شقق للمواطنين

عيسى عبدالله الزرعوني*

شاهدت تصريحاً لسمسار عقاري ينصح المواطنين بشراء بيوت شعبية مخصصة للمواطنين في كل إمارة و«تخزينها» للمستقبل، لأن «الزمن تغيّر وكل شيء ما راح يكون مثل قبل»، وجاءت تغريدته بعد تصريح معالي الوزير، بأن يتم توزيع شقق على المواطنين بدلاً من البيوت!

طبعاً لن نلوم الخبير العقاري على تغريدته، فكل شخص يستثمر الفرصة ليُروّج ما لديه، وتنتشر التكهنات والأقاويل في المنصات الاجتماعية وطرح الأسئلة: ماذا يجري؟ وهل هذا فعلاً سيتم تطبيقه؟ وكيف لا والذي أدلى بالتصريح هو الوزير نفسه؟!

ببساطة معاليه اختار الطريق السهل، بناء مجمع من البنايات وتوفير شقق لمقدمي طلبات السكن من المواطنين لتحقيق المستهدف.

وهنا تظهر أهمية الاتصال الحكومي في الوزارات، وأن تُطرح الأفكار بعد تشاور واضح ورسالة محكمة؛ لأن التصريح الذي لا يشرح مَن يستهدف وما خدماته يخرج «مبتوراً»، ويفتح باب التأويل. وجاء حديث «الشقق» في توقيت يشهد ذروة الإيجابية بإعلان 2026 عام الأسرة، وما يحمله من رسائل تشجّع على الإنجاب وجودة الحياة، فكيف تنسجم كل هذه الجهود مع صورة إبقاء عائلات في غرفتين أو ثلاث غرف؟

أمن قِلّة الأراضي أم كثرة العدد؟!

تجربة الشقق للمواطنين موجودة بالفعل في منطقة جبلية شحيحة الأراضي، وكانت اختيارية بالكامل: من أراد شقة بطابق كامل أخذها، ومن فضّل أرضاً حصل عليها في منطقة أخرى، لكن تعميم هذا النموذج لا ينسجم مع تنوّع احتياجات الأسر واختلاف أوضاعها.

وبالنسبة للأسر غير المتنامية كالأرامل والمطلقات وكبار المواطنين، فالحل الأمثل هو بيوت صغيرة مدمجة داخل الأحياء، قريبة من الأبناء والخدمات، تُبقي أصحابها جزءاً من النسيج الاجتماعي، لا في أطراف المدن. أما ربط حجم السكن بحجم الأسرة فقد يرسل رسالة معاكسة، وكأننا نُرسّخ نموذج الأسر المحدودة العدد بدل تشجيع الامتداد العائلي.

نعم، التحديات في هذا الملف كبيرة، لكن المطلوب دائماً اختيار الأفضل للناس لا الأسهل في التنفيذ.

وفي الختام، نثمّن حرص معالي الوزير وصدقه، وعساكم على القوة.

*إعلامي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

تويتر