الإمارات.. نموذج تنموي متفرد بذاته
في زمن تتعثر فيه تجارب التنمية وتتشابه مسارات الدول، تبرز دولة الإمارات كنموذج تنموي متفرد بذاته، لا لأنه الأسرع نمواً فحسب، بل لأنه الأكثر اتساقاً ووضوحاً في الرؤية والتنفيذ.
تجربة لم تُبن على وصفات جاهزة أو شعارات عابرة، بل على قيادة حكيمة جعلت من التخطيط للمستقبل وصناعته شعارها الرئيس، وعقلية حكومية وإدارية واعية، تعمل على تحقيق طموح واضح: أن تكون دولة الإمارات في المركز الأول عالمياً في المؤشرات التنموية والإنسانية والحضارية.
منذ تأسيسها، أدركت الإمارات أن التنمية الحقيقية تبدأ بالإنسان وتنتهي عنده، لذلك استثمرت مبكراً في التعليم والصحة وبناء القدرات، واعتبرت رأس المال البشري أثمن من أي مورد طبيعي. هذا الرهان على الإنسان، لا على النفط، هو ما منح التجربة الإماراتية قدرتها على الاستدامة والتجدد، وحوّل الدولة إلى بيئة جاذبة للمواهب والعقول. ما يميز النموذج الإماراتي أنه اختصر الزمن دون أن يختصر الجودة، ففي أقل من خمسة عقود، انتقلت الدولة من مرحلة التأسيس إلى موقع متقدم في مؤشرات التنمية البشرية والتنافسية العالمية. كما نجحت الإمارات في كسر القاعدة التقليدية التي تربط الدول النفطية بالاقتصاد الريعي الهش. فالتنويع الاقتصادي كان خياراً استراتيجياً مبكراً.
وفي الداخل، شكل التماسك الاجتماعي واحترام التعدد الثقافي قاعدة صلبة للاستقرار. أكثر من 200 جنسية تعيش وتعمل ضمن إطار قانوني واضح، يحكم الجميع بعدالة، ويحوّل التنوع من تحدٍ محتمل إلى قوة اقتصادية وإنسانية، أما الأمن والأمان، فكان أداة لتمكين التنمية وحماية الاستثمار وتحقيق الرخاء والازدهار.
خارجياً، لم تنعزل الإمارات عن العالم، بل جعلت من تجربتها التنموية منصة للتأثير الإيجابي، وشريكاً موثوقاً في التنمية العالمية والعمل الإنساني. إنها دولة لم تفكر بعقلية الحجم، ولا تصرفت بعاطفة اللحظة، بل بُنيت على رؤية بعيدة، وكفاءة عالية، وإدارة تعرف ماذا تريد.. ومتى؟
لهذا، لم تُبهر الإمارات العالم لأنها دولة غنية، بل لأنها دولة عرفت كيف تحول الرؤية إلى واقع. الإمارات ليست مجرد قصة نجاح، بل تجربة ملهمة تؤكد أن الرؤية الواضحة، والعمل المتواصل، والاختيارات الذكية، قادرة على صنع مستقبل أكثر ازدهاراً وثقة.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه
مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.