إعلان حالة الطوارئ شهراً.. واعتقال قياديين من «الإخوان».. واستقالة البرادعي

الأمن المصري يفضّ اعتصامي «رابعـة والنهضة»

النيران وأعمدة الدخان تتصاعد من ميدان «نهضة مصر» خلال فضّ قوات الأمن المصرية اعتصام أنصار مرسي. رويترز

فضت قوات الأمن المصرية، أمس، اعتصامين بالقوة، لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، في ميداني نهضة مصر ورابعة العدوية، كما ألقت القبض على عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها مرسي، مؤكدة في الوقت نفسه مقتل 149 شخصاً في أنحاء مصر. وفيما أعلنت الرئاسة المصرية حالة الطوارئ لمدة شهر، أثار تدخل قوات الامن العنيف استياء دوليا وعربيا، في موازاة دعوات إلى تغليب التهدئة. في حين قدم نائب الرئيس المصري للعلاقات الدولية محمد البرادعي استقالته عقب فض الاعتصامين.

وتدخلت قوات الامن المصرية، فجر أمس، مدعومة بالجرافات لفض اعتصامي أنصار مرسي بالقاهرة، في هجوم كانت تحذر منه منذ فترة وخلّف عشرات القتلى.

وبدأت العملية حينما حاصرت قوات الأمن منطقتي رابعة العدوية في شرق القاهرة، ونهضة مصر وسط العاصمة، حيث يتحصن المعتصمون.

وقال شهود ومراسل «فرانس برس»، إن الشرطة ألقت وابلا من القنابل المسيلة للدموع على خيام الاعتصام، قبل ان تدخل الى ميدان رابعة العدوية، مثيرة الهلع بين مئات المعتصمين، الذين أقاموا مخيمهم، احتجاجا على إزاحة الجيش الرئيس مرسي، واعتقاله في الثالث من يوليو الماضي.

وهرع رجال يضعون أقنعة واقية من الغازات، إلى التقاط القنابل وإلقائها في حاويات من الماء، فيما تصاعدت من المنصة التي أقيمت بالقرب من مسجد المخيم أناشيد اسلامية وهتف المعتصمون «الله أكبر».

واندلعت اشتباكات بين المحتجين وقوات الامن، في أحد جوانب الاعتصام، وسمعت أصوات طلقات أسلحة رشاشة من دون ان تتضح الجهة التي تطلق النار.

وأعلنت جماعة الاخوان المسلمين، أن ابنة محمد البلتاجي أحد قياديي جماعة الاخوان المسلمين قتلت بالرصاص، في العملية الدامية التي شنتها قوات الامن

وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، في بيان، أن قوات الشرطة «سيطرت على ميدان نهضة مصر، وقامت بإزالة معظم الخيام الموجودة بالميدان». وأضافت أن «بعض انصار الرئيس المعزول تصدوا لها، إلا أنها اعتقلت بعضهم». وأوضح مصدر أمني أن عشرات من أنصار مرسي أوقفوا بمساعدة سكان في المنطقة.

وكانت الحكومة المصرية أعلنت وقف حركة القطارات الخارجة من القاهرة والداخلة إليها، أمس، لمنع حصول تظاهرات خارج العاصمة. ودعت جماعة الاخوان المسلمين المصريين «للنزول إلى الشوارع، لمنع المذبحة من الاستمرار».

وكتب الناطق باسم الاخوان، جهاد الحداد، على حسابه على «تويتر»، إن «هذه ليست محاولة فض، هذه محاولة محو دموي لأي صوت معارض للانقلاب العسكري».

وفي تغريدة منفصلة، كتب حداد، إن 250 شخصا على الأقل قتلوا، وجرح 5000 آخرون في عملية فض الاعتصام، ولم يتم تأكيد هذه الحصيلة رسميا. وقالت وزارة الداخلية المصرية إن اثنين من رجال الامن قتلا في العملية.

وفي غضون ذلك، أبلغت مصادر محلية بمحافظات عدة، أن أعداداً كبيرة من المتظاهرين قطعت الشوارع الرئيسة، وهاجمت مراكز أمنية، ومقار دواوين محافظات الغربية (شمال غرب القاهرة)، والوادي الجديد، ومرسى مطروح (غرب البلاد)، وأسيوط والمنيا (جنوب القاهرة)، والفيوم (جنوب غرب القاهرة).

ووفقاً للمصادر، فإن اشتباكات عنيفة دارت بين عناصر الأمن وبين أنصار مرسي، الذين حاولوا اقتحام دواوين المحافظات ومراكز المدن، فيما وقعت أعنف تلك الاشتباكات حول مبنى مجمع المصالح الحكومية بمركز محافظة المنيا، ومركزي الشرطة في مدينتي سمالوط ومطاي.

وفي سياق متصل، أضرم أنصار مرسي النار بمدرسة «الفرنسيسكان» في محافظة السويس (شرق القاهرة)، وحطموا المحال التجارية والسيارات حول المدرسة.

كما اقتحم مئات من أنصار المعزول مبنى «مجمَّع محاكم محافظة الإسماعيلية»، ومبنى استراحة القُضاة وأضرموا النار فيهما. ورداً على ذلك، قالت الرئاسة المصرية في بيان، أمس، إنها اتخذت قرار إعلان حالة الطوارئ «نظرا لتعرض الامن والنظام في أراضي الجمهورية للخطر، بسبب أعمال التخريب المتعمدة، والاعتداء على المنشآت العامة والخاصة وإزهاق أرواح المواطنين، من قبل عناصر التنظيمات والجماعات المُتطرفة». ودخل هذا القرار حيز التنفيذ، بحسب البيان الذي أوضح أن الرئيس المؤقت عدلي منصور «كلف القوات المسلحة معاونة هيئة الشرطة، في اتخاذ كل ما يلزم لحفظ الأمن والنظام، وحماية الممتلكات العامة والخاصة وأرواح المواطنين».

كما أعلنت الحكومة المصرية، أمس، فرض حظر التجول في القاهرة و11 محافظة أخرى.

وقال المتحدث باسم الحكومة «نظرا للظروف الامنية الخطيرة التي تمر بها البلاد، يحظر التجوال من الساعة السابعة مساء (17.00 تغ)، وحتى السادسة صباحا (الرابعة تغ)، وحتى إشعار آخر».

والمحافظات المعنية، هي القاهرة والجيزة والاسكندرية وبني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والفيوم والبحيرة، وشمال سيناء وجنوب سيناء، والسويس والاسماعيلية.

إلى ذلك، أعلن محمد البرادعي، أمس، أنه قدم استقالته إلى الرئيس المؤقت، وكتب في رسالته إلى الرئيس «أصبح من الصعب عليَّ أن استمر في تحمل مسؤولية قرارات لا أتفق معها وأخشى عواقبها، ولا أستطيع تحمل مسؤولية قطرة واحدة من الدماء أمام الله، ثم أمام ضميري ومواطنيَّ، خصوصاً مع إيماني بأنه كان يمكن تجنب إراقتها». واعتبر البرادعي في رسالته ان «المستفيدين مما حدث اليوم هم دعاة العنف والإرهاب والجماعات الأشد تطرفا، وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله».

وفي ردود الفعل، دان المجتمع الدولي تدخل قوات الامن المصرية العنيف، لفض اعتصامي أنصار مرسي، الذي وصفته أنقرة بـ«المجزرة».

وقال مكتب رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، في بيان، إن «على الاسرة الدولية ـ وعلى رأسها مجلس الامن الدولي والجامعة العربية ـ التحرك فورا، لوقف هذه المجزرة».

من جهته، دان الرئيس التركي عبدالله غول تدخل قوات الامن المصرية، مؤكدا انه «غير مقبول»، ومعبرا عن قلقه من تحول الوضع في مصر إلى نزاع مماثل لما يحدث في سورية.

كما نددت وزارة الخارجية الايرانية بـ«مذبحة بحق السكان»، مشيرة إلى «احتمال نشوب حرب أهلية» في مصر.

كذلك نددت قطر، الداعم الرئيس للإخوان في مصر، بشدة، بتدخل الشرطة ضد «المتظاهرين السلميين».

ودانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تسيطر على قطاع غزة «المجزرة المروعة في ميداني النهضة، ورابعة العدوية». ودعت «لحقن الدماء، والتوقف عن التعرض للمعتصمين السلميين».

وفي الغرب، دان البيت الابيض «بقوة» لجوء قوات الامن إلى العنف ضد المتظاهرين في مصر، وانتقد إعلان حالة الطوارئ في البلاد.

وقال مساعد المتحدث باسم البيت الابيض جوش أرنست، إن «الولايات المتحدة تدين بقوة استخدام العنف ضد المتظاهرين في مصر»، داعيا الجيش المصري إلى التحلي بـ«ضبط النفس».

وأكد أن الولايات المتحدة «ترفض العودة إلى حالة الطوارئ» في مصر. كما دان المتحدث باسم الامين العام للأمم المتحدة، بان كي مون «بأشد التعبيرات أعمال العنف التي وقعت في القاهرة، عندما استخدمت قوات الامن المصرية القوة» ضد المتظاهرين.

وقال المتحدث مارتن نيسيركي، في بيان، إن بان كي مون «يأسف لقيام السلطات المصرية باختيار استخدام القوة، للرد على التظاهرات».

ودعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف الى «إبداء أقصى قدر من ضبط النفس»، في حين اعتبر رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، أن «سقوط هذا العدد الكبير من القتلى، صباح اليوم (أمس)، أمر غير مقبول». كما أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون عن «قلقها الشديد». وقالت في بيان «أدعو قوات الامن الى إبداء أقصى حد من ضبط النفس، وأدعو جميع المواطنين المصريين الى تفادي أي استفزازات جديدة، أو تصعيد للعنف». وأكدت أن «المواجهة والعنف ليسا الطريق لتسوية القضايا السياسية الرئيسة». وأعرب وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، عن «القلق العميق لتصاعد العنف في مصر»، مدينا استخدام القوة، وداعيا «قوات الامن الى التحرك بضبط نفس».

بدورها، حذرت فرنسا من «استخدام غير متناسب للقوة»، ودعت الى تغليب «منطق التهدئة». في حين دعت برلين إلى «البدء فورا في مفاوضات»، لتجنب «أي إراقة دماء جديدة». كما اعتبرت وزيرة الخارجية الايطالية، إيما بونينو، أن تدخل الشرطة «لا يسهم في إيجاد تسوية». ودعت قوات الامن الى المزيد من «التحكم في النفس». وقالت في بيان «أبديت الرغبة في اخلاء الميادين»، التي يحتلها أنصار مرسي في القاهرة «من خلال اتفاق بين الاطراف، وليس بتدخل قوات الشرطة، الذي لا يسهم في إيجاد تسوية للازمة السياسية».

تويتر