استثمار الظل في عقارات دبي

إسماعيل الحمادي

هناك نوع من الاستثمار العقاري لا يرتبط بمشروعات ضخمة أو إعلانات لافتة، بل بنقاط جغرافية صغيرة تغيّر القيمة في مناطق أكبر منها بأضعاف، وهذا ما نسميه «استثمار الظل في العقارات».

قد تجدون هذا المسمى غريباً نوعاً ما، وربما قد تسمعون به للمرة الأولى، ومن المحتمل أن يعرفه القليل فقط كواقع ملموس، لكن كمفهوم.. لا. استثمار الظل العقاري هو حركة غير معلنة، تسبق السوق وتصنعها. ولتقريب المفهوم أكثر، فعندما نراقب السوق العقارية من الأعلى، قد نظن أن الأسعار تتحرك بسبب الطلب أو شح المعروض، وهذه هي القاعدة المتعارف عليها في جميع الأسواق العقارية العالمية، لكن الحقيقة أن هناك سلسلة مستجدات صغيرة لا يتم الإفصاح عنها علناً، تخلق موجات صامتة تتحول تدريجياً إلى ذبذبات تجس نبض السوق بهدوء تام، وفجأة تصبح على شكل اتجاهات واضحة تصنع مشهداً عقارياً جديداً، وتقود القرارات الاستثمارية.

هنا نتكلم عن الاستثمار في المناطق الخفية التي لا يتم تناولها إعلامياً كثيراً، ولا يعتبرها الكثير ممن يسمون أنفسهم خبراء السوق مجزية استثمارياً. نحن هنا نتحدث عن مشروعات ومناطق كانت قبل سنوات منسية، مقارنة بمناطق أخرى يتهافت عليها الجميع. نتحدث عن أحياء لم تكن محسوبة على دوائر الاستثمار الأول قبل سنوات قليلة، لكنها اليوم أصبحت تُمثّل مؤشرات مبكرة تُقاس عليها اتجاهات السوق وتُبنى عليها التنبؤات المستقبلية، والسبب ليس المشروع نفسه، بل تلك التفاصيل الصغيرة التي تمت حوله: الطرق التي فتحت، والمدارس والمستشفيات التي بُنيت، والمخارج والمداخل وشبكات النقل التي أعادت رسم الحركة اليومية للسكان، وتلك الحديقة أو ذلك الممشى الذي تم إنجازه، فكل تلك التفاصيل هي موجات صامتة جعلت تلك المناطق والمشروعات تصنع الحدث العقاري اليوم ولاحقاً، وتؤثر في قرارات الشراء والبيع والإيجار وأسعارها.

هذا هو مفهوم «استثمار الظل في العقارات» يتحرك بصمت، ويُعيد تشكيل خريطة الأسعار من دون أن ينتبه إليه الكثيرون، ماعدا المستثمرين الأذكياء الذين يبحثون عن تلك «النقاط الصامتة» التي تبني القيمة قبل أن يراها الآخرون، تلك النقاط هي التي تتحكم في المشهد في كل دورة نمو عقارية بدبي.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

تويتر