الجماهير لا تطلب المستحيل

يوسف الأحمد

مرة أخرى يجد الشارع الرياضي نفسه أمام خيبة موجعة، بخروج منتخبنا من المحطة الفاصلة للتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2026، وكأن هذا السيناريو أصبح جزءاً من ذاكرة تتكرر كلما اقتربنا من هذا المحفل العالمي.

ما حدث لم يعد مجرد تراجع عابر، بل تحول إلى حالة دائمة من النتائج الباهتة، وغياب الهوية الذي ظهر بوضوح في مواجهات الملحق التي أهدرت ما تبقى من حظوظ، وحطّمت آخر ما كان للجماهير من أمل. فقد خاض «الأبيض» تلك المواجهات وهو يفتقد إلى الثبات والاستقرار، بينما اهتزت الروح وتكررت الأخطاء، وكأن اللاعبين دخلوا مشوار الملحق دون إدراك لصبر ومرارة السنين الطويلة، على الرغم من تمسك الجمهور بخيط الأمل حتى اللحظة الأخيرة.

ولاشك في أن فشل التأهل ليس مجرد عثرة، بل جرس إنذار صاخب يفرض التعامل معه بجدية قصوى، كون إصلاح الحال لن يتحقق بتغيير مدرب أو ببيان اعتذار يُضاف إلى سلة المبررات القديمة، وإنما عبر تغيير جذري يعيد بناء المنظومة من الأساس، بتغيير السياسات وتحديث اللوائح والأنظمة، بما يضمن تطوير الفرق والأكاديميات ثم الاستثمار الفعلي في العنصر المحلي، مع فرض سياسة الاستقرار الفني، وإرساء مبدأ الشفافية وتقييم المراحل، بما لا يسمح كذلك بتمرير الأخطاء.

الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن الطريق إلى منتخب قوي يبدأ من الأندية، لكن الواقع «هناك ما لا يبعث على الاطمئنان». فبينما تُفتح الأبواب أمام أسماء جاهزة ومستوردَة، يتم زج أبناء النادي إلى الهامش وتقليص حضورهم، وهو ما جعل الاعتماد على الأجانب خياراً مُلزماً للأندية بعدما تحول همّها إلى جني المكاسب السريعة على حساب تنمية العناصر المحلية، ليصبح ذلك عائقاً نحو بناء لاعب إماراتي قادر على حمل الشعار بثقة وحسّ وطني عالٍ، لتدفع منتخباتنا ثمن هذا الخلل المتراكم من استحقاق إلى آخر.

لذا فإن ما حدث أمام العراق وما أعقبه من خروج محبط، لم يعد مجرد نتيجة تُطوى صفحتها، بل هو رسالة يجب أن تُقرأ جيداً بأنه لا مستقبل لمنتخباتنا إذا بقيت الوعود بعد كل إخفاق، كون التراجع الكروي غير منطقي في وقت نمتلك فيه كل المقومات والممكنات التي تجعلنا في قلب المنافسة وبين الكبار. فالجماهير لا تطلب المستحيل، لكنها تريد منتخباً يقاتل بشخصية وهيبة، ويبرهن على أن الشعار مسؤولية وتاريخ.. نعم فقد طال الانتظار، فإما أن تُغيّر قواعد اللعبة أو نبقى خارجها إلى أجل غير مسمى.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

 

تويتر