تعتبر من يطالب بحقوقه «خائناً» و«طابوراً خامساً»

أرقام مرعبة لجرائم وانتهاكات الميليشيات الحوثية بحق معلمي اليمن

استهداف المعلمين في إطار خطة ممنهجة استكمالاً لمسلسل الميليشيات الإجرامي الخاص بـ«حوثنة التعليم». أرشيفية

تداولت وسائل إعلامية يمنية، في بداية 2019، مقطع فيديو لمعلم وهو يلقي بنفسه من الدور الـ10 في إحدى البنايات وسط العاصمة اليمنية، صنعاء، بعد أن أثقلته الديون، وعجز عن سدادها، فيما تكشف العديد من التقارير أرقاماً مرعبة لجرائم وانتهاكات الميليشيات الحوثية بحق معلمي اليمن، ومن يطالب بحقوقه تعتبره الميليشيات «خائناً» و«طابوراً خامساً».

لم تكن هذه الحادثة المروعة إلا مشهداً مختصراً لما آلت إليه أوضاع المعلم اليمني من تدهور مريع منذ سيطرت الميليشيات الحوثية الانقلابية على اليمن، أعقبها حادثة مشابهة في يوليو، أقدم فيها معلم في مديرية بعدان بمحافظة إب على شنق نفسه، نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها منذ انقطاع المرتبات، قبل نحو ثلاثة أعوام.

وفي الوقت الذي يحتفل فيه العالم بيوم المعلم في الخامس من أكتوبر من كل عام، فإن معلمي اليمن يستقبلون هذا اليوم بالمزيد من القهر والحسرة على ما آلت إليه أوضاعهم في ظل حكم ميليشيات الحوثي الإرهابية، التي تمثل العدو التاريخي للتعليم والمعلم.

ويعاني عشرات الآلاف من المعلمين اليمنيين في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران ظروفاً بالغة القسوة، نتيجة انقطاع مرتباتهم منذ أكثر من عامين، أدت إلى تكرار حالات الانتحار، في ظل الوضع المعيشي الصعب الذي يعانونه جراء الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي الانقلابية في البلاد منذ أكثر من أربع سنوات.

ومنذ 21 سبتمبر 2014، وهو اليوم الأسود في تاريخ اليمن، بدأت فصول المعاناة المستمرة للمعلم اليمني، وطوال أكثر من أربع سنوات ركزت ميليشيات الحوثي الإرهابية على ضرب القطاع التعليمي، الذي يمثل المعلم عموده الفقري، وصدرت تقارير لمنظمات محلية ودولية عكست حجم المأساة التي لحقت بالمعلمين اليمنيين.

وكشفت هذه التقارير عن أرقام مرعبة للجرائم والانتهاكات التي لحقت بمعلمي اليمن في مناطق سيطرة ميليشيات إيران، وكان آخرها تقرير نقابة المعلمين اليمنيين في أغسطس، الذي كشف عن مقتل أكثر من 1500 معلم ومعلمة على يد ميليشيات الحوثي الإرهابية، وتعرض 2400 من العاملين في القطاع التعليمي باليمن لإصابات نارية مختلفة، نتج عن بعضها إعاقات مستديمة.

ووثّقت النقابة 32 حالة اختفاء قسري لمعلمين اختطفتهم ميليشيات الحوثي من منازلهم ومدارسهم، ولايزالون مخفيين منذ سنوات، وكذلك قيام المليشيات الحوثية الانقلابية بهدم 44 منزلاً من منازل المعلمين في محافظات عدة.

أما تهجير المعلمين من منازلهم ومدارسهم ومناطقهم فإنه أصبح سمة أربع سنوات من الحقد الحوثي على اليمنيين، حيث فر آلاف المعلمين من بطش واضطهاد الميليشيات الحوثية الإرهابية الإيرانية، وأصبحوا بلا مأوى أو عمل، الأمر الذي شكل معاناة أخرى لقطاع واسع من التربويين.

وبعد كل هذه الصور القاتمة لما تعرض له المعلم اليمني من ممارسات عنف وتنكيل، فإن من نجا منها معرض للموت جوعاً هو وأسرته، حيث أشارت الإحصاءات إلى أن 60% من إجمالي العاملين في القطاع التعليمي باليمن، البالغ عددهم 290 ألف موظف، لم يحصلوا على مرتباتهم بشكل منتظم منذ ثلاثة أعوام.

وأن أكثر من 9000 تربوي من المعلمين النازحين لا يتقاضون مرتباتهم شهرياً، ما جعلهم عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية في المعيشة والحياة.

كما أن المعلمين الذين نهبت ميليشيات التمرد الحوثي رواتبهم أصبحوا عاجزين عن المطالبة بحقوقهم، خوفاً من أساليب القمع والبطش واعتبار من يطالب بحقوقه «خائناً» و«طابوراً خامساً».

واكتفى بعض المعلمين بالفتات الذي يلقيه لصوص الحوثي، وهو نصف راتب كل ستة أشهر لا تسد رمق شخص بمفرده، فضلاً عن أسرة تنتظر ما يطفئ لهيب الجوع، وانتهى الحال ببعضهم إلى العمل في مهن شاقة من أجل الإيفاء بالالتزامات الأساسية لأسرهم.

إلى جانب ما قام به لصوص ميليشيات الحوثي في التربية والتعليم من نهب لمرتبات المعلمين، فإن أيديهم طالت حتى المعونات والمساعدات التي تقدمها منظمات دولية لقطاع التعليم، ومنها ما سمي بالحافز المخصص لمساعدة المعلمين للتغلب على أزمة انقطاع الرواتب، الذي قدمته السعودية ودولة الإمارات عبر منظمة «يونيسيف»، الذي لم يسلم من العبث والسرقة.

ومع بداية العام الدراسي الحالي، أعلنت الميليشيات الحوثية الإرهابية عن إصدار حزمة من القرارات والتعميمات التي تتعلق بالإقصاء والتهميش والتعسف في حق المعلمين والمعلمات وموظفي الكادر التعليمي.

وتأتي هذه الإجراءات في إطار خطة ممنهجة استكمالاً لمسلسلها الإجرامي، الخاص بـ«حوثنة التعليم» بشكل عام و«حوثنة العاملين» في التربية بصنعاء وبقية المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، الأمر الذي يعني إقصاء وتهميش من تبقى من العاملين في المؤسسة التعليمية بمناطق نفوذها.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الميليشيات الإرهابية أصدرت تعميمات ألزمت المعلمين والكادر التعليمي بالحضور القسري للدوام، دون أي التزام بصرف مستحقاتهم، وإجبارهم على حضور دورات طائفية أو فصلهم من أعمالهم وتعرضهم للتهديد والبطش.


المعلمون الذين نهبت الميليشيات رواتبهم أصبحوا عاجزين عن المطالبة بحقوقهم، خوفاً من أساليب القمع والبطش.

تويتر