الإمارات تعرب عن قلقها البالغ تجاه تطوّرات الأوضاع في سورية

تـرامـب يتوعّــد دمـشق بـ «صـــواريخ جديدة وذكيــة» رغــم التحــذيــرات الـروسية

جنود على متن المدمرة الأميركية القاذفة للصواريخ «يو إس إس دونالد كوك» التي غادرت قبرص إلى منطقة يمكن منها استهداف سورية. أ.ف.ب

حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، روسيا من المضي في دعم النظام السوري، مؤكداً أن «صواريخ جديدة وذكية» قادمة لتضرب سورية، ما يدفع باتجاه تصعيد خطر بين القوتين، على خلفية التقارير حول هجوم كيماوي قرب دمشق، فيما أعرب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن «أمله أن تتغلب لغة العقل في النهاية» في العلاقات الدولية. في حين أكدت دولة الإمارات أنها تتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع المتعلقة بسورية، وإخفاق مجلس الأمن الدولي في اتخاذ قرارات حاسمة تحمي الشعب السوري، وتضع حداً لاستخدام الأسلحة الكيماوية.

وقال ترامب، في تغريدة على موقع «تويتر» أمس، «تعهدت روسيا بضرب جميع الصواريخ الموجهة إلى سورية. استعدي يا روسيا لأنها قادمة وستكون جميلة وجديدة وذكية! عليكم ألا تكونوا شركاء لحيوان يقتل شعبه بالغاز، ويتلذذ بذلك».

بدوره، أكد وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، أن الجيش الأميركي مستعد لتقديم خيارات، بشأن ضربات جوية على سورية، إذا كان ذلك مناسباً، ووفق ما يقرره الرئيس.

وسارعت موسكو إلى الرد، على لسان المتحدثة باسم وزارة خارجيتها، ماريا زاخاروفا، التي قالت: «على الصواريخ الذكية أن تصوب باتجاه الإرهابيين، وليس باتجاه الحكومة الشرعية التي تواجه منذ سنوات عدة الإرهاب الدولي على أراضيها».

لكن الرئيس الروسي أعرب، لاحقاً، عن «أمله أن تتغلب لغة العقل في النهاية»، في العلاقات الدولية التي تشهد حالياً «مزيداً من الفوضى»، على وقع توتر متصاعد مع الدول الغربية.

وقال في خطاب، أمام دبلوماسيين أجانب، إن «الوضع في العالم يشهد مزيداً من الفوضى. رغم ذلك، نأمل أن تتغلب لغة العقل في النهاية، وأن تسلك العلاقات الدولية اتجاهاً بنّاء، وأن يصبح النظام العالمي أكثر استقراراً».

وأكدت الرئاسة الروسية أنها «لا تشارك في دبلوماسية التغريدات»، وتؤيد «المقاربات الجادة».

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، رداً على سؤال لوكالات الأنباء الروسية عن رد فعل الرئاسة حيال تغريدات ترامب، «نحن لا نشارك في دبلوماسية التغريدات. نحن مع المقاربات الجادة».

وحذر من «اتخاذ خطوات غير مبررة، بإمكانها أن تزعزع الوضع الهش أصلاً في المنطقة». وقال إن «الوضع متوتر»، مضيفاً أن روسيا تدعو إلى «تحقيق غير منحاز وموضوعي، قبل إصدار أحكام».

من جهتها، وصفت دمشق التهديدات الأميركية بـ«التصعيد الأرعن».

وقال مصدر في وزارة الخارجية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن «نظاماً كالنظام الأميركي، ليس غريباً عليه أبداً أن يساند الإرهابيين في الغوطة، ويرعى فبركاتهم وأكاذيبهم، لاستخدامها ذريعة لاستهداف سورية».

ودعت أنقرة موسكو وواشنطن إلى الكف عن «المشاجرات» حول سورية.

وقال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إن الوقت حان، لأن تضعا خلافاتهما جانباً، لأنها تهدد بإلحاق الأذى بالمدنيين.

وأضاف، في كلمة نقلها التلفزيون بإسطنبول «إنه شجار شوارع. إنهما يتقاتلان مثل فتوات الشوارع. لكن من يدفع الثمن؟ إنهم المدنيون».

وأضاف «ليس الوقت الآن للخصومات. إنه وقت تضميد الجراح في المنطقة، والتلاقي، وتنحية الخلافات جانباً».

إلى ذلك، أكدت دولة الإمارات أنها تتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع المتعلقة بسورية.

وقال بيان لوزارة الخارجية والتعاون الدولي إن دولة الإمارات تدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ جميع القرارات والإجراءات، التي تضمن حماية وسلامة المدنيين، وتضع حداً للعنف الذي انطوت عليه الأزمة السورية، كما تدعو إلى ضرورة تشكيل لجنة تحقيق، ومحاسبة المسؤولين عن هذا الهجوم الآثم.

وأكدت دولة الإمارات ضرورة تفعيل الدور العربي في المساعي الدولية المشتركة، للدفع قدماً بآليات الحل السياسي، وتدعو مجدداً جميع الأطراف السورية للعودة إلى طاولة المفاوضات بشكل فوري، وتطبيق جميع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وبصورة خاصة قرار مجلس الأمن 2254، وبيان جنيف 1.

كما أكدت دولة الإمارات، مجدداً، أن الحل السياسي هو المخرج الوحيد لإنهاء الأزمة السورية لحقن الدم السوري، وترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة.

ومنذ ورود أول التقارير حول الهجوم الكيماوي، توعدت دول غربية، على رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، بـ«رد قوي»، موجهة أصابع الاتهام للنظام السوري.

لكن دمشق وصفت الاتهامات بـ«الفبركات»، واتهمت موسكو وطهران الولايات المتحدة بالبحث عن «ذريعة» لضرب سورية.

وقال السفير الروسي في لبنان، ألكسندر زاسبيكين، مساء أول من أمس، لقناة «المنار» التابعة لميليشيا «حزب الله» اللبنانية: «هذه خطوات تمهيدية، لتوجيه ضربات عسكرية»، مضيفاً «إذا كانت هناك ضربة أميركية، فسيكون هناك إسقاط للصواريخ، وحتى مصادر إطلاق الصواريخ».

ومنذ يومين، تنسق الولايات المتحدة مع فرنسا بشكل أساسي، بعدما هددت الدولتان خلال الفترة الأخيرة بتوجيه ضربات، في حال توافر «أدلة دامغة» على هجمات كيماوية في سورية.

وقال السفير الفرنسي في الأمم المتحدة، فرنسوا دولاتر، إن بلاده «ستبذل كل ما بوسعها، للتصدي للإفلات من العقاب في المسائل الكيماوية»، بعدما صرح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بأن باريس ستعلن «خلال الأيام المقبلة قرارها»، بشأن الرد الذي قد يستهدف «القدرات الكيماوية» للنظام السوري.

وطالبت بريطانيا أيضاً بـ«رد قوي». واتفق ترامب ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «على عدم السماح بالاستمرار في استخدام أسلحة كيماوية».

في السياق، قال المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، بيتر سلامة، إن منظمته «تطالب بالوصول الفوري، ودون أي عراقيل، إلى المنطقة لتقديم الرعاية للمصابين، وتقييم التداعيات الصحية».

ونقلاً عن معلومات سبق أن نشرتها منظمات صحية محلية، ذكرت المنظمة أن «ما يقدر بـ500 مريض، أحضروا إلى المرافق الصحية، حيث ظهرت عليهم أعراض تتوافق مع التعرض للمواد الكيماوية السامة».

وتشهد القواعد العسكرية للجيش السوري، منذ مساء الإثنين الماضي حالة من الاستنفار، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

كما قال مصدر من القوات الحليفة للجيش السوري «هناك تدابير احترازية من قبل الجيش السوري، خصوصاً في المطارات، والقواعد العسكرية».

وأبحرت المدمرة الأميركية القاذفة للصواريخ «يو إس إس دونالد كوك»، الإثنين الماضي، من مرفأ لارنكا في قبرص حيث كانت متوقفة، وهي حالياً في منطقة يمكن منها استهداف سورية بسهولة.

وشهد مجلس الأمن، أول من أمس، تصويتاً على ثلاثة مشاريع قرارات، حول التحقيق في الهجوم المفترض.

واستخدمت موسكو حق الفيتو ضد مشروع قرار أميركي، حول تشكيل «آلية تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة»، ليكون الفيتو الـ12 الذي تلجأ إليه لمصلحة حليفتها دمشق منذ 2011.

كما فشلت موسكو في جمع الأصوات الضرورية لإقرار مشروعي قرارين طرحتهما: الأول يقضي بتشكيل آلية للتحقيق، والثاني يكتفي بدعم عمل منظمة حظر الأسلحة الكيماوية. وكانت موسكو أعلنت، سابقاً، أن خبراءها لم يعثروا على أثر لمواد كيماوية في دوما.

ودعت دمشق منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لزيارة دوما، للتقصي حول الأمر.

تويتر