فرنسا وبريطانيا تصفان حصارها بـ«الكارثي».. والأسد يُصدر عفواً مشروطاً عن المعارضين

روسيا تحدد ممرات إنسانية فـي حلب.. وجيش النظام يُحكم قبضته حول المدينة

الدخان يتصاعد فوق حي بني زيد بحلب نتيجة قصف النظام.. وفي الإطار أطفال يطالعون منشوراً ألقته طائرات النظام. أ.ف.ب

أعلنت موسكو، أمس، إقامة ممرات إنسانية في مدينة حلب السورية؛ تمهيداً لخروج المدنيين والمقاتلين المستعدين لتسليم سلاحهم، بعدما باتت الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة محاصرة بالكامل من قوات النظام السوري. وتزامن الإعلان الروسي مع إصدار رئيس النظام السوري بشار الأسد أمس مرسوماً يقضي بمنح عفو لكل من يبادر من مسلحي المعارضة إلى تسليم نفسه خلال ثلاثة أشهر، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا».

وتفصيلاً، أفاد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ببدء «عملية إنسانية واسعة النطاق» في مدينة حلب في شمال سورية، اعتباراً من أمس، موضحاً أن ثلاثة ممرات إنسانية ستفتح بالتنسيق مع القوات الحكومية السورية «من أجل المدنيين المحتجزين، والمقاتلين الراغبين في الاستسلام».

وأوضح شويغو أن ممراً رابعاً سيفتح في الشمال على طريق الكاستيلو؛ ليسمح «بمرور المقاتلين المسلحين بشكل آمن»، مؤكداً أن الأمر لا يتعلق إلا «بضمان أمن سكان حلب».

وباتت الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة في مدينة حلب ويعيش فيها اكثر من 200 ألف شخص، محاصرة تماماً منذ تمكنت قوات النظام من قطع طريق الكاستيلو، آخر منفذ إليها، في الـ17 من الشهر الجاري. وتتعرض هذه الأحياء أخيراً لقصف جوي كثيف.

وقال شويغو الذي أوضح أنه يتحرك بأمر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: «دعونا مرات عدة الأطراف المعارضة لوقف إطلاق النار، لكن المقاتلين انتهكوا الهدنة في كل مرة وقصفوا مناطق مأهولة وهاجموا مواقع القوات الحكومية».

وأضاف: «نتيجة لذلك أصبح الوضع في مدينة حلب ومحيطها صعباً»، مضيفاً أن مساعدة إنسانية وطبية ستقدم في الممرات الإنسانية.

وفي بيان مشترك، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت ونظيره البريطاني بوريس جونسون، أمس، النظام السوري وحلفاءه إلى وقف فوري للحصار «الكارثي» على مدينة حلب.

وإثر الإعلان الروسي، أعلن محافظ حلب محمد مروان علبي افتتاح ثلاثة معابر لخروج المواطنين من الأحياء الشرقية لمدينة حلب، لافتاً إلى إقامة «مراكز مؤقتة مجهزة بجميع الخدمات الطبية والإغاثية» لإيوائهم.

وأشار إلى إلقاء طائرات سورية منشورات عدة على الأحياء الشرقية موقعة من قيادة الجيش، التي أرفقت منشوراً موجهاً إلى أهالي المدينة برسم توضيحي يظهر مناطق وجود المعابر الأربعة في المدينة.

ويأتي إلقاء هذه المنشورات بعد يومين من دعوة قيادة الجيش سكان الأحياء الشرقية إلى «الانضمام للمصالحات الوطنية»، ومقاتلي الفصائل إلى «ترك السلاح والمبادرة لتسوية أوضاعهم».

وأصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، أمس، مرسوماً تشريعياً ينص على أن «كل من حمل السلاح أو حازه لأي سبب من الأسباب، وكان فارّاً من وجه العدالة، أو متوارياً عن الأنظار، يُعفى عن كامل العقوبة متى بادر إلى تسليم نفسه وسلاحه للسلطات القضائية المختصة» خلال مدة ثلاثة أشهر. ويشمل العفو «كل من بادر إلى تحرير المخطوف لديه بشكل آمن ومن دون أي مقابل»، بحسب المرسوم.

وسيطرت قوات النظام أمس على حي بني زيد بعد اشتباكات عنيفة ضد الفصائل، التي خسرت قبل يومين حي الليرمون المجاور.

ونقلت وكالة «سانا» عن مصدر عسكري «استكمال وحدات الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع القوات الرديفة عملياتها العسكرية لتأمين حلب والسيطرة على حي بني زيد بالكامل».

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، كانت الفصائل المقاتلة تستخدم هذين الحيين لإطلاق القذائف على الأحياء الغربية تحت سيطرة قوات النظام في المدينة، رداً على استهداف الأحياء الشرقية بالغارات والبراميل المتفجرة. ودعت فرنسا وبريطانيا، أمس، رسمياً، حلفاء سورية إلى إنهاء حصار حلب، مؤكدتين أن «روسيا وحدها يمكنها إقناع نظام الأسد بوضع حد للحرب».

وقال وزيرا خارجية فرنسا جان مارك آيرولت وبريطانيا بوريس جونسون، في بيان مشترك بعد لقائهما في باريس، إن «حصار هذه المدينة حيث يعلق نحو 300 ألف شخص، يجعل من المتعذر استئناف مفاوضات السلام».

وأكد الوزيران أن آثار حصار حلب كارثية، ويمكن أن تؤدي إلى مغادرة لاجئين جدد، ودعوا «رسمياً حلفاء النظام السوري إلى وقف فوري للعمليات».

وطلب الوزيران «العودة بشكل كامل وعاجل لتطبيق اتفاق وقف المعارك، وأن يتم التقدم باتجاه إرساء سلطة انتقالية تملك صلاحيات تنفيذية كاملة».

من جهتها، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير صدر أمس، إن الحملة الجوية التي تشنها الحكومة السورية المدعومة من روسيا على المعارضين تستخدم على نطاق واسع الذخيرة العنقودية التي تحظرها أكثر من 100 دولة.

وقالت المنظمة إنها وثقت 47 هجوماً بذخيرة عنقودية قتل فيها عشرات المدنيين في مناطق تسيطر عليها المعارضة في الشهرين الماضيين. وقالت المنظمة إن روسيا نفت استخدام ذخيرة عنقودية في سورية، لكن الأدلة تزايدت على أن لديها مخزونات من هذه الذخيرة، وأنها إما استخدمتها أو شاركت في هجمات جرى استخدامها فيها.

وأضافت المنظمة أن الذخيرة العنقودية استخدمت في هجوم وقع يوم 11 يوليو في محافظة إدلب وقتل فيه 10 أشخاص على الأقل، وأظهرت صورة التقطت قرب موقع الهجوم قنبلة يتم إسقاطها من طائرة سوخوي-34، وهي طائرة تقول المنظمة إن روسيا فقط هي التي تستخدمها.

وتابعت «هيومن رايتس ووتش» أن صوراً التقطت بعد هجوم آخر في الأسبوع التالي قرب معبر التنف جنوب سورية، أظهرت آثار قنابل عنقودية، منها قنابل صغيرة لم تنفجر.

وقال مقاتلون معارضون والولايات المتحدة إن الهجوم نفذته طائرات روسية.

وقالت المنظمة، إن القوات الحكومية السورية تستخدم منذ منتصف 2012 ذخيرة عنقودية تسقطها من طائرات أو تطلقها من البر.

تويتر