اتهمت واشنطن بمحاولة توريط دول عربية في نزاع مع سورية

دمشق تؤكد أن انسحاب القوات الإيرانية و«حزب الله» غير مطروح

عناصر من قوات النظام يتفقدون الأضرار في شارع بحي حجر الأسود جنوب دمشق. أ.ف.ب

أكدت دمشق، أمس، أن انسحاب القوات الإيرانية وميليشيات «حزب الله» اللبنانية من سورية «غير مطروح للنقاش»، بعد أن طالبت واشنطن بانسحاب القوات الأجنبية من الحرب الدائرة في سورية، واعتبرت في الوقت نفسه أن تصريحات واشنطن حول سحب قواتها من سورية وإحلال قوات عربية مكانها، تهدف إلى جرّ الدول العربية إلى نزاع مع دمشق.

وقال نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، في تصريح لوكالة «سبوتنيك» الروسية، إن انسحاب القوات الإيرانية من سورية «غير مطروح للنقاش، لأنه شأن يخص الحكومة السورية»، في ردّ على وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الذي طالب إيران بإجراء تغييرات كاسحة، من التخلي عن برنامجها النووي إلى الانسحاب من الحرب السورية، وإلا واجهت عقوبات اقتصادية صارمة.

وقدمت إيران دعماً حاسماً في الحرب السورية الدائرة منذ سبع سنوات، لقوات الرئيس السوري بشار الأسد. وساعدت قواتها ومقاتلون تدعمهم من المنطقة، منهم ميليشيا «حزب الله» اللبنانية، دمشق على استعادة السيطرة على المدن الرئيسة التي كان متشددون ومعارضون يسيطرون عليها.

وكان بومبيو قال إن إيران يجب أن تسحب جميع القوات تحت قيادتها من سورية. ورفضت طهران الإنذار الأميركي، وقال مسؤول بارز إن ذلك يظهر رغبة الولايات المتحدة في «تغيير النظام» بإيران.

وقال المقداد «حكومة الجمهورية العربية السورية دعت قوات حليفة وصديقة لمساعدتها في الحرب على الإرهاب، ومن بين هذه القوات قوات روسية وإيرانية، وخبراء إيرانيون، وإخوة في حزب الله، وكل هذه الأطراف معنية بالحرب على الإرهاب، ولا تنتهك سيادة وحرمة أراضي الجمهورية العربية السورية، وتعمل بتنسيق تام مع الدولة السورية في الحرب على الإرهاب».

• فرنسا أعربت عن مخاوفها من «انفجار إقليمي» بسبب ترابط الأزمتين السورية والإيرانية.

وأكد أن «هذا الموضوع (انسحاب إيران وحزب الله من سورية) غير مطروح للنقاش، لأنه يأتي في سياق سيادة الجمهورية العربية السورية على من يكون على أرضها ومن لا يكون، لذلك هذا الموضوع غير مطروح ولا يمكن أن نسمح لأحد بطرحه».

وحول المطالبة الروسية بخروج شامل لجميع القوات الأجنبية من سورية مع بدء العملية السياسية، قال المقداد: «لا أعتقد أن الأصدقاء الروس إطلاقاً يقصدون القوى أو الجيوش التي دخلت سورية بشكل مشروع وبموافقة حكومة الجمهورية العربية السورية، هذا اختصاص حصري للجمهورية العربية السورية، وهذا هو الموقف المعلن من روسيا». وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أعلن، الخميس الماضي، خلال لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد، أن بداية العملية السياسية في سورية ستسهم في انسحاب «القوات المسلحة الأجنبية» من البلاد.

وفسرت السلطات الروسية هذه التصريحات بطريقة متناقضة.

فقد اعتبر موفد الكرملين إلى سورية، ألكسندر لافريتييف، أن هذه التصريحات تعني «الأميركيين، الأتراك، وحزب الله بالتأكيد، والإيرانيين».

لكن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أوضح أن إعلان بوتين يتعلق بالقوات الأجنبية الموجودة في سورية «بحكم الأمر الواقع بطريقة غير شرعية، من وجهة نظر القانون الدولي»، وهذا يستبعد على ما يبدو إيران حليفة دمشق.

إلى ذلك، أكد المقداد أن تصريحات واشنطن حول سحب قواتها من سورية وإحلال قوات عربية مكانها، تهدف إلى جر الدول العربية إلى نزاع مع دمشق.

وقال «أميركا طبعاً لم تقرر الانسحاب، هي تطلق بالونات اختبار بين الحين والآخر».

وأضاف: «سنتعامل مع مثل هذا الوجود كما نتعامل مع أي وجود لأي قوات أجنبية لم تأتِ بموافقة الدولة السورية».

وفي باريس، كرر وزير الخارجية الفرنسي، جان ايف لودريان، مخاوفه من «انفجار إقليمي» بسبب ترابط الأزمتين السورية والإيرانية. وردّ بـ«نعم»، على سؤال لإذاعة «فرانس انتر» عما إذا كان هناك «خطر اندلاع حرب».

وقال إن إطلاق الصواريخ (أسلحة إيرانية متمركزة في سورية)، في 10 مايو على منطقة في الجولان الذي تحتله إسرائيل، تلاه رد إسرائيلي واسع في هذا البلد.

وأضاف أن «كل الشروط اجتمعت لاحتمال حدوث انفجار، إذا وقع حدث ما ربما عمداً أو عن غير عمد».

وأكد أن السياسة الأميركية بشأن إيران ستشجع المحافظين على حساب المعتدلين في طهران وتزيد من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

وقال إن «هذه المجموعة من العقوبات التي تنظم ضد إيران لن تسهل الحوار، بل بالعكس ستشجع في إيران قوة المحافظين، وهذا يضعف الرئيس (حسن) روحاني الذي يريد التفاوض».

وأضاف «في نهاية المطاف هذا التموضع يمكن أن يعرض المنطقة لخطر أكبر مما تواجهه اليوم».

ووعدت الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة على إيران هي «الأقوى في التاريخ»، إذا لم تلبِّ طهران سلسلة مطالب قاسية من أجل التوصل إلى «اتفاق جديد» حول برنامجها النووي بعد الانسحاب الأميركي من النص الموقّع في 2015.

وسيؤدي انسحاب واشنطن هذا إلى إعادة فرض سلسلة من العقوبات الأميركية على الشركات التي تتعامل مع طهران، بينما يعول الرئيس روحاني على اتفاق لإخراج بلده من العزلة وإنعاش اقتصاده.

تويتر