دعوة مفتوحة للإبداع العقاري

محمد عبدالرزاق المطوع

دخلت دبي اليوم مرحلة جديدة من تطورها العمراني، تتجاوز مفهوم البناء إلى فلسفة الإبهار، فبعد اكتمال بنيتها التحتية على أفضل صورة، ونضج سوقها العقارية، بات التحدي الحقيقي ليس في حجم المشروعات أو سرعتها، بل في مدى الإبداع الذي يميّز كل مبنى ويجعل منه بصمة معمارية فريدة، تعكس روح المدينة المتجددة.

إن ما تحتاج إليه عقارات دبي الآن هو الانتقال من مرحلة «البناء والازدهار» إلى عصر «الإبداع والإبهار»، بحيث يتحول كل مبنى إلى أيقونة فريدة من نوعها تُمثّل بصمة فكرية وجمالية تُعزّز مكانة الإمارة إقليمياً ودولياً.

فالمباني المقبلة يجب أن تتحدث بلغة الفن والجمال، وتضيف بُعداً جديداً إلى هوية الإمارة العالمية التي جمعت بين الحداثة وروح الشرق.

ولقد أثبتت دبي قدرتها على تحويل أكثر الأفكار جرأة إلى حقائق مدهشة، ويكفي أن نتأمل متحف المستقبل، الذي لم يعد مجرد مبنى، بل أصبح بياناً معمارياً يختصر رؤية المدينة للعالم القادم، أو المشروع الجديد الذي أعلنته مجموعة الفطيم مقابل «دبي فيستيفال سيتي» كنموذج للتكامل بين الرؤية الاقتصادية والإبداع المعماري.

وانطلاقاً من هذا الزخم، تبرز الحاجة إلى تأسيس هيئة مستقلة للإبداع العقاري، تكون مهمتها تشجيع التصاميم الاستثنائية، وتسهيل الإجراءات أمام المطورين الذين يملكون أفكاراً خلّاقة ومشروعات غير مسبوقة.

هذه الهيئة يمكن أن تعمل كمظلّة تنسيقية بين دائرة الأراضي والأملاك والبلدية والجهات التنظيمية والمطورين، لتضمن أن تجد الأفكار الجريئة طريقها إلى التنفيذ، لا أن تتعطل في مسارات الترخيص التقليدية.

كما أقترح إطلاق جائزة سنوية كبرى للإبداع العقاري، برعاية جهة تنفيذية رفيعة المستوى، لتكريم أجمل وأذكى المشروعات، من حيث التصميم المعماري، والاستدامة، واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

مثل هذه الجائزة ستُحدِث طفرة في الذوق العمراني، وتفتح باب التنافس الخلّاق بين الشركات المحلية والعالمية.

ولا يقتصر الإبداع العقاري على الجمال البصري فحسب، بل يشمل الاستدامة والكفاءة في الطاقة والتكامل مع البيئة الذكية التي تتبناها دبي، فكل مبنى جديد يجب أن يقدّم قيمة مضافة للمدينة، سواء عبر فكرته المبتكرة أو أثره الإيجابي في جودة الحياة.

إننا اليوم أمام فرصة تاريخية لتحويل دبي إلى مختبر عالمي للإبداع المعماري، حيث تلتقي التكنولوجيا بالفن، والرؤية الاقتصادية بالجمال الحضاري، إنها دعوة مفتوحة لكل مهندس ومطور ومبدع، للمشاركة في رسم ملامح الجيل القادم من أيقونات دبي، لتظل المدينة الأجمل والأكثر إلهاماً في العالم.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

تويتر