ترامب يُلغي زيارته إلى أميركا اللاتينية لإدارة الملف السوري

استنفار قوات الأسد غداة تهـديدات دولية رداً على هجوم كيماوي

ترامب خلال اجتماع مع كبار قياداته السياسية والعسكرية بالبيت الأبيض لبحث الرد في الملف السوري. إي.بي.إيه

شهدت قواعد قوات النظام السوري، أمس، حالة استنفار لدى جميع وحداتها، غداة تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، برد «قوي وقريب»، ملوّحاً بالخيار العسكري، بعد تقارير حول هجوم كيماوي في دوما، وتوجيه أصابع الاتهام إلى دمشق، فيما ألغى ترامب بصورة مفاجئة زيارته الأولى المقررة إلى أميركا اللاتينية، من أجل «الإشراف على الرد الأميركي على سورية».

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بأن قوات النظام ومسلحين موالين لها، تواصل استنفارها منذ مساء أول من أمس، «تحسباً لضربات محتملة» تهدّد بها الدول الغربية.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لـ«فرانس برس»، إن قيادة أركان الجيش عمّمت منذ منتصف الليلة قبل الماضية، «تنفيذ استنفار لمدة 72 ساعة على جميع القطاعات العسكرية، المطارات والقواعد»، في جميع المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية، وبينها دمشق.

وأضاف «هذا الشيء لا يحصل إلا رداً على التهديدات الخارجية، هناك تحصينات وتدريبات للانتشار السريع».

وتتوعّد دول غربية منذ يومين بـ«رد قوي»، وتحدث الرئيس الأميركي عن قرار مهم في «وقت قصير جداً»، فيما أكدت فرنسا أنها سترد في حال تخطّت دمشق «الخط الأحمر»، بعد أن تحدث مسعفون عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى في هجوم كيماوي، مساء السبت الماضي، في مدينة دوما.

وحذّرت موسكو، حليفة دمشق، من «خطورة» الاتهامات، وأعلنت أنها ستقدم مشروع قرار دولي للتحقيق في الأمر، رداً على مشروع آخر قدمته واشنطن، فيما دعت سورية، أمس، منظمة حظر الأسلحة الكيماوية للدخول إلى دوما والتحقيق «حول ادعاءات استخدام السلاح الكيماوي».

ومنذ ورود أول التقارير حول الهجوم الكيماوي، اعتبرت دمشق الاتهامات «فبركات»، وهي لطالما نفت استخدام الأسلحة الكيماوية طوال سنوات النزاع منذ عام 2011، كما تؤكد أنها دمرت ترسانتها في 2013، بموجب قرار أميركي روسي، إثر اتهامها بهجوم أودى بحياة المئات قرب دمشق.

وخلال جلسة لمجلس الأمن، أول من أمس، قال ممثل سورية لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، إن الهدف من «الاتهام الباطل»، هو «تهيئة الأجواء للعدوان على سورية، على غرار ما فعلته الولايات المتحدة وبريطانيا من جريمة عدوانية موصوفة بحق العراق في عام 2003».

ومنذ يومين، تنسق الولايات المتحدة مع فرنسا بشكل أساسي، بعدما هدّدت الدولتان خلال الفترة الأخيرة بتوجيه ضربات في حال توافر «أدلة دامغة» على هجمات كيماوية في سورية، خصوصاً أنه ظهرت منذ بداية العام حالات اختناق وضيق نفس في مناطق عدة، أبرزها الغوطة الشرقية قرب دمشق.

وقال متحدث باسم الحكومة الفرنسية، أمس، إنه «إذا ثبتت المسؤوليات، إذا تم تجاوز الخط الأحمر، فسيكون هناك ردّ»، بعد مكالمة هاتفية جديدة أجراها الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون، والأميركي، الليلة قبل الماضية.

وأضاف أن الرئيسين «تبادلا معلومات تؤكد مبدئياً استخدام أسلحة كيماوية»، مشيراً إلى أنهما اتفقا على التحدث مجدداً في الساعات الـ48 المقبلة.

كما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الداعم للمعارضة السورية، إن منفذي «المجزرة سيدفعون بالتأكيد ثمناً باهظاً».

وأفاد المرصد السوري عن «21 حالة وفاة، السبت الماضي، جراء الاختناق، وإصابة 70 آخرين» في دوما، من دون أن «يؤكد أو ينفي» استخدام الغازات السامة. لكن منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل)، تحدثت عن أكثر من 40 قتيلاً، ومئات الإصابات.

من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، أمس، إن «خطورة المزاعم الجديدة تستدعي تحقيقاً شاملاً، يجريه خبراء محايدون ومستقلون ومحترفون». وأضاف في بيان أن «أي استخدام مؤكد للأسلحة الكيماوية، من أي طرف في النزاع، وتحت أي ظروف، هو شيء بغيض، وانتهاك فاضح للقانون الدولي».

وفي المقابل، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن بلاده أعدت مشروع قرار آخر يطالب بالتحقيق في الأمر.

وقال «نحن مهتمون بأن يشارك الخبراء المستقلون في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» في هذا التحقيق، غداة تأكيده أن خبراء عسكريين روس توجهوا إلى دوما، ولم يجدوا «أثراً» لمواد كيماوية.

وأضاف لافروف «ليتمكن محققو منظمة حظر الأسلحة الكيماوية من القيام بواجباتهم»، عليهم «بالضرورة التوجه إلى المكان».

واتهم الكرملين، أمس، الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بأنها «ترفض مواجهة الحقيقة». وقال المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف، «سلوك الطرق المختصرة، وإطلاق الأحكام من دون أي تحقيق، هي تقاليد قديمة».

واعتبر أن التهديد بردّ قوي «يقلص بالتأكيد هامش المناورة بالنسبة للجهود الدبلوماسية».

وحذرت الصين، أمس، من عواقب العمل العسكري في سورية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جييغ شوانغ، في ايجاز صحافي روتيني، إن بلاده «تعارض الاستخدام المتهور للقوة أو التهديد بالقوة».

وأضاف أنه قبل إجراء «تحقيق شامل ومحايد وموضوعي» في الحادث، لا ينبغي على أي طرف «استباق النتائج والتوصل لنتائج بشكل عشوائي». وأكد أن «الوسائل العسكرية لن تقودنا إلى أي شيء».

في السياق، ألغى الرئيس الأميركي بصورة مفاجئة، أمس، زيارته الأولى المقررة في وقت لاحق هذا الأسبوع إلى أميركا اللاتينية، من اجل «الإشراف على الرد الأميركي على سورية»، وفق ما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارا ساندرز.

وكان يفترض أن يغادر ترامب واشنطن الجمعة الماضي، للقيام بأول زيارة له إلى أميركا اللاتينية منذ وصوله إلى البيت الأبيض في يناير 2017. وفي ختام قمة الدول الأميركية في ليما، كان يفترض أن يتوقف ترامب في بوغوتا بكولومبيا. وقالت ساندرز انه «نزولاً لطلب الرئيس سيسافر نائبه مايك بنس عوضاً عنه إلى ليما، لحضور قمة الدول الأميركية».

وأضافت «سيبقى الرئيس في الولايات المتحدة للإشراف على الرد الأميركي في ملف سورية».

تويتر