت الحكومة، في بيان صحافي، أن إعلان موافقة نتنياهو على سنّ القانون المذكور يعد «دعوة علنية للتحريض على ارتكاب جرائم القتل والإعدام، وتنفيذ المذابح بحق أبناء الشعب الفلسطيني».

وقال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية، يوسف المحمود، إن «هذا الإعلان الخطر يشير إلى فظاعة العقلية الاحتلالية، ومدى تدربها على صنع الجريمة، بسبب استمرار الاحتلال»، محملاً إسرائيل المسؤولية عن تبعات القرار «لما فيه من مخالفة سافرة ومعاداة للقوانين والشرائع الدولية والإنسانية».

وأضاف أن «نتنياهو وحكومته يريدون إلباس الجريمة لباساً قانونياً؛ لإبادة الشعب الفلسطيني، لذلك فإنه يتوجب على المجتمع الدولي أن يستوعب خطورة ما تتعرض له حياة أبناء شعبنا، ومستقبل المنطقة برمتها، بسبب سياسات حكومة الاحتلال الجنونية».

من ناحية أخرى، اتهم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، أمس، إسرائيل بالسعي إلى تكريس فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، لتقويض قيام دولة فلسطينية مستقلة.

وكشف عريقات، في ندوة حوارية عقدت في رام الله، أن إسرائيل أبلغت السلطة الفلسطينية أنه في حال لم تقم بدفع كل مخصصات قطاع غزة، ستقوم باقتطاعها من أموال الضرائب الفلسطينية وتحويلها إلى القطاع.

وقال إن «هناك مشروعاً أميركياً - إسرائيلياً يقوم على أساس فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية بما فيها القدس، لضرب المشروع الوطني الفلسطيني، وضرب إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967».

وأضاف أن القيادة الفلسطينية تواصل بذل الجهود لمواجهة المؤامرات والمخططات الأميركية الإسرائيلية الهادفة إلى فصل الضفة عن غزة «بهدف الاستفراد بالضفة الغربية والقدس».

وقال إن «هذه المؤامرة ستفشل ولن تمرّ، ولن تكون هناك دولة فلسطينية من دون قطاع غزة، ولا دولة في غزة».

ودعا عريقات حركة حماس إلى إنهاء الانقسام الداخلي، وتمكين حكومة الوفاق الفلسطينية من العمل في قطاع غزة، مؤكداً أنه «لا أحد يريد عزل حركة حماس، فهي جزء من النسيج السياسي والاجتماعي في فلسطين».

وفرضت السلطة الفلسطينية منذ أبريل 2017 إجراءات خصم لرواتب موظفيها في قطاع غزة، وهدّدت أخيراً بوقف التحويلات المالية كافة للقطاع، رداً على استمرار الانقسام الداخلي منذ منتصف عام 2007. في سياق آخر، شدد تحليل نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، على أن سكان قطاع غزة أصبحوا قوة استراتيجية قادت إلى «علاقة سياسية» بين إسرائيل وحركة «حماس»، وحتى إلى صياغة تنسيق أمني غير رسمي، معتبراً أن كلا الطرفين لم يعد باستطاعته تجاهلهم.

وجاء في تحليل للكاتب تسفي برئيل، أن التهديد الحقيقي الذي يمثله قطاع غزة هو «وجود مليوني فلسطيني يعيشون تحت حصار وحشي منذ 11 عاماً»، واعتبر أن الضغوط التي تمارسها إسرائيل على «حماس»، من خلال تقليص قدرتها على الحكم من ناحية، ومحاولة استفزاز الجمهور للاحتجاج على «حماس» من ناحية أخرى، تعتمد على دور يُفترض أن يقوم به مواطنو غزة.

وأشار الكاتب إلى أن سكان غزة تحولوا إلى قوة استراتيجية أجبرت الجيش الإسرائيلي على الحديث عن الأوضاع المعيشية القاسية في القطاع، وأجبروا «حماس» في النهاية إلى السعي للتوصل إلى ترتيب لايزال يجري التفاوض بشأنه.

واعتبر أن عشرات الآلاف الذين يشاركون في مسيرات العودة منذ ستة أشهر لا يحملون أرواحهم على أكفهم ويقتربون من خط المواجهة لتلقيهم أوامر من «حماس» فحسب، حيث وصفهم بأنهم «القوة التي تمثل مليوني شخص ليس لديهم ما يخسرونه».

وأوضح الكاتب أن مشاركة 20 ألفاً أو 30 ألفاً فقط من إجمالي سكان القطاع في الاحتجاجات ليس أمراً محل تساؤل، حيث إنه في حالة مقارنة عدد سكان غزة بعدد سكان مصر ستعادل نسبة المشاركة لإجمالي عدد السكان في قوتها مشاركة مليون شخص بالنسبة إلى مصر. وقال إن الاستمرارية والحرص اللذين أظهرهما المحتجون في غزة كان لهما قوة هائلة، حيث أثبتت لكل من إسرائيل و«حماس» أن الأمر ليس مجرد استعراض مؤقت للقوة، وإنما ظاهرة غير مسبوقة في غزة والضفة الغربية منذ انتهاء الانتفاضة الثانية، أو على الأقل منذ سيطرة «حماس» على قطاع غزة عام 2007. وشدّد الكاتب على أن الصراع لم يعد صراعاً مع «حماس»، وإنما «مع عدد كبير من السكان أثبتوا قوتهم».

ميدانياً، أطلق جنود الاحتلال، أمس، النيران على شاب فلسطيني في الخليل. وأفادت مصادر فلسطينية بأن الشاب الذي أطلق عليه جنود الاحتلال النار بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن في الثلاثينات من عمره، ويعاني «اضطرابات نفسية».

تويتر