معشوقتي دبي

عضو سابق في المجلس الوطني الاتحادي

عائشة محمد سعيد الملا

طفولتي كانت في الرفاعة بدبي، هناك تشكلت ملامحي الأولى، ثم انتقلنا إلى جميرا (الشعبية)، وهناك كنت رياضية بامتياز، أركض في فناء بيت والدي الذي كان ملتقى لأطفال «الفريج»، كثيراً ما كنت الفتاة الوحيدة بينهم، والوحيدة التي تجاري الفتيان لعباً وصلابة، وكأن دبي كانت تهمس لي بالشجاعة والقوة.

أحب تراب دبي عند البحر، حين تعلو السماء خيوط الشمس ويتخلل الرمل بين أصابع يدي، كانت جدتي تقول لي: «إن تراب دبي غالٍ وسنشتاق إليه يوماً ما، وقد صدقت في ذلك، صارت دبي عالماً آخر ومدينة خضراء تنبض بالحياة».

أحب صلاة الفجر في دبي، كنا نلعب على «السيفة» خلف بيت الاتحاد، فتمتزج اللحظة للعب والدعاء معاً، وهناك وجدت أن المرح يلاقي السكينة في مكان واحد.

أحب جولاتي مع والدي، شهدت معه قيام مشروعات دبي، المركز التجاري وبرج راشد، وكسارات حتا، والميناء، والحوض الجاف، وكان يشرح لي في كل رحلة كيف تبنى الأساسات، وكيف تصنع الأجهزة، وكيف تدار المشروعات، وفي نهاية الجولة كنا نمر على المطار، ويهديني كعكة صغيرة ملونة، كانت أجمل مكافأة أسبوعية أنتظرها.

وكم أحب يوم الجمعة مع أمي جليثم، حيث كانت تأخذني معها إلى الشندغة في زياراتها وصلة أرحامها، وقبل عودتنا كنت أملأ جيوبي من تراب الشندغة، ثم أعود إلى بيتنا في جميرا (الشعبية)، وأنثر الرمل من جيبي كأنني أغرس الذكرى.

أعشق سماء دبي حين تصقلها شمس الشتاء وتلمع فيها الأبراج كنجوم دانية، أعشق بر دبي، حيث تتجاور «البراجيل» مع ناطحات السحاب، والحداثة تعانق الأصالة، أعشق خور دبي، مجرى الحكايات ومراسي العبرات، حيث تنقل القوارب واليخوت الناس والذكريات، أعشق زحمة دبي، إيقاع لا يهدأ وملتقى للأحلام القادمة من كل صوب.

هذه دبي التي ربّتني، مدينة تعلّمنا فيها أن نحلم ونثابر، كلما كبرت كبر حبي لها، وكلما امتدت طرقها امتدت جذوري فيها، ترابها في يدي، وهمسها حلقة في أذني، وحكاياتها في ذاكرتي، ووعدها في قلبي، فكم أعشق دبي وأهل دبي وهواء دبي الذي أتنفّسه.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

 

تويتر