حدائق ديـــر الزور تحوَّلت مقابر

حديقة المشتل في دير الزور تحولت مقابر. أ.ف.ب

تستقبل حديقة المشتل في دير الزور كل يوم ضحايا جدداً للنزاع الذي يمزق سورية منذ قيام الحركة الاحتجاجية المناهضة للرئيس بشار الاسد قبل عامين، سواء كانوا رجالا أو نساء أو أطفالا أو حتى مقاتلين في ريعان الشباب.

وتبكي (أم محمد) ابنها البالغ ‬11 عاما، الذي قضى في القصف، قائلة «آتي كل يوم من طلوع الشمس حتى نحو الساعة الرابعة لأكون مع صغيري. إنها طريقتي لأكون إلى جانبه. أرافقه، أتلو عليه آيات قرآنية، وأتحدث إليه». وقتل الفتى بشظايا قذيفة مدفعية فيما كان يلهو أمام منزل اسرته مع صديق له قتل بدوره. وتضيف الام الملتاعة «كان ابتسامتي ودافعي للابتسام كل يوم وسط هذه الحرب، لكنه مات»، قبل أن تلعن نظام الأسد.

عبدالرزاق الذي يتولى دفن الضحايا، يعلق هازئاً «لم نتلق من حكومة سورية منذ تسعة اشهر سوى القنابل والقنابل».

ويضيف بحسرة «لا يستطيع اولادي الخروج، فمنذ تسعة أشهر وهم سجناء المنزل، لأنني دفنت عدداً كبيراً من الاطفال بيدي، وأرفض أن أدفن أولادي، ولم يخطر ببالي أن الحديقة التي كان يلعب فيها أولادي ستتحول مقبرة»، مشيراً الى أكمة زُين بعضها بورود اصطناعية.

طاول النزاع دير الزور في يونيو ‬2012، بعدما كانت مركز الصناعة النفطية السورية. ويوضح عبدالرزاق، الموظف السابق في آبار النفط، أن اكثر من ‬3000 شخص قتلوا فيها مذذاك. هذا العدد الكبير من الضحايا ضاقت به مقبرة البلدية، وكان الخيار الوحيد اللجوء الى الحدائق العامة.

تضم حديقة المشتل وحدها ‬160 شهيداً، لم يتم التعرف إلى بعضهم، ولا يحتوي القبر احياناً إلا على بقايا جثة مزقتها القنابل.

في الجانب الآخر من الحديقة، تركع امرأة أمام قبر حديث العهد، وتهتف «لماذا يا سعد؟ لماذا رحلت؟». ترثي شقيقها الشاب سعد الحاج شهاب (‬17 عاماً) الذي قضى في ‬16 فبراير الماضي وهو يقاتل القوات النظامية.

وتدخل مجموعة من المقاتلين المعارضين الحديقة، وتروح تبحث بين القبور، ثم تقف المجموعة أمام قبر ويجهش احد افرادها بالبكاء «إنه ابي، لقد قتل في قصف للنظام. كنت على الجبهة حين دفن ولم أتمكن من وداعه».

تويتر