دبي.. حين يتحوّل العقار إلى منظومة تنبض بالاقتصاد

إسماعيل الحمادي

لم تعد السوق العقارية في دبي مجرّد مساحة تعرض فيها المنتجات العقارية أو تقاس فيها قيمة الاستثمار بالمتر المربع فقط، بل أصبحت نموذجاً اقتصادياً متكاملاً يعكس قدرة المدينة على إعادة بناء مفهوم العقار أداةً تنمويةً تتجاوز حدود البيع والشراء.

ما يحدث اليوم هو انتقال واضح من مرحلة النمو التقليدي إلى مرحلة أكثر نضجاً، تُدار فيها المشروعات وفق منهج اقتصادي ذكي، يربط بين جودة التطوير وقوة التشغيل واستدامة العائد.

التحول الحقيقي ليس في ارتفاع الأسعار أو تزايد عدد الصفقات، بل في تغيّر عقلية المستثمر الذي بات يبحث عن مشروع يمنحه دورة حياة مستمرة، ويشغل قيمة العقار بذكاء، ويقدم تجربة استخدام تُعزّز من جاذبيته بمرور الوقت، فالربحية لم تعد في المساحة، بل في المنظومة الكاملة التي تحافظ على قيمة الأصل وتضمن تدفقاته المستقبلية.

وهنا يظهر دور الحوكمة الذكية التي تبني توازناً بين النمو والتحكم، وتحمي السوق من المضاربات القصيرة، وتدعم الاستثمار الحقيقي، فالسوق التي تنمو بسرعة تحتاج إلى رقابة مرنة تحافظ على إيقاعها، وتمنع التحول إلى طفرة مؤقتة تستهلك الطاقة بدل أن تنتجها.

القيمة اليوم تُقاس بجودة المنصات العقارية التي تربط المطور بالمستثمر والمجتمع، وبحجم الثقة التي تولدها تلك المنظومات، فنجاح المدينة لا يعتمد على عدد الأبراج التي تبنى، بل على العمق الذي تحققه المشروعات في الاقتصاد الوطني، وقدرتها في خلق نموذج عقاري يُحتذى عالمياً.

دبي اليوم تعيد رسم قواعد اللعبة في السوق العقارية، وتقدّم نموذجاً يوازن بين التطوير والاستدامة، وبين السرعة والعمق، وبين الجاذبية والإدارة الرشيدة.

ومن يدرك هذا التحوّل الآن، سيتمكن من قيادة مشهد الغد، لأن المستقبل في هذا القطاع لن يكون لمن يكرر الأساليب القديمة، بل لمن يملك القدرة على قراءة التحولات وصناعة القيمة الحقيقية.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

 

تويتر