تظاهرات حاشدة في القاهرة والمحافظات تخللتها اشتباكات وحرق مقار لـ «الإخوان» في الذكــرى الأولى لتولّي مرسي الرئاسة

الاستقطاب والانقسام يخيّمان على المشـهد المصري

صورة

نشبت اشتباكات عنيفة، أمس، بين عدد من المتظاهرين ومناصري الرئيس المصري محمد مرسي بمدينة المحلة الكبرى، في الوقت الذي شهدت القاهرة والمحافظات الأخرى تظاهرات مؤيدة لشرعية الرئيس وأخرى مناوئة تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، ورفع متظاهرو ميدان التحرير «الكارت الأحمر» لمرسي، فيما أحرق متظاهرون مقار لحزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.

وفي التفاصيل، وقعت الاشتباكات خلال عودة المسيرة الحاشدة التي نظمتها القوى الثورية بالمحلة للمطالبة برحيل نظام الإخوان إلى ميدان الشون، بعد أن طافت شوارع المحلة، حيث فوجئ المتظاهرون حينها بهجوم مجموعة من شباب الإخوان، وإطلاق أعيرة نارية، وإلقاء الحجارة عليهم لترهيبهم ومنعهم من استكمال المسيرة ودخولها الميدان. وشهد شارع البحر الرئيس بالمحلة حالة من الكر والفر والتوتر بسبب وقوع إصابات وسط صفوف المتظاهرين.

وقال شهود عيان، إن معارضي مرسي أحرقوا مقراً لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وأحرقوا واجهة مقر آخر في مدينة بني سويف، جنوب القاهرة، في الساعات الأولى من صباح أمس.

وقال شاهد إن المحتجين هاجموا مقري الحزب بالزجاجات الحارقة، وإن أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين اشتبكوا مع المهاجمين أمام المقر الذي أحرقت واجهته. وأضاف أن طلقات الخرطوش والحجارة استخدمت في الاشتباك. وقالت مصادر صحية، إن شخصين أصيبا في الاشتباك ونقلا إلى مستشفى بني سويف العام.

وفي ميدان التحرير بالقاهرة، لوح آلاف المتظاهرين المحتشدين ببطاقات كرة قدم حمراء كتب عليها «ارحل» للرئيس المصري. وهتف المتظاهرون «الشعب يريد إسقاط النظام»، وهو الهتاف الأشهر الذي رفعه المتظاهرون في الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، ومهدت الطريق لتولي مرسي حكم البلاد. ورفع عشرات من المتظاهرين البطاقات الحمراء وهتفوا «ارحل ارحل».

وفي أرجاء الميدان كافة، علق المتظاهرون صوراً لمرسي وضع عليها علامة «إكس» حمراء، كما نظم آخرون معارض لصور تمثل عاماً من حكم مرسي في أماكن عدة في التحرير.

واستبدل المتظاهرون صور رموز نظام مبارك التي رفعوها قبل عامين بصور لرموز جماعة الاخوان المسلمين. ووضعت صور مناهضة للمرشد العام للاخوان محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر، وقادة الجماعة مثل محمد البلتاجي وعصام العريان وعليها علامات «إكس» حمراء.

وتحايل المتظاهرون على الارتفاع الشديد في درجات الحرارة بوسائل مختلفة، فاستخدم بعضهم بخاخات صغيرة لتلطيف الاجواء الحارة، بينما وضع منظمو التظاهر مظلات بيضاء بخطوط زرقاء في قلب الميدان استظل تحتها عشرات المتظاهرين. كما شيدت عشرات الخيام البيضاء التي يمضى فيها عشرات المعتصمين ليلتهم منذ الأربعاء الماضي.

وانتشرت حول الميدان لجان تأمين يقف فيها شباب يرتدون سترات فسفورية ويقومون بتفتيش الداخلين للميدان، حرصاً منهم على الحفاظ على سلمية التظاهرات التي دعت اليها حركة تمرد التي تقول إنها جمعت ‬22 مليون توقيع على استماراتها التي تطالب بسحب الثقة من الرئيس المصري وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

وعلى الجانب الآخر للقاهرة، تظاهر الآلاف من مؤيدي الرئيس مرسي من الاسلاميين في ضاحية مدينة نصر، دعماً لشرعيته، مؤكدين أن خلع رئيس منتخب يعد انقلاباً على الديمقراطية لن يسمحوا به.

وواصل مؤيدو الرئيس اعتصامهم في ميدان رابعة العدوية الذي يبعد نحو خمسة كيلومترات تقريباً عن قصر الاتحادية الرئاسي، معلنين إصرارهم على الدفاع عن شرعية مرسي.

وانضم اثنان من قادة جبهة الانقاذ الوطني المعارضة هما محمد البرادعي وحمدين صباحي الى مسيرة ميدان التحرير، كما نظمت مجموعة من ضباط الشرطة مسيرة في اتجاه الميدان بمشاركة وزير الداخلية السابق أحمد جمال الدين. وكذلك نظم المثقفون والمحامون والصحافيون مسيرات مماثلة.

في الأثناء، قال المتحدث باسم الرئاسة إيهاب فهمي في مؤتمر صحافي، أمس، إن الحوار هو الوسيلة الوحيدة لحل الازمة الراهنة في البلاد. وأكد فهمي رداً على سؤال حول سبل حل الأزمة «الحوار هو السبيل الوحيد»، مضيفاً «لا سبيل الا أن يجلس الطرفان (السلطة والمعارضة) معاً ويسعيان للتوصل الى تفاهمات مشتركة».

وتحسباً لمواجهات محتملة انتشرت قوات الجيش والشرطة لتأمين المنشآت الحيوية ومؤسسات الدولة، وخصوا قناة السويس. وقال مسؤول أمني، إن إجراءات أمنية مشددة فرضت على القناة. وتمركزت وحدات من الجيش مدعومة بالآليات على مداخل القاهرة وعدد من المحافظات، فيما انتشرت عناصر الأمن حول مقار البرلمان، والحكومة، وعدد من الوزارات، والاستثمار، ومبنى البنك المركزي، واتحاد الإذاعة والتلفزيون، وحول مقار البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية. وأكدت وزارة الصحة ان المستشفيات وضعت في حالة تأهب.

من جهته، طالب شيخ الأزهر الشريف الإمام أحمد الطيب جميع المصريين بضبط النفس واجتناب الغنف بكل أشكاله. وأكد الإمام في تصريح أذاعه التلفزيون المصري، ضرورة تغليب المصلحة العليا للوطن وتجنب أي أعمال تضر بتلك المصلحة.

وأعلنت الشرطة، أمس، القبض على أشخاص عدة وبحوزتهم أسلحة في بعض المحافظات، ففي القاهرة قالت مصادر أمنية إن انفجاراً وقع داخل شقة بمنطقة البساتين وتبين قيام ثلاثة أفراد من عائلة واحدة بتصنيع متفجرات داخل الشقة لاستخدامها فى التظاهرت.

وفي منطقة العاشر من رمضان في شمال القاهرة، قالت الشرطة إنها ألقت القبض على شخص وبحوزته سلاح وذخيرة.

وفي الإسكندرية، أعلنت مصادر أمنية أن الشرطة ألقت القبض على ‬17 شخصاً أثناء استقلالهم حافلة صغيرة وبحوزتهم كمية من الأسلحة النارية، وتم التحفظ على الأسلحة وتولت النيابة التحقيق. كما أعلنت المصادر الأمنية القبض على ‬18 شخصاً بحوزتهم أسلحة نارية وخرطوش بطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي.

وتتهم المعارضة الرئيس مرسي بأنه فشل في إدارة الدولة، وبأنه يسعى الى «أخونة» كل مفاصلها، كما تتهمه بالاستبداد منذ اصدر في نوفمبر ‬2012 إعلانا دستوريا اثار أزمة سياسية كبيرة في البلاد.

ويرد أنصار الرئيس مؤكدين ان المعارضة ترفض احترام قواعد الديموقراطية التي تقضي بأن يستكمل الرئيس المنتخب مدته الرئاسية، متهمين إياها بأنها تريد الانقلاب على الشرعية.

ومن لندن، دعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان جميع المتظاهرين في مصر إلى نبذ العنف، والتعبير عن رأيهم بطرق سلمية، وتفويت الفرصة على كل المتربصين ببلادهم في الداخل والخارج.

وقالت المنظمة، إن القوى السياسية في مصر المعارضة والموالية مطالبة بالتمسك بالوسائل السلمية والديمقراطية في تداول السلطة، واعتبار صندوق الاقتراع هو الطريق الوحيد لانتقال السلطة.

تويتر